في قلب الصحراء المصرية، حيث تتجلى عظمة التاريخ الفرعوني وتتشابك خيوط الماضي مع آمال المستقبل، تكشف مصر عن كنوزها المدفونة التي تحمل في طياتها وعدًا بمستقبل اقتصادي مزدهر، وهي مناجم الذهب، تلك الثروة التي عرفها المصريون القدماء، تعود اليوم لتتصدر المشهد كركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني.
واكتشافات حديثة، مثل منجم أبو مروات وتوسعات منجم السكري، تؤكد أن مصر تملك مخزونًا جيولوجيًا ضخمًا يمكن أن يضمن استقرارًا اقتصاديًا للأجيال القادمة.
وهذا التقرير، من بانكير، يأخذكم في رحلة عميقة إلى عالم مناجم الذهب المصرية، مستعرضًا أحدث الاكتشافات ودورها في رسم ملامح مستقبل واعد.
ثروة جيولوجية واعدة
وتعد الصحراء الشرقية المصرية بمثابة قلب نابض بالثروات المعدنية، حيث تحتضن أكثر من 270 موقعًا لاستخراج الذهب، منها 120 موقعًا تحتوي على عروق ذهبية واضحة.
ومن أبرز هذه المناجم منجم السكري، الواقع على بعد 30 كيلومترًا جنوب مرسى علم، والذي يعد أكبر منجم ذهب مكشوف في العالم.
وبدأ الإنتاج التجاري فيه عام 2009، وحتى فبراير 2023، أنتج المنجم حوالي 5.2 مليون أوقية ذهب، محققًا إيرادات تجاوزت 7.5 مليار دولار، وهذا المنجم ليس مجرد مصدر للثروة، بل رمز للإمكانيات الهائلة التي تكتنزها الأراضي المصرية.
وإلى جانب السكري، يبرز منجم إيقات الذي بدأ تجارب التشغيل التجاري عام 2023، ويعد إضافة نوعية لقطاع التعدين المصري.
كما يعتبر منجم البرامية، الواقع شرق إدفو، من أغنى المناجم باحتياطيات تقدر بحوالي 21 طنًا من الذهب موزعة على ثلاثة نطاقات.
وفي منطقة أبو مروات، كشفت أعمال الحفر الأخيرة عن تركيزات عالية تصل إلى 33.86 جرامًا من الذهب لكل طن، و419 جرامًا من الفضة، مما يؤكد وجود كنز جيولوجي هائل.
أبو مروات ومستقبل التعدين
وفي يناير 2024، أعلن ناجي فرج، مستشار وزير التموين لشؤون صناعة الذهب، عن اكتشاف منجم جديد في منطقة أبو مروات باحتياطي يقدر بـ290 ألف طن من الذهب.
وهذا الاكتشاف ليس مجرد إضافة عددية، بل نقطة تحول اقتصادية، حيث يُتوقع أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي لمصر من الذهب.
وتؤكد الدراسات الجيولوجية أن هذه المنطقة تحمل إمكانيات هائلة، مما دفع شركات عالمية للاستثمار فيها وسط دعم حكومي غير مسبوق.
كما شهدت منطقة وادي العلاقي اكتشافات واعدة، حيث أظهرت نتائج الحفر تركيزات عالية من الذهب والفضة، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لصناعة الذهب.
وفي إطار استراتيجية الدولة لتعزيز القطاع التعديني، أعلنت وزارة البترول عن خطط لإطلاق مزايدات عالمية جديدة للتنقيب عن الذهب، مع التركيز على الاعتماد على الكفاءات الوطنية، كما يتضح من مشروع منجم حنجلية وأم عود الذي يدار بتمويل ذاتي وإدارة مصرية خالصة.
دعم اقتصادي واستدامة للأجيال القادمة
وتسعى مصر إلى رفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5%، وهو هدف طموح يعتمد على استغلال الثروات المعدنية بشكل مستدام.
واكتشافات الذهب الجديدة، مثل تلك في أبو مروات، لا تعزز الاحتياطي النقدي فحسب، بل تسهم في خفض أسعار الذهب محليًا نتيجة زيادة المعروض، مما يخفف الضغط على المواطنين.
كما أن هذه الاكتشافات تخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، مما يدعم الاقتصاد المحلي ويوفر مصدر دخل مستدام للأجيال القادمة.
إصلاحات تشريعية واستثمارات عالمية
ولتحقيق هذه الرؤية، نفذت مصر إصلاحات تشريعية كبيرة لجذب الاستثمارات الأجنبية، ففي عام 2020، فازت 11 شركة عالمية بمزايدة للتنقيب عن الذهب في الصحراء الشرقية باستثمارات تزيد عن 60 مليون دولار.
كما شهدت صفقة استحواذ شركة أنغلو غولد أشانتي على شركة سنتامين، المشغلة لمنجم السكري، في سبتمبر 2024، بقيمة 2.5 مليار دولار، تأكيدًا على جاذبية القطاع التعديني المصري، وهذه الخطوات تظهر التزام الحكومة بتحويل مصر إلى مركز عالمي للتنقيب عن الذهب.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
