يبدو أن صادرات الغاز القطري إلى أوروبا تواجه خطرًا كبيرًا، في ظل إصرار القارة العجوز على تمرير ما يعرف باسم "قانون الاستدامة" الذي ترفضه الدوحة، ورد الأخيرة بالتحذير من إمكان بوقف الصادرات.
وبحسب تقارير اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، اليوم السبت 26 يوليو/تموز (2025)، فقد وجهت قطر رسالة تحذيرية شديدة اللهجة إلى الاتحاد الأوروبي، مهددة بإعادة النظر في صادراتها من الغاز الطبيعي المسال، على خلفية مشروع قانون أوروبي يُلزم الشركات بمسؤوليات موسعة تجاه قضايا العمالة والبيئة.
واعتبرت الدوحة أن التوجه الجديد يزعزع استقرار علاقاتها التجارية، لا سيما في قطاع الطاقة، وهو ما ينذر بوقف صادرات الغاز القطري إلى أوروبا.
جاء ذلك في رسالة رسمية وجّهها وزير الدولة لشؤون الطاقة، المهندس سعد بن شريدة الكعبي، إلى الحكومة البلجيكية، انتقد فيها التوجيه الأوروبي الجديد بشأن "العناية الواجبة لاستدامة الشركات"، مؤكّدًا أن البنود الواردة فيه تُقوّض سيادة الدول، وتضع شروطًا غير واقعية على منتجي الطاقة مثل قطر.
رسالة التحذير الأكثر وضوحًا
تعد رسالة وزير الطاقة القطري إلى بلجيكا، رسالة التحذير الأكثر وضوحًا حتى الآن، وهو ما قد يلقي بظلال على ملف الغاز القطري إلى أوروبا، في وقت تعتمد فيه دول التكتل الأوروبي بشكل متزايد على غاز الدوحة لتعويض النقص الناتج عن تراجع الإمدادات الروسية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022.
وقال الوزير سعد الكعبي في رسالته إن "الغاز القطري إلى أوروبا لن يكون بمنأى عن التبعات"، في حال إصرار الاتحاد الأوروبي على تمرير التشريعات الجديدة دون إجراء تعديلات جوهرية.
وأضاف: "دولة قطر وشركة قطر للطاقة قد تفكران بجدية في إعادة توجيه صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أسواق بديلة توفر بيئة تنظيمية أكثر ترحيبًا واستقرارًا"، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وسجّلت الدوحة اعتراضها على عدد من النقاط الأساسية في التوجيه الأوروبي، من بينها فرض خطة انتقالية إلزامية لمواجهة تغير المناخ، وربطها بهدف اتفاق باريس بحصر الاحترار العالمي تحت 1.5 درجة مئوية.
وأكد الكعبي أنه: "ليس لدى دولة قطر أو قطر للطاقة خطط للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية في المستقبل القريب"، معتبرًا أن التشريع الجديد يتجاوز صلاحياته و"يتدخل في سياسات الدول الوطنية".
بدوره، رفض المتحدث باسم بعثة بلجيكا لدى الاتحاد الأوروبي التعليق على الرسالة، التي سبق أن نشرتها صحيفة "فيلت آم زونتاغ" الألمانية، بينما أكدت المفوضية الأوروبية تلقّيها لرسالة مماثلة من قطر في 13 مايو/أيار الماضي.
يشار إلى أن دولة قطر تعد ثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عالميًا بعد الولايات المتحدة وأستراليا، وساهمت بنسبة تتراوح بين 12% و14% من واردات الغاز القطري إلى أوروبا منذ 2022.
قانون التوجيه الأوروبي الجديد
يُلزم قانون التوجيه الأوروبي الجديد الشركات الكبرى العاملة في الاتحاد الأوروبي برصد قضايا حقوق الإنسان والبيئة في سلاسل التوريد العالمية، مع إمكانية فرض غرامات تصل إلى 5% من الإيرادات السنوية على الشركات المخالفة.
وترى قطر أن يؤدي ذلك إلى تعقيدات غير ضرورية تعرقل تدفق الغاز القطري إلى أوروبا، وهو ما دفعها أكثر من مرة إلى التحذير من إمكان وقف صادرات الغاز القطري إلى أوروبا.

وعلى الرغم من أن المفوضية الأوروبية اقترحت إدخال تعديلات للتبسيط، بما في ذلك تأجيل بدء التنفيذ حتى منتصف عام 2028، فإن الدوحة ترى أن هذه الخطوات غير كافية لحماية مصالحها ومصالح شركائها في قطاع الغاز.
وتواجه صادرات الغاز القطري إلى أوروبا مستقبلًا مظلمًا في حالة تدهولا العلاقات، وهو أمر قد يمثل تهديدًا لأمن الطاقة في القارة العجوز، في الوقت الذي تسعى فيه لتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية وتعزيز تنوع إمداداتها.
وتختم الرسالة القطرية بتحذير مباشر: "الغاز القطري إلى أوروبا لن يبقى بمنأى عن خياراتنا السيادية، ما لم يُعد النظر في هذه التوجيهات التشريعية".
وفي ضوء هذه التطورات، يبرز الغاز القطري إلى أوروبا كمؤشر حساس للتجاذب بين المصالح الاقتصادية والضغوط البيئية، في وقت يسير فيه الاتحاد الأوروبي على خط رفيع بين الاستدامة وأمن الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..