أنس الحجي: أسعار النفط تتلقى دعمًا من توقعات النمو

أعلن صندوق النقد الدولي تعديلًا صعوديًا لتوقعات النمو الاقتصادي العالمي خلال عامي 2025 و2026، في خطوة تدعم أسواق النفط، كما توصف بأنها تُمثّل مؤشرًا إيجابيًا لأسواق النفط والغاز خلال المرحلة المقبلة.

وبحسب مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، فإن رفع توقعات النمو من 2.8% إلى 3% لعام 2025، ومن 3% إلى 3.1% لعام 2026، يشير إلى نمو غير محسوب سابقًا.

ويرى الحجي أن هذه التعديلات تُسهم في تفسير استقرار أسعار النفط رغم زيادات الإنتاج الأخيرة من تحالف أوبك+، التي تجاوزت مليوني برميل يوميًا، مشيرًا إلى أن استمرار الطلب غير المتوقع هو أحد العوامل الكامنة خلف ذلك.

وأوضح أن أثر هذه التوقعات يمتد أيضًا إلى أسواق الغاز المسال، التي كانت تشير التقديرات السابقة إلى حدوث فائض فيها، غير أن الواقع أثبتَ العكس، في ظل طلب أعلى من المتوقع واستيعاب الأسواق كميات أكبر.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الحجي في مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، بعنوان "‏‏‏‏‏‏‏‏‏هل الاتفاق التجاري بين ترمب والاتحاد الأوروبي على حساب العرب؟".

توقعات الصندوق وتفسير أسعار النفط

أوضح الدكتور أنس الحجي أن تقرير صندوق النقد الدولي يُعدّ أداة تحليلية تفسّر أسباب تماسُك أسعار النفط خلال الأشهر الماضية، رغم قرارات تحالف أوبك+ بزيادة المعروض.

وأشار إلى أن سعر خام برنت ما يزال مستقرًا فوق مستوى 70 دولارًا للبرميل، حتى بعد ضخ نحو مليوني برميل إضافي في السوق، ما يُعدّ دلالة على وجود طلب أكبر من التقديرات المسبقة، ودعم من نمو اقتصادي لم يكن محسوبًا.

وبيّن أن الأسواق كانت تتوقع تباطؤًا في الطلب، في ظل الحروب التجارية وضرائب ترمب الجمركية، غير أن البيانات المحدَّثة أظهرت العكس، ما يعكس مرونة أكبر في الاقتصادات العالمية.

ورجّح أن استمرار تعديل التوقعات صعودًا قد يؤدي إلى موجة ارتفاعات جديدة في الطلب على الطاقة، خاصة حال توصُّل الإدارة الأميركية إلى تسويات بملفات النزاع التجاري الحالية.

الغاز المسال.. الفائض المتوقع لم يحدث

قال أنس الحجي، إن السيناريو نفسه ينطبق على الغاز الطبيعي المسال، إذ توقعت بعض التقارير وجود فائض في السوق العالمية خلال النصف الثاني من 2025، إلّا أن ذلك لم يتحقق.

وأضاف أن التحليلات السابقة لمنصة الطاقة المتخصصة توقعت غياب هذا الفائض قبل شهور، بناءً على معطيات متعددة، منها معدل استهلاك غير تقليدي في بعض الأسواق، وتأجيل تشغيل عدد من المشروعات الجديدة.

وشدد على أن الطلب على الغاز المسال جاء أقوى من المتوقع، ما دعم الأسعار ومنع انهيارها، في حين كانت التقديرات السابقة تشير إلى تراجعات حادّة بفعل تخمة المعروض.

وأشار إلى أن استمرار هذا الاتجاه سيعزز من أهمية الغاز والفحم والنفط خلال العامين المقبلين، رغم التوجهات العالمية نحو الطاقة المتجددة.

وحذّر أنس الحجي من اعتماد بعض التحليلات الإعلامية والمالية على بيانات مشوّهة عند قراءة أدوار الطاقة المختلفة، مؤكدًا أن انخفاض الطلب في حالات الركود لا يعني صعود الطاقة المتجددة على حساب التقليدية.

وأوضح أن الشمس تشرق والرياح تهب بغضّ النظر عن معدلات النمو أو الركود الاقتصادي، ما يعني أن الكهرباء المولدة من مصادر متجددة لا تتأثر مباشرةً بتقلبات الاقتصاد مثل الوقود الأحفوري.

وأكّد أن تراجع الطلب يؤدي تلقائيًا إلى تقليص إنتاج الفحم والغاز، وليس بسبب التزامات مناخية كما يروّج بعضهم، بل نتيجة تراجع الحاجة الفعلية للطاقة.

وأضاف أن هذا الخلل في التحليل يُنتج توقعات مضللة عن بلوغ ذروة الطلب على النفط، خاصة في الصين، أو الحديث عن تراجع طويل الأمد في الطلب العالمي، وهو ما يتناقض مع الاتجاهات الواقعية عند حصول انتعاش اقتصادي جديد.

نمو اقتصادي أكبر.. طلب أعلى على الوقود

اختتم الحجي تصريحاته بتأكيد أن أيّ زيادة في النمو الاقتصادي العالمي تعني زيادة تلقائية في الطلب على الطاقة، وهو ما يعزز دور الفحم والغاز والنفط في المزيج الطاقي مستقبلًا.

وأشار إلى أن استمرار صندوق النقد الدولي في تعديل توقعاته صعودًا -خاصةً إذا ترافقت مع حلول للأزمات التجارية- سيُنتج طلبًا أعلى بكثير من التقديرات السابقة على مصادر الطاقة التقليدية.

ورأى أن هذه التطورات تُمثّل أخبارًا إيجابية للأسواق، بما يدعم أسعار النفط والغاز والفحم، وتؤكد الحاجة إلى إعادة تقييم افتراضات ذروة الطلب وتوقعات التحول الطاقي في ظل الواقع الاقتصادي المتغير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..