أخبار عاجلة
مسلسل ليلى الحلقة 40 والأخيرة.. وفاة نور -

ميليشيات "حزب الله" بلا سلاح؟ المعادلة تنقلب في لبنان

ميليشيات "حزب الله" بلا سلاح؟ المعادلة تنقلب في لبنان
ميليشيات "حزب الله" بلا سلاح؟ المعادلة تنقلب في لبنان

لا يُختصَر قرار نزع سلاح “حزب الله” في لبنان بكونه مجرد إجراء سيادي أو استجابة ظرفية لضغوط خارجية. إنها، بالمعنى السياسي العميق، لحظة حسم وطنية بين منطق الدولة ومنطق الميليشيا، بين السيادة الجامعة وسلطة السلاح المتفلّت، بين لبنان الممكن ولبنان الرهينة.

منذ اتفاق الطائف، ظلّ سلاح الحزب ملفًا معلّقًا على موازين إقليمية متقلبة، ونقطة تقاطع بين التوازنات الداخلية والدعم الخارجي. لكنّ الحرب الأخيرة التي خاضتها ميليشيات الحزب ضد إسرائيل، وما خلفته من دمار ودماء وخسائر بشرية وعسكرية جسيمة، أحدثت خلخلة غير مسبوقة في بنيتها، وقلبت المعادلات التي طالما احتمت بها. فتراجعت قدراتها، وتآكلت شبكة نفوذها، ولم تعد قادرة على فرض شروطها كما اعتادت، لا داخل الحكومة، ولا خارجها.

قرار الحكومة اللبنانية، الذي قضى بتكليف الجيش وضع خطة تنفيذية لحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية، ليس مجرد إعلان نوايا. هو انعطافة حقيقية في المشهد اللبناني، لأنه للمرة الأولى يُدرَج سلاح الميليشيات ضمن سياق تفاوضي رسمي تقوده الدولة، وتدعمه قوى دولية فاعلة، ويستند إلى اتفاق وقف إطلاق النار الأخير مع إسرائيل، الذي رعته الولايات المتحدة. وقد جاء الترحيب الفرنسي والأميركي السريع بالقرار ليكرّس بعدًا دوليًا متزايدًا في هذا الاتجاه.

لكنّ القرار، على جرأته، ليس بمنأى عن التحديات. فقد أعلنت ميليشيات “حزب الله”، المدعومة من إيران، رفضها المطلق له، واعتبرته خطيئة وطنية. ومما يلفت الانتباه أن وزير الخارجية الإيراني سارع إلى إعلان دعم بلاده الكامل لقرارات الحزب، مؤكدًا أن أي قرار بشأن سلاحه “يعود إليه وحده”.

فهل يحقّ لدولة خارجية أن تمنح أو تمنع في قضية سيادية تخص لبنان وحده؟ وكيف يمكن الحديث عن احترام سيادة الدولة اللبنانية، في وقت تُصادر قراراتها الدفاعية من خارج حدودها؟ إن التناقض الصارخ بين إعلان طهران عدم التدخل، وبين منحها “غطاء سياديًا” لميليشيات مسلّحة، يُثير تساؤلات جدية حول طبيعة العلاقة بين الدولة اللبنانية وحلفائها المفترضين.

الواضح أن ميزان الردع تغيّر، وأن المجتمع الدولي بات يضغط فعليًا لوضع حدّ لحالة الشذوذ الأمني التي تمثّلها ميليشيات “حزب الله” في الداخل اللبناني. فالإجماع الدولي على دعم سيادة الدولة، والتقارير المتواترة عن حجم خسائر الحزب وتدمير ترسانته العسكرية، وحتى حديث بعض دوائره عن تسليم سلاحه الاستراتيجي مقابل ترتيبات سياسية وأمنية، تؤكد أن الحزب في وضع تفاوضي لا في موقع “قتالي”.

لبنان، وهو يتلمّس طريقه للخروج من الانهيار الاقتصادي والانقسام السياسي، يحتاج إلى قرار سيادي جامع، يستعيد عبره منطق الدولة وإرادة المؤسسات. لا سلاح فوق الشرعية، ولا قوة خارج القانون، ولا شراكة مع من يحتكم إلى السلاح وقتما يشاء ويعطّل البلاد متى أراد.

قد لا يكون المسار سهلاً، وقد تعترضه محاولات الالتفاف والتهديد، لكنّ البديل المؤسف هو استمرار لبنان ساحة دائمة لحروب الآخرين.

إن الفرصة المتاحة اليوم في لبنان ليست لإضعاف طائفة أو استهداف طرف حزبي، بل لبناء دولة لبنانية متماسكة يتساوى فيها الجميع أمام القانون، ويُحصر فيها السلاح في يد مؤسساتها الشرعية وحدها. وإذا نجحت الحكومة في هذه المهمة، فإنها لا تنتزع فقط سلاحًا، بل تعيد إلى اللبنانيين جزءًا من وطنهم المصادَر منذ عقود.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق علي معلول يكشف عن أمنية تمنى تحقيقها مع النادي الأهلي.. وأخرى بعد الرحيل
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة