أمريكا تعيد إحياء منشأة «بادوكا» النووية.. مشروع بـ1.5 مليار دولار لتخصيب اليورانيوم

تخصيب اليورانيوم

أعلنت شركة "جنرال ماتر" الأمريكية الناشئة، المتخصصة في تقنيات تخصيب اليورانيوم، عن توقيع عقد إيجار مع وزارة الطاقة الأمريكية لبناء منشأة ضخمة لتخصيب اليورانيوم داخل موقع فيدرالي سابق في ولاية كنتاكي، وذلك ضمن مشروع استثماري ضخم تبلغ قيمته نحو 1.5 مليار دولار أمريكي.

تخصيب اليورانيوم في ولاية كنتاكي

من المقرر أن تُقام المنشأة الجديدة داخل محطة "بادوكا" السابقة لتفريغ الغازات، وهي منشأة تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، حيث أنشأتها الحكومة الأمريكية آنذاك ضمن برنامجها النووي بهدف إنتاج اليورانيوم المخصب، في البداية لأغراض تصنيع الأسلحة النووية، ثم لاحقًا لتغذية المفاعلات النووية بالوقود، إلا أن هذه المنشأة توقفت عن العمل وتم إغلاقها رسميًا في عام 2013.

ووفقًا لما أعلنته وزارة الطاقة الأمريكية، من المنتظر أن تبدأ أعمال البناء في المنشأة الجديدة في عام 2026، على أن تبدأ العمليات التشغيلية والإنتاج الفعلي في عام 2034، مشيرة إلى أن المشروع سيوفر نحو 140 فرصة عمل دائمة، بالإضافة إلى عدد غير محدد من الوظائف المؤقتة خلال مرحلة الإنشاء والتجهيز.

وقال سكوت نولان، الرئيس التنفيذي لشركة "جنرال ماتر"، خلال حفل الإعلان عن المشروع الذي أقيم في مدينة "بادوكا"، إن إعادة تشغيل هذا الموقع التاريخي من شأنها أن تدعم انطلاقة جديدة نحو استقلال الطاقة في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن المشروع يمثل خطوة استراتيجية في تعزيز قدرات أمريكا في إنتاج الوقود النووي محليًا.

وحضر حفل التوقيع عدد من كبار المسؤولين، من بينهم حاكم ولاية كنتاكي، آندي بشير، وعدد من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين، إلى جانب ممثلين عن وزارة الطاقة.

كمية اليورانيوم المخصب

رغم الإعلان عن تفاصيل العقد والموقع، لم تكشف"جنرال ماتر" عن كمية اليورانيوم المخصب التي تستهدف إنتاجها، كما لم تفصح عن التكنولوجيا التي تعتزم استخدامها في عمليات التخصيب، أو عن مصادر تمويل المشروع بشكل مفصل. 

وكانت الشركة قد أشارت، في وقت سابق، إلى أنها محتضنة داخل صندوق استثماري يُدعى صندوق المؤسسين، وهو صندوق رأس مال مخاطر يعد نولان شريكًا فيه.

وتعتمد الولايات المتحدة حاليًا بشكل كبير على واردات اليورانيوم المخصب من الخارج لتغذية مفاعلاتها النووية، خاصة من المملكة المتحدة وروسيا، وتُعد شركة "يورينكو" البريطانية واحدة من أبرز الموردين، حيث توفر نحو ثلث احتياجات السوق الأمريكي من مصنعها القائم في ولاية نيو مكسيكو.

ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية، فرضت إدارة الرئيس السابق جو بايدن حظرًا على واردات اليورانيوم المخصب الروسي، مع السماح بإعفاءات محددة حتى عام 2028، وهو ما زاد من الحاجة لتوسيع الإنتاج المحلي.

تعزيز إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب واليورانيوم منخفض التخصيب عالي التحليل

في هذا السياق، حصلت "جنرال ماتر" على منح من وزارة الطاقة الأمريكية، ضمن برنامج حكومي يهدف إلى تعزيز إنتاج نوعين من الوقود النووي محليًا: اليورانيوم منخفض التخصيب، واليورانيوم منخفض التخصيب عالي التحليل، ويُستخدم في المفاعلات النووية من الجيل الجديد والمتوقع تشغيلها تجاريًا بحلول عام 2030.

7600 أسطوانة من سداسي فلوريد اليورانيوم

قالت وزارة الطاقة إن عقد الإيجار الممنوح لـ"جنرال ماتر" يتضمن توفير ما لا يقل عن 7600 أسطوانة من سداسي فلوريد اليورانيوم، وهو المركب الأساسي الذي يُستخدم في عملية التخصيب، مشيرة إلى أن استخدام هذا المخزون في التخصيب سيُوفر على دافعي الضرائب الأمريكيين نحو 800 مليون دولار من تكاليف معالجة النفايات النووية، والتي كان من الممكن أن تُنفق إذا لم يُعاد استخدام هذا المخزون.

ولم تكن "جنرال ماتر" الشركة الوحيدة التي تسعى إلى تطوير مشروع تخصيب في موقع "بادوكا"، حيث تخطط أيضًا شركة "جلوبال ليزر إنريتشمنت"، المملوكة لشركة "Silex Systems" الأسترالية وشركة "Cameco" الكندية، إلى إقامة منشأة مشابهة في الموقع ذاته، وتُعد GLE واحدة من ست شركات حصلت مؤخرًا على عقود أولية من الحكومة الأمريكية لإنتاج وقود نووي محلي.

وتعتمد شركة GLE على تكنولوجيا الليزر في التخصيب بدلًا من أجهزة الطرد المركزي التقليدية، وتخطط لاستغلال مخلفات التخصيب التي خلفتها برامج وزارة الطاقة الأمريكية السابقة.

وقال نيما أشكيبوسي، نائب رئيس العلاقات الحكومية في شركة GLE، إن شركته في موقع متقدم من حيث الجاهزية التكنولوجية والجدول الزمني التنظيمي، مضيفًا أن GLE قد تكون أول من يحصل على ترخيص تشغيل من اللجنة التنظيمية النووية.

من جانبها، شددت شركة "جنرال ماتر" على أن الغالبية العظمى من المواد التي ستقوم بتخصيبها ستكون من مصادر محلية، مشيرة إلى أن وزارة الطاقة تحتفظ بمخزون من المخلفات القابلة للتخصيب سيتم الاستفادة منها في حالات نقص الإمدادات.