أخبار عاجلة

الممرات الصحراوية: الجغرافيا المثالية الآمنة للجماعات الإرهابية

الممرات الصحراوية: الجغرافيا المثالية الآمنة للجماعات الإرهابية
الممرات الصحراوية: الجغرافيا المثالية الآمنة للجماعات الإرهابية

تُعد الممرات الصحراوية، خاصة في منطقة الساحل الأفريقي وشمال إفريقيا، بيئة جغرافية فريدة تُشكل ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية بسبب اتساعها الشاسع، تضاريسها القاسية، وضعف الرقابة الحكومية. تمتد هذه المناطق عبر دول مثل مالي، النيجر، بوركينا فاسو، ليبيا، وتشاد، وتُستغل من قِبل تنظيمات مثل "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" و"تنظيم داعش الإرهابي في ولاية الساحل" لتهريب الأسلحة، نقل المقاتلين، توزيع الغنائم، وتأمين خطوط الإمداد. تتفاقم هذه التحديات مع آثار تغير المناخ، حيث ترتفع درجات الحرارة بوتيرة تفوق المعدل العالمي، مما يُعزز من هشاشة الدولة وقسوة الطبيعة، مخلقًا فراغًا مزدوجًا يُسهل استغلال هذه الممرات كشرايين لوجستية حيوية تغذي العمليات الإرهابية، وفقًا لصحيفة الإندبندنت البريطانية.

العوامل الاجتماعية والبيئية المساهمة

وتُساهم العوامل البيئية والاجتماعية في تعزيز جاذبية الممرات الصحراوية للجماعات الإرهابية. تغير المناخ، بما في ذلك الجفاف، الفيضانات، وتناقص الأمطار الموسمية، يُؤدي إلى تدهور الأراضي الزراعية وتآكل سبل العيش الرعوية والزراعية، مما يُفاقم الفقر والتهميش. هذه الظروف تدفع المجتمعات المحلية، مثل قبائل الطوارق والفولاني، نحو الانضمام إلى الجماعات المتطرفة بحثًا عن مصادر دخل أو حماية. في منطقة الساحل الوسطى، يتكامل هذا التدهور البيئي مع انعدام الاستقرار السياسي، خاصة في دول مثل ليبيا، حيث تُستغل الفوضى لإنشاء معسكرات تدريب وشبكات تهريب متكاملة مع الجريمة المنظمة، بما في ذلك تجارة المخدرات والبشر وتبييض الأموال.

استغلال الممرات في الأنشطة غير المشروعة

وتُشكل الممرات الصحراوية شبكة لوجستية حيوية للجماعات الإرهابية، حيث تُستخدم لتهريب الأسلحة، والمخدرات، والبشر، مما يوفر مصادر تمويل رئيسية. على سبيل المثال، في جنوب ليبيا، تُستغل الصحراء لنقل الأسلحة من مخزونات ما بعد سقوط نظام القذافي إلى مناطق الساحل، مما يُهدد أمن دول الجوار مثل مصر والسودان. بحسب تقرير "مجموعة الأزمات الدولية" (نوفمبر 2019)، فإن أكثر من 80% من إنتاج الذهب في بوركينا فاسو يأتي من التعدين الحرفي غير الرسمي، مما يتيح للجماعات الإرهابية فرض إتاوات أو السيطرة على المناجم. هذه الأنشطة لا تُعزز قدرات الجماعات فحسب، بل تُقوض سلطة الدولة عبر إنشاء اقتصاد ظل موازٍ يُوظف الموارد لكسب ولاء المجتمعات المحلية.

الشراكات الإثنية ودورها

تُعد البنية الإثنية العابرة للحدود عاملًا رئيسيًا في تعزيز نفوذ الجماعات الإرهابية. قبائل مثل الطوارق، الفولاني، والكانوري تتحرك بحرية عبر الممرات الصحراوية، غير معترفة بالحدود الاستعمارية، مما يمنح التنظيمات المتطرفة عمقًا اجتماعيًا واستراتيجيًا. 

وبعض هذه القبائل تُقدم الدعم أو التغاضي للجماعات مقابل الحماية أو الموارد، كما في شمال مالي حيث تُوفر بعض فروع الطوارق ملاذات آمنة. هذه الشراكات تحول المجتمعات المحلية إلى حواضن اجتماعية مرنة، مما يُصعب اختراقها أمنيًا. كما تُقدم الجماعات خدمات مثل حل النزاعات وتوزيع الموارد، مما يعزز شرعيتها المحلية على حساب الدولة المركزية.

وفقًا لكتاب "مسار نحو الأمن" الصادر عن "معهد توني بلير للتغير العالمي"، فإن منطقة الساحل شهدت في 2023 نحو 47% من الوفيات العالمية الناتجة عن الإرهاب، مع تصدر مالي وبوركينا فاسو قائمة النشاط الإرهابي في 2024. تستغل الجماعات المتطرفة معاناة السكان الناتجة عن التصحر وندرة المياه لاستقطاب المجندين، خاصة في مناطق التعدين الحرفي. الهجمات على مواقع التعدين تضاعفت بين 2019 و2024، حيث تستهدف الجماعات مثل "نصرة الإسلام" و"داعش- ولاية الساحل" الذهب كمصدر تمويل، مما يُعزز اقتصاد الظل ويُضعف قدرة الدولة على تنظيم هذا القطاع الحيوي.

التحديات والحلول المقترحة

مواجهة تهديد الجماعات الإرهابية في الممرات الصحراوية تتطلب نهجًا شاملًا يتجاوز التدخل العسكري. يُوصي معهد توني بلير بتبني "ميثاق الساحل" كإطار تنسيقي يدمج الأمن، التكيف المناخي، والتنمية. تشمل الحلول تعزيز التنسيق الإقليمي عبر مجموعة G5 Sahel، تحسين الرقابة الحدودية، وتطوير مشاريع تنمية مستدامة مثل تحسين الوصول إلى المياه والزراعة. كما يُعد تعزيز الحوكمة المحلية ودمج المجتمعات المهمشة أمرًا حاسمًا للحد من جاذبية الجماعات المتطرفة، خاصة في ظل تزايد الهجمات على البنية التحتية الحيوية (بزيادة 40% بين 2019 و2024).

وتتحول الممرات الصحراوية إلى شرايين استراتيجية تُغذي الإرهاب بفضل التداخل بين الجغرافيا القاسية، التفكك السياسي، والتدهور البيئي. مع استمرار التمدد الجغرافي للجماعات الإرهابية نحو دول مثل بنين وساحل العاج، يزداد خطر إنشاء سلطات موازية تُقوض الدولة المركزية. 

ورجحت الصحيفة البريطانية أن الحل يتطلب تعاونًا دوليًا وإقليميًا يركز على معالجة الأسباب الجذرية مثل الفقر، وتغير المناخ، وضعف الحوكمة، لضمان استعادة الاستقرار وتقليص نفوذ هذه التنظيمات في الممرات الصحراوية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق محمد منير يؤكد تعافيه من وعكته الصحية ويغادر المستشفى
التالى نقابة الصحفيين المصريين تجدد إدانتها للجرائم الوحشية للعدوان الصهيوني في غزة