يعد التصحر من أخطر التحديات البيئية التي تواجه العالم العربي في الوقت الراهن، حيث يهدد بشكل مباشر الأمن الغذائي والتنمية المستدامة في العديد من الدول، وهذه الظاهرة البيئية، التي تتسارع بفعل التغيرات المناخية والنشاط البشري غير المستدام، أصبحت تمثل خطرًا حقيقيًا على الأراضي الزراعية، التي تعد مصدرًا رئيسيًا للغذاء والدخل لقطاعات واسعة من السكان.
وتشير التقارير البيئية إلى أن ما يقارب 70% من الأراضي الزراعية في بعض الدول العربية باتت مهددة بفقدان خصوبتها بسبب التدهور المستمر في التربة، وتراجع مستويات المياه الجوفية، وزحف الرمال على المساحات المزروعة وتعد المناطق القاحلة وشبه القاحلة، التي تغطي معظم المساحة الجغرافية للدول العربية، بيئة خصبة لانتشار التصحر إذا لم تعالج الأسباب الجذرية لهذه الأزمة.
تتعدد أسباب التصحر في المنطقة، فمنها ما هو طبيعي مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ومنها ما هو ناتج عن تدخل الإنسان، مثل الرعي الجائر، وقطع الأشجار، وسوء إدارة الموارد المائية، والإفراط في استخدام الأسمدة والمبيدات الكيماوية كما أن التوسع العمراني العشوائي يساهم بدوره في تقليص والحد من الرقعة الزراعية الصالحة للإنتاج.
وتكمن خطورة التصحر في تأثيره المباشر على الأمن الغذائي، إذ يؤدي إلى انخفاض المحاصيل الزراعية، وارتفاع أسعار الغذاء، وتزايد معدلات الفقر والهجرة من المناطق الريفية نحو المدن ،وقد رصدت منظمات دولية مثل الأمم المتحدة جهودًا متواضعة لمكافحة التصحر في الدول العربية، لكنها غالبًا ما تصطدم بعدم توفر الإرادة السياسية الكافية أو نقص التمويل.
تحتاج المنطقة إلى استراتيجيات فعالة تعتمد على إدارة مستدامة للموارد الطبيعية، وتشجيع استخدام تقنيات الزراعة الحديثة، وزراعة الغطاء النباتي، وتفعيل القوانين التي تحمي الأراضي الزراعية من الاستنزاف فمستقبل الزراعة في العالم العربي مرهون اليوم بقدرتنا على مواجهة التصحر بجدية واستباقية، لأن استمرار الوضع الحالي ينذر بأزمات بيئية واقتصادية واجتماعية يصعب احتواؤها في المستقبل القريب.
كما أن التصحر ليس مجرد مشكلة بيئية، بل هو تهديد وجودي يتطلب تعاونًا إقليميًا ودوليًا عاجلاً للحفاظ على الأرض والحياة في الوطن العربي،وتداعيات التصحر خطيرة جدًا وتستحق القلق فلابد من التحرك السريع.