تحيي اليابان هذا الأسبوع ذكرى مرور 80 عاما على إلقاء الولايات المتحدة القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناكازاكي خلال الحرب العالمية الثانية.
أدت القنبلة الأولى يوم السادس من غشت 1945 إلى مقتل حوالي 140 ألف شخص في هيروشيما. وبعد ثلاثة أيام، قتل 74 ألف شخص في ناكازاكي.
القنبلتان
ألقت القاذفة الأميركية “إينولا غاي” القنبلة الذرية الأولى على مدينة هيروشيما في غرب اليابان.
انفجرت القنبلة على ارتفاع 600 متر عن الأرض بقوّة بلغت ما يعادل 15 ألف طن من “التي إن تي”.
وقتل عشرات آلاف الأشخاص فورا، بينما توفي آخرون جراء جروح أو أمراض أصيبوا بها نتيجة الهجوم في الشهور والسنوات التي تلت.
وبعد ثلاثة أيام، ألقت الولايات المتحدة قنبلة ثانية على مدينة ناكازاكي الجنوبية.
وما زال الهجومان المرة الوحيدة التي استخدمت فيها القنابل الذرية أثناء الحروب.
الهجومان
في هيروشيما، كانت “كرة النار الكثيفة” أول ما لاحظه الناس، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
ووصلت درجات الحرارة قرب موقع الانفجار إلى 7000 درجة مئوية تقريبا، ما أدى إلى تفحّم كل ما يقع ضمن نطاق ثلاثة كيلومترات.
وقال كويتشي وادا، وهو شاهد على الحدث كان يبلغ من العمر 18 عاما عندما وقع هجوم ناكازاكي: “أتذكر جثث الأطفال المتفحّمة وهي متناثرة كالحجارة في المنطقة التي شكّلت مركز” الهجوم.
يفيد خبراء اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحالات عمى مؤقت أو دائم بسبب شدّة الوميض وأضرار لاحقة مثل حالات إعتام عدسة العين.
وأدت زوبعة الحرارة الشديدة التي ولّدها الانفجار إلى اندلاع حرائق أتت على أجزاء كبيرة من المدينة الخشبية في معظمها. وتسببت الحرائق الكبيرة التي التهمت كل الأكسجين المتوفر في سقوط مزيد من الوفيات جراء الاختناق.
وتشير تقديرات إلى أن ضحايا الحرائق وحالات الاحتراق يشكّلون أكثر من نصف الوفيات المباشرة في هيروشيما.
أحدث الانفجار هزّة ضخمة أدت إلى تطاير الناس في الهواء، فيما سُحق آخرون تحت الأبنية المنهارة أو قتلوا أو جرحوا بالركام المتناثر.
تأثيرات إشعاعية
سجّلت حالات تسمم إشعاعي بعد الهجوم في أوساط كثيرين ممن نجوا من الانفجارات الأولى والعواصف النارية.
وشملت الأعراض الحادة التقيؤ وآلام الرأس والغثيان والإسهال والنزيف وتساقط الشعر، علما بأن التسمم الإشعاعي يتسبب في الوفاة لكثيرين في غضون أسابيع أو أشهر.
وواجه الناجون الذين عرفوا باسم “هيباكوشا” تأثيرات طويلة الأمد، شملت ازدياد مخاطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية واللوكيميا. وشهدت كل من هيروشيما وناكازاكي ازديادا في حالات الإصابة بالسرطان.
ومن بين 500 ألف ضحية إشعاعات من المدينتين أجرت “مؤسسة أبحاث التأثيرات الإشعاعية اليابانية الأميركية” دراسات عليهم، توفي حوالي 100 من اللوكيميا فيما عانى 850 من سرطانات ناجمة عن الإشعاعات.
ولم تعثر المجموعة على أية أدلة على تسجيل “زيادات كبيرة” في التشوهات الخلقية في أوساط أبناء الناجين.
التداعيات
سدد الهجومان الضربة القاضية للإمبراطورية اليابانية، التي استسلمت في غشت 1945، ليؤذن بانتهاء الحرب العالمية الثانية.
ودار نقاش بين المؤرّخين بشأن إن كان الهجوم الذري أنقذ حياة كثيرين في نهاية المطاف عبر وضع حد للنزاع ومنع وقوع غزو بري.
لكن هذه الحسابات لا تعني الكثير بالنسبة للناجين الذين عانى الكثير منهم من الصدمة الجسدية والنفسية على مدى عقود، فضلا عن الوصمة التي رافقت أحيانا الـ”هيباكوشا”.
ورغم معاناتهم، تم تهميش العديد من الناجين، خصوصا في ما يتعلّق بالزواج، نتيجة الأحكام المسبقة بشأن تعرّضهم للإشعاعات.
وبات الناجون وأنصارهم من بين الأصوات الأعلى والأقوى ضد الأسلحة النووية، حتى إنهم التقوا قادة عالميين دفاعا عن قضيتهم.
والعام الماضي، فازت مجموعة “نيهون هيدانكيو”، التي أسسها “هيباكوشا”، بجائزة نوبل للسلام.
وعام 2019، التقى البابا فرنسيس مع عدد من الهيباكوشا في هيروشيما وناكازاكي حيث ندد بـ”الرعب الذي لا يمكن وصفه” ودعا إلى تدمير الأسلحة النووية.
وعام 2016، أصبح باراك أوباما أول رئيس أميركي في منصبه يزور هيروشيما. ولم يقدّم أي اعتذار عن الهجوم، لكنه عانق الناجين ودعا إلى عالم خال من الأسلحة النووية.
وروسيا واحدة من نحو مئة دولة يتوقع أن تحضر مراسم إحياء الذكرى هذا العام في ناكازاكي، وهي أول مرة تدعى موسكو للمشاركة في هذه المناسبة منذ غزو أوكرانيا.