أحدث نشطاء أمازيغ مغاربة مجموعة فيسبوكية تتولى “رصد الأخطاء في كتابة الحرف الأمازيغي تيفيناغ في المؤسسات”، معتبرين أن هذه الخطوة “أساسية” في مسار الترافع عن مكانة الأمازيغية في الفضاء العمومي، حتى من الناحية الشكلية، وتجميع صور من مختلف مناطق المغرب، مع تقديم تصحيحات لغوية مقترحة، ما يمنحها “بعدا تفاعليا وترافعيا في الآن ذاته”.
وأكد القائمون على هذه المبادرة الرقمية، لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنها تستهدف “تسليط الضوء على حجم الاختلالات التي تشوب عملية إدماج الأمازيغية، خصوصا في الواجهات واللافتات الرسمية للمؤسسات العمومية، حيث تُسجَّل بشكل متكرر ترجمات مغلوطة، أو استعمال خاطئ لحرف تيفيناغ، أو حتى تمييز بصري بين اللغتين الرسميتين للمملكة”.
“مجموعة للاختبار”
قال عبد الله بادو، عضو المكتب التنفيذي للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، إن إحداث مجموعة فيسبوكية لرصد أخطاء الكتابة بالأمازيغية على واجهات المؤسسات العمومية يُعد مبادرة عملية وفعالة، لأنها تشرك عددا واسعا من الفاعلين والمهتمين، ما يمنحها طابعا جماعيا يمكن أن يُحدث فرقا في تعاطي المؤسسات مع الأمازيغية”.
بادو سجّل خلال حديثه لهسبريس أن “الكمّ الكبير من الصور والمنشورات التي تم تداولها داخل المجموعة يُبرز بشكل واضح أن السياسات التي اعتمدت منذ 2003 في هذا المجال لم تؤتِ أُكلها بعد، سواء من حيث الإملاء بحرف تيفيناغ أو من حيث احترام مبدأ المساواة في الحجم بين اللغتين الرسميتين على الواجهات”.
وشدد الناشط الأمازيغي ذاته، الذي أنشأ المجموعة، على “وجود تكرار للأخطاء، وعدم اللجوء إلى الاستشارة مع المختصين، سواء من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أو من خبراء اللغة الأمازيغية واللسانيين”، مبرزا أن “ما يثير الاستغراب هو أن مؤسسات عمومية، تتوفر على ميزانيات مهمة، ما زالت تتعامل باستخفاف مع موضوع إدماج الأمازيغية، رغم أن القانون التنظيمي يلزمها بذلك”.
واعتبر المفتش التربوي أن “الأخطاء الإملائية، على بساطتها الظاهرة، تكشف حجم التقاعس والتسويف، في الوقت الذي كان يتعين أن يمضي ملف الأمازيغية قدما”، مؤكدا أن “المجموعة ليست سوى خطوة أولى في مسار أوسع يهدف إلى تقييم السياسات العمومية المرتبطة بالأمازيغية في ضوء الدستور والخطب الملكية”.
وذكر بادو أن “المعطيات والأرقام التي تتداولها المجموعة تكشف أن كثيرا من الشعارات المرفوعة لم تكن سوى أدوات لخدمة رهانات انتخابية، دون أن تنعكس فعليا على مكانة الأمازيغية في الفضاء العمومي”، موردا أن “الأعضاء لا يكتفون فقط بالتوثيق والنقد، بل يقدمون أيضا مقترحات لترجمات تصحيحية، بشكل مجاني وتطوعي، تأكيدا على أن الهدف ليس التشهير، بل الدفع نحو التعامل مع ملف استراتيجي بحجم الأمازيغية بجدية واحترام”.
مكون وطني
مصطفى أوموش، ناشط أمازيغي باحث في اللسانيات، قال بدوره إن إحداث مجموعة فيسبوكية لرصد الأخطاء المرتكبة في الكتابة بحرف تيفيناغ “مبادرة ضرورية تروم تجميع هذه الزلاّت وعرضها على العموم بهدف فضح حجم الاستهتار الذي يطال اللغة الأمازيغية كلغة رسميّة للمملكة بحكم الفصل الخامس من دستور 2011”.
وأضاف أوموش، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذا الاستهتار يصدر عن مؤسسات رسمية وهيئات عمومية”، مسجلا أنه “في الوقت الذي يفترض فيها أن تكون حاملة لقيم المواطنة والاحترام الدستوري، تواصل هذه المؤسسات التعامل مع الأمازيغية كشيء زائد أو كإكراه إداري لا يتم التفكير فيه بجدية ولا يُمنح ما يستحقه من تدقيق وعناية”.
وأشار المفتش التربوي إلى أن “الغاية من هذه المجموعة ليست التهجم على أحد، بل تتبع مكامن الخلل، وجمع ملف موثق بالأخطاء والتجاوزات، تُصاغ على شكل بيانات رسمية قابلة للتوجيه إلى الجهات المسؤولة، مع تسمية الهيئات التي ترتكب، عن قصد أو غير قصد، هذه المجازر اللغوية في حق لغة أصلية للمغاربة”.
وأكد أوموش أن هناك آليات مؤسساتية يتعين الاستناد إليها في كتابة أسماء المؤسسات بالأمازيغية، من ضمنها “صندوق تحديث الإدارة العمومية ودعم الانتقال الرقمي واستعمال الأمازيغية الذي يدعم هذه المسألة، وكذا المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، باعتباره مؤسسة مرجعية في هذا الموضوع”، وشدد على “ضرورة إضفاء الجدية والصرامة على التعامل مع اللغة الأمازيغية، لا باعتبارها عبئا بل مكونا وطنيا وجب تعزيزه وتمكينه من الحضور اللائق في الفضاء العمومي”.