شهد قسم النساء والتوليد بكلية الطب جامعة طنطا واقعة غير مسبوقة، بعد تقدم 8 نواب من أصل 15 باستقالاتهم خلال فترة قصيرة، احتجاجًا على ما وصفوه ببيئة عمل غير مرحبة وضغوط مهنية ونفسية شديدة.
وقالت الدكتورة رنين جبر، إحدى النواب المستقيلين، إنها تعرضت خلال 11 شهرًا من العمل بالقسم إلى ظروف قاسية تفوق قدرة التحمل، موضحة أن الإدارة أخبرتهم صراحة بأن وجودهم "غير مرحب به"، وطلب منهم تقديم استقالاتهم.
وأشارت "جبر" إلى أنها وزملاءها خدموا في القسم بتفانٍ دون مقابل يُذكر، حيث وصلت مدة النبطشيات إلى 72 و82 ساعة متواصلة، مع ساعات نوم لا تتجاوز الساعتين أو الثلاث في أفضل الأحوال، وغياب تام لأي تنظيم لراحة الأطباء أو تقسيم عادل للنوم.
وأضافت: "كنا ننام على الأرض أو على سراير المرضى، وأحيانًا على الكراسي، نظرًا لعدم وجود أماكن مخصصة أو بيئة مناسبة للراحة"، لافتة إلى أن النواب كانوا ملزمين بالتواجد في القسم قبل بداية النبطشية بساعات، وأحيانًا يتم استدعاؤهم منتصف الليل لأسباب كان من الممكن تأجيلها لليوم التالي.
كما روت تفاصيل حول ما وصفته بـ "نظام عقابي"، حيث يتم معاقبة النواب جماعيًا حال وقوع خطأ من أحدهم، فضلًا عن فترات حبس طويلة داخل المستشفى دون السماح لهم بالخروج حتى للاستحمام، أو النزول لأي سبب، وسط رقابة مفاجئة للتأكد من بقائهم داخل القسم.
وأكدت أن القسم فرض قيودًا صارمة على النواب، مثل عدم النوم أو التحرك إلا بإذن، وكتابة الشيتات الطبية عدة مرات، وتحمل أعباء لا علاقة لها بالتدريب الطبي، وصلت إلى حد أداء أعمال التمريض والعمال، حسب تعبيرها.
كما أشارت إلى مشكلات متكررة في تقديم أوراق الماجستير، والتأخر في الحصول على الفرص التعليمية مقارنة بزملائهم في تخصصات أخرى، مؤكدة أن بعضهم فشل في التقدم من الأساس رغم وعود الإدارة بأن نيابة الجامعة ستوفر فرصة للتعلم السريع.
وقالت جبر: "قضيت 11 شهرًا في القسم دون يوم راحة، قصّرت في حق أهلي ونفسي وصحتي وراحتي النفسية، وكنت أعمل بتفانٍ، لكن المقابل كان غيابًا تامًا لأي تقدير أو دعم. كنت أحلم أن أصبح طبيبة نسا ماهرة، لكن ما واجهته كان كفيلًا بتحطيم أي حلم."
وأكدت أن قرار الاستقالة جاء بعد استنفاذ كل السبل، موضحة أن القسم خسر مجموعة من النواب المجتهدين الذين كانوا يأملون في تقديم إضافة حقيقية، لكنهم اصطدموا بواقع مرير لا يليق بمكانة كلية طب عريقة ولا يحقق الحد الأدنى من بيئة التدريب المهني السليمة.
على جانب آخر أعلن الدكتور أحمد غنيم، عميد كلية الطب بجامعة طنطا، أنه وجّه بعقد اجتماع عاجل يضم إدارة قسم النساء والتوليد ونواب القسم، وذلك في أعقاب ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن استقالة 8 نواب من أصل 15 من القسم، وما صاحب ذلك من شكاوى حول ظروف العمل داخل المستشفى الجامعي.
وأوضح "غنيم" أن الاجتماع يهدف إلى بحث تفاصيل الأزمة والاستماع إلى كافة الأطراف من أجل الوقوف على حقيقة ما جرى، واتخاذ ما يلزم من قرارات بما يخدم مصلحة المنظومة الطبية والمرضى، ويضمن بيئة عمل عادلة للأطباء.
جاء ذلك بعد نشر الطبيبة رنين جبر عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك"، منشورًا مطولًا كشفت فيه عن ظروف قاسية وصفتها بغير الآدمية داخل قسم النساء والتوليد، وأكدت أنها قدمت استقالتها مع 7 آخرين بعد شعورهم بعدم التقدير وتعرضهم لضغوط نفسية ومهنية كبيرة.


