دقّ باحثون متخصصون في علم الزواحف ناقوس الخطر بشأن “سياحة المحتوى التي باتت تترصد بزواحف مهددة بالانقراض بالمغرب، يقودها سياح أجانب بالمثلث الممتد بين سيدي إفني وأسا والعيون”.
جاء ذلك ضمن بيان مطول شديد اللهجة حمل تحذيرات “من تداعيات قيام السياح بجمع زواحف مهددة بالانقراض وأخرى مستوطنة، والتلاعب الحر (Free-handling) بأفاعٍ سامة أمام الكاميرا، كالكوبرا والقرناء والهيشة”.
وبحسب ما وثقه هؤلاء المتخصصون، فإن الأمر يتعلق بسياح، من بينهم إسبان، ظلوا يترددون خلال السنوات الثلاث الأخيرة على المناطق المُشار إليها تحديدا، بغرض “جمع أنواع مختلفة من الزواحف، بما فيها الورل الصحراوي والضبّ، على أساس تصويرها ثم إطلاقها بشكل عشوائي خارج موائلها الأصلية، وهو ما لا يمكنهم فعله في بلدانهم نظراً لصرامة القوانين هناك”.
“وتم توثيق هذه السلوكيات من قِبل الأشخاص أنفسهم الناشطين على منصّات التواصل الاجتماعي، طوال أكثر من ثلاث سنوات، عبر صور وروابط وتواريخ دقيقة”، يفيد المصدر نفسه، مردفا أن “هذا السلوك يسبّب إجهادًا للحيوانات وخلطًا وراثيًا، ويمكن أن يتسبب في نقل طفيليات وأمراض بين المواقع، وفي اضطراب في التوازن البيئي، فضلًا عن مخاطر مفترضة على السلامة العامة عند التعامل مع الأنواع السامّة”.
خرق للقوانين
جاء ضمن البيان نفسه أن “استقلالية المغرب في صون موروثه الطبيعي تقتضي ردع كل ممارسات الاتجار غير المشروع، والصيد والجمع غير المرخّص. والأهم أن هذه الأفعال يعاقَب عليها في الدول الأوروبية ذاتها، ومن غير المقبول التساهل معها على تراب المملكة”.
بناء على ذلك، جرى رفع مطلب “تفعيل الردع داخل المغرب لحماية الموروث الطبيعي الوطني، عملا بالقوانين الجاري بها العمل من نص القانون رقم 29.25 المتعلق بحماية أنواع النباتات والحيوانات البرية ومراقبة الاتجار بها”.
وبيّن المصدر عينه أن “هذه السلوكيات تسبب إجهادا للحيوانات وتتسبب في خلط وراثي ونقل طفيليات وأمراض بين المواقع، وكذا اضطراب في التوازن البيئي. ويمكن أيضا أن تشكل خطرا على السلامة العامة، لا سيما عند التعامل مع الأنواع السامّة منها”.
كما شدد على أن “هذه السلوكيات الموثقة تفسد توازن الأنظمة البيئية الهشة وتتسبب في خلط السلالات المحلية، مع العلم أن أي حادث لدغة قد يتحول إلى أزمة صحية وإعلامية”، موردا أن “حبس الزواحف في ظروف مهينة، ثم إطلاقها اعتباطيا، يسيء لجهود المغرب وسمعته البيئية والتزاماته الدولية من خلال المعاهدات ذات الشأن البيئي المصادق عليها”.
وفي المقابل، أشار البيان عينه إلى أن “من يريد معرفة زواحف المغرب فالباب مفتوح للعلم الرصين، ضمن الأطر القانونية ومع المختصّين، لا عبر مغامراتٍ متهوّرة تسعى وراء ‘البوز’ وتترك خلفها ضرراً طويل الأمد”، مطالبا كذلك بـ”توفير مراقبة ميدانية مُعزَّزة في البؤر المعروفة (سيدي إفني، كلميم، أسا، طانطان، العيون، تِغمرت…)، وبتشجيع الشراكات اليقظة بين الباحثين والسلطات لرصد البلاغات وتبادل الأدلة (صور، روابط، تواريخ، مسارات)”.
ويتبنى مضمونَ هذه الوثيقة، التي طالعتها هسبريس، كل من عبد الله بوعزة، أستاذ باحث بجامعة ابن زهر بأكادير، وعماد الشرقاوي، أستاذ باحث بالمعهد العلمي التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، إلى جانب سليم نايت، وهو باحث أيضا في هذا المجال. كما شارك في نشر هذا التنبيه باحثان إسبانيان ممن لهما إدراك بتطور الزواحف بالمغرب؛ الأول بغرناطة والثاني بمدريد.
“جرس إنذار”
أكد عبد الله بوعزة، متفاعلا مع الموضوع، أن “الوقوف عند هذه التجاوزات تم بتنسيق مع باحثين من إسبانيا ممن نبّهوا إلى ما يقوم به سياح أجانب بالمغرب، لا سيما بالمنطقة الرابطة ما بين سيدي إفني وأسا والعيون”.
وأكد الأستاذ الباحث بجامعة ابن زهر بأكادير، في تصريح لهسبريس، أن “نشاط هؤلاء ظل متواصلا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلى درجة أنهم باتوا يتخذون من ذلك هواية، من خلال القيام بنقل وتصوير زواحف وكائنات حية محمية بموجب القانون، ثم العمل على تحريرها بمناطق أخرى”.
وأوضح المتحدث أن “القيام بزيارات تفقدية مثل هذه تحتاج في الأساس إلى التوفر على تأمين خاص ضد الحوادث وتصريح قانوني”، متابعا: “يجب إلزام كل هؤلاء بطلب استشارة علمية أو تقنية من المعاهد والمختبرات المرتبطة بالجامعات المغربية حول أهداف البحث ومدى احترامه لأخلاقيات المهنة والمعايير الدولية والوطنية”.
وصرّح كذلك بأن “الزواحف ليست إكسسوارات للقيام بمحتويات رقمية، بل هي جزءٌ أصيل من إرث المغرب الطبيعي وهويته البيئية”، مبرزا أن “الأخطر أكثر في هذا الجانب هو التنسيق الجماعي فيما بين هؤلاء السياح بين الفينة والأخرى، مما يفرض القيام بحملات توعية عند نقاط العبور”، وفق تعبيره.