تشير التوقعات إلى ارتفاع فواتير الكهرباء في 13 ولاية أميركية، وسط أزمة متفاقمة تقودها طفرة إنشاء مراكز البيانات على مستوى الولايات المتحدة.
وتشهد المنطقة -التي تديرها شركة بي جي إم (PJM) أكبر مشغّل لشبكات الكهرباء على مستوى الولايات المتحدة- اضطرابات في "سوق السعة".
وسوق السعة هو مزاد استباقي يُجرى لتحديد أسعار الكهرباء بالجملة للعام المقبل، ويهدف إلى ضمان إبقاء شبكة الكهرباء قادرة على تلبية الأحمال المتوقعة عبر توفير كهرباء كافية.
وكشف تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- أن السباق المحموم نحو التوسع في مراكز البيانات بالمنطقة، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار مزادات سوق السعة بمقدار 10 أضعاف، ما يُنذر باستمرار الضغط على شبكة الكهرباء في المنطقة، ويدفع باتجاه ارتفاع فواتير الكهرباء على المستهلكين.
ارتفاع فواتير الكهرباء
تتأهب فواتير الكهرباء في 13 ولاية أميركية -تمتد من ولايات وسط الأطلسي وحتى الغرب الأوسط، بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا- لارتفاع غير مسبوق.
وتشير نتائج المزادات الأخيرة لسوق السعة التي أجرتها شركة "بي جي إم" ارتفاعًا في الأسعار، وجاءت على النحو التالي:
- للعام 2024-2025: بلغ السعر 28.92 دولارًا لكل ميغاواط/يوميًا بمعظم المناطق.
- للعام 2025-2026: ارتفع السعر إلى 269.92 دولارًا لكل ميغاواط/يوميًا بمعظم المناطق.
- للعام 2026-2027: بلغ السعر 329.17 دولارًا لكل ميغاواط/يوميًا بجميع المناطق.
وأوضح التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي أن السعر للعام 2026-2027 كان من الممكن أن يكون شديد الارتفاع، لولا فرض مشغّل الكهرباء "بي جي إم" سقفًا سعريًا.
وسلّط التقرير الضوء على خروج المزادات عن مساراتها بسبب التغييرات التنظيمية والتأخيرات، فالغالب أن تُحدَّد الأسعار قبل موعد تسليمها بـ3 سنوات، لكن البيانات أظهرت أن المزاد الخاص بعام 2024-2025 أُقيم في ديسمبر/كانون الأول 2022، بينما جرى مزاد عام 2025-2026 في يوليو/تموز 2024، يليه مزاد 2026-2027 في يوليو/تموز المنصرم.
ومع زيادة زخم الذكاء الاصطناعي خلال المدة بين ديسمبر/كانون الأول 2022 ويوليو/تموز 2024، قفزت التوقعات لاستهلاك الكهرباء ضمن شبكة "بي جي إم"، لا سيما في منطقة دومينيون التي تضم "وادي مراكز البيانات" في شمال فرجينيا.
وأظهرت تقديرات عام 2022 ارتفاعًا في الأحمال بمنطقة دومينيون بنحو 5.7 غيغاواط بحلول عام 2037، بينما كشفت توقعات 2025 أن الطلب من مراكز البيانات سيتجاوز 20 غيغاواط في المنطقة خلال المدة نفسها، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
مراكز البيانات ترفع فواتير الكهرباء
تتركز غالبية مراكز البيانات في ولاية فيرجينيا -أكبر سوق عالمية لهذا القطاع- وتضم شركات كبرى على رأسها أمازون، لكنها تواصل التوسع -حاليًا- داخل شبكة "بي جي إم" لتمتدّ رقعتها إلى ولايات أخرى، مثل أوهايو وماريلاند.
ورغم أن معهد اقتصادات الطاقة يرى أن توقعات "بي جي إم" لنمو مراكز البيانات على مدى 20 عامًا مُبالَغ فيها، فإن السوق تتعامل على المدى القصير وكأنها واقع.
وفي ظل طفرة مراكز البيانات، وخصوصًا في شمال فرجينيا، بات المستهلك الأميركي يتحمّل تكلفة توسع البنية التحتية اللازمة لتلبية احتياجات تلك المرافق.
ووفقًا لتقديرات شركة الاستشارات "مونيتورينغ أناليتكس" -جهة مستقلة لمراقبة سوق شبكة "بي جي إم"-، فإن مراكز البيانات وحدها مسؤولة عن 63% من الزيادة في الأسعار خلال المزاد الأخير.
ويعني ذلك تسديد سكان الولايات ضمن شبكة "بي جي إم" فاتورة إضافية قدرها 9.3 مليار دولار في عام واحد، نتيجة الطلب على الكهرباء من مراكز البيانات.
ولم تكن واشنطن بمنأى عن هذه التداعيات، إذ بدأت شركة بيبكو (Pepco) منذ يونيو/حزيران (2025) فرض زيادات على الفواتير السكنية بمتوسط 21 دولارًا شهريًا.
ووفقًا لمكتب مستشار المستهلكين في العاصمة، فإن 10 دولارات من هذه الزيادة -أي نحو النصف- ترتبط مباشرة بارتفاع أسعار سوق السعة.
وبدءًا من يونيو/حزيران 2026، من المرتقب دفع سكان المنطقة مجتمعين 1.4 مليار دولار إضافية، نتيجة ارتفاع الطلب من مراكز البيانات، بحسب تقديرات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وتشير المستجدات الأخيرة إلى أن إمدادات الكهرباء قد تصبح عائقًا أمام نمو مراكز البيانات، وسيتطلب تلبية الطلب خلال العقدين المقبلين بناء محطات توليد جديدة داخل ولاية فرجينيا ومضاعفة الواردات؛ ما يستدعي استثمارات في البنية التحتية والنقل، بحسب دراسة أجرتها الهيئة التشريعية بالولاية.
وسيصطدم ذلك بعدّة قيود، منها:
- أن سرعة بناء محطات الكهرباء لن تواكب تطوير مراكز البيانات.
- التزام الولايات بالأهداف المناخية والطاقة النظيفة في الولايات.
- مدى استعداد المستهلكين في الشبكة لتحمُّل التكاليف.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
أسباب ارتفاع فواتير الكهرباء في 13 ولاية أميركية، من معهد اقتصادات الطاقة
