في كل مرة أضع قلمي على الورق، أبحث عن صدق اللحظة قبل جمال العبارة.. أكتب لا لكي أُرضي، ولا لكي أُجامل، بل لأن في قلبي شيئًا يشبه النبض، لا يهدأ إلا حين يتحول إلى كلمات.
تعلم، يا صديقي القارئ، أن هذه المساحة التي أكتب فيها لك كل يوم، ليست إلا مرآة لما يجول في خاطري: أفكار، انتقادات، خواطر، أمنيات لوطنٍ نحمله في دمائنا لا في جوازات سفرنا.. كتبت فيها عن أسماء كثيرة.. امتدحت البعض، وانتقدت أكثر.. لكني اليوم أكتب بفرحٍ لا يخجل من نفسه، عن زميل وأخ، لم تختره الصدفة بل اختاره المشوار.. اسمه محمد عراقي.
محمد عراقي، ذلك الاسم الذي بالتأكيد مر عليك إذا كنت من عشاق الساحرة المستديرة، لكنك إن التقيته مرة، تشعر وكأنك تعرفه منذ أعوام.. فيه من طيبة القلب ما يكفي لتهدأ أمامه العاصفة، وفيه من أدب الصحافة ما يعلمك أن الصدق لا يحتاج إلى صراخ.
ليس سهلًا أن تصعد في هذا المجال.. المهنة قاسية، والتسلق فيها لا يأتي إلا بدرجات متعبة.. لا أحد يصعد بالمصعد إلى القمة، إلا ليسقط سريعًا.. أما محمد عراقي، فكان يعرف الطريق.. حفِظه بالعرق، وسار فيه بالشغف والطموح والحب نعم حب الزملاء لأنه لا يتأخر عن أحد.
وحين جاءته الفرصة، لم يتعجل.. انتظر حتى آن أوان الحصاد، فكان "ميركاتو".. البرنامج الإذاعي الذي لم يُشبه سواه، على إذاعة "أون سبورت إف إم".
منذ الحلقة الأولى، شعرت أن هناك جديدًا حقيقيًا يُقدم.. ليس مجرد "تجميع أخبار"، بل تصريحات ساخنة، حوارات أولى بعد الانتقالات، تحليلات تُصيب هدفها، ونقاشات تُشبه جمهور الكرة في مصر: حادة أحيانًا، لكنها حقيقية دومًا.
ما أعجبني أكثر، أن البرنامج لا يركض وراء "التريند"، بل يصنعه.. لا يبيع الوهم، بل يعرض تصريحات مميزة بصوت النجوم.
وهل يُخجلنا أن نقول أحسنت؟
عراقي في "ميركاتو"، لم يكن مقدمًا فقط، بل عاشقًا يُداعب الميكروفون وكأنه يحكي لصديقٍ قديم عن شغفه الأول: الصحافة الرياضية.. يترك لك انطباعًا بأن كل كلمة في الحلقة تم اختيارها بعناية، وكل ضيف تم انتقاؤه بذكاء، وكل موضوع نابع من فهمٍ عميق لما يريده المستمع لا ما يُطلب منه أن يسمعه، وهنا الفارق الذي أتحدث عنه دومًا.. هناك فرق بين المقدم (الصحفي) والمقدم (المذيع).
سألت نفسي سؤالًا بسيطًا لكنه ظل يطرق باب القلب بإلحاح: لماذا لا نشيد ببعضنا كزملاء؟ لماذا نتردد في التعبير عن إعجابنا بنجاح الآخر؟
نخشى أحيانًا أن يُفهم صدقنا مجاملة، أو يُفسر تقديرنا ضعفًا، مع أن أبسط قواعد الإنسانية أن تفرح لفرح من تعرف، وأن تقول كلمة طيبة حين تستحق أن تُقال.
التعبير عما بداخلنا لا ينبغي أن يبقى حبيس الصدر.. لا بأس أن نقولها على الملأ: نعم، هناك من ينجحون بشرف، ويصعدون بالسعي لا بالصوت العالي، ويستحقون أن نسلط عليهم الضوء لا أن نغار منهم.
أكتب اليوم لا لأنني زميل لعراقي الذي بالمناسبة لم أره منذ أكثر من 10 أعوام، بل لأن النجاح حين يُولد من الصبر، ويُزينه الإخلاص، يصبح واجبًا علينا أن نصفق له، لا من باب المجاملة، بل من باب العدل.
في النهاية، أكتب اليوم لأنني تذكرت أن وراء كل صوت ناجح، حكاية تعب لا تُروى، وأن من يحترم الناس في عمله، لا بد أن يحترموه يومًا ما.. وهذا ما حدث، وهي رسالة لكل من يقف وسط المشوار.. “استمر! ستصل”.
فإليك يا عراقي وكل زملائي المخلصين، هذه الكلمات، لا لتزين صفحتك، بل لتُسجل في أرشيف الوفاء:
استمر كما أنت.. صادقًا، شغوفًا، وهادئًا كمن يعرف أن الطريق لا يزال طويلًا، لكن القلب فيه ما يكفي من العزم ليستمر.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.