أكد حسن طارق، وسيط المملكة، “الحاجة الماسة إلى التفاعل المتواصل فيما بين هيئات الحكامة وباقي المؤسسات الرسمية بالمملكة، بعدما مرّت العلاقة بينها بمراحل من سوء الفهم ولحظات من البرود، وفي ظل وجود تفسيرات متعددة لهذه الوضعية”.
وأوضح طارق، خلال لقاء دراسي احتضنته لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب وخُصص لعرض التقريرين السنويين لمؤسسة وسيط المملكة لسنتي 2022 و2023 وتقديم التوضيحات والتفسيرات الضرورية بشأنهما، اليوم الأربعاء، أن “العلاقة بين هذه المؤسسات تعرف مجموعة من الاحتكاكات”، مبرزا أن “البعض يرى أن العادي هو الوصول إلى مستوى علاقات موصومة بالأنانية ما بين الطرفين”.
كما أشار وسيط المملكة إلى أن “هيئات الحكامة، في المجمل، تعني مساحة إضافية للحوار والدفاع عن الحقوق والمرجعيات الكونية، وتعتبر مكملة للمؤسسات التمثيلية المُنتخبة”، داعيا إلى “حسم التعامل فيما بينها خارج “مربع احتكار الشرعيات والتوتر”، وفي إطار مقتضيات النظام الدستوري للمملكة لما بعد سنة 2011”.
ولمس المسؤول ذاته ما اعتبره “تحسّنا في قنوات استقبال الطلبات والوصول إلى الوساطة المؤسساتية أمام الإدارة المغربية”، كاشفا كذلك أن “مؤسسة وسيط المملكة تجاوزت عتبة سوء الفهم فيما بينها وبين المواطنين، على اعتبار أن الملفات الواردة عليها صارت ترتبط بنطاق تدخّلها الواضح”.
ولدى حديثه عن المعطيات التي وردت ضمن التقريرين السنويين لسنتي 2022 و2023، كشف وسيط المملكة أن “قطاع الداخلية يبقى على رأس الإدارات التي ترد بشأنها شكايات وتظلمات المواطنين، متبوعا بقطاعي العدل والاقتصاد والمالية، ثم قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وباقي القطاعات الأخرى”.
تنفيذ التوصيات
بيّن حسن طارق أن “الطلب على الوساطة بالمغرب من قبل المواطنين لا يزال فعلا وسلوكا حضريا بامتياز، إذ تأتي غالبية الشكايات والتظلمات من الوسط الحضري، وهي مسألة مبرّرة بكون هذا الأخير يتضمن جميع الإدارات”.
ووفقا للمعطيات التي تم تقديمها خلال اللقاء البرلماني المذكور، فإن هذه الشكايات والتظلمات التي تتوصل بها مؤسسة وسيط المملكة تخصّ في فحواها اختلالاتٍ نمطية مُزمنة (تنفيذ الأحكام القضائية، جواب الإدارة وعدم تواصلها..)، وأيضا جيلا جديدا من الاختلالات (الحماية الاجتماعية، البحث العلمي، إعادة الإسكان..).
وأفاد وسيط المملكة بالتمكّن من تسوية عدد مهم من الملفات والشكايات التي تم التوصل بها خلال سنتي 2022 و2023، مع حفظ بعضها بالنظر إلى عدم كفاية الوثائق المرفقة بها، أو عدم استيفائها للشروط الشكلية اللازمة، وكذا بفعل عدم الاختصاص.
كما تأسّف لـ”تقاعس إدارات مختلفة في تنفيذ التوصيات التي تصدر عنا كمؤسسة، مما يعبّر عن طريقة معينة للتعامل معنا”، متابعا: “نتلقى تجاوبا كبيرا من قبل جماعات قروية ومجالس مقاطعات؛ لكننا نجد دائما مشكلا كبيرا مع جماعة الدار البيضاء، على سبيل المثال، حيث نحس بأننا أمام إدارة لا تتجاوب. ومع ذلك، تظل المؤسسة منفتحة على أية خطوة لمعالجة هذا الوضع المقلق”.
وأوضح أن تفعيل التوصيات والمقترحات التي يتم التقدم بها “لا يزال يواجه نوعا من التردد لدى بعض الإدارات؛ ما يستدعي تقوية آليات التتبع والمساءلة لترسيخ ثقافة احترام الوساطة المؤسساتية والقرارات الصادرة عنها”.
واستشهد طارق بكلام لمحمد بنعليلو، وسيط المملكة السابق، للتأكيد على أن “الأرقام التي ترد ضمن التقارير السنوية للمؤسسة لا تعكس كل الحقيقة، ولا تصف كل المظالم؛ بل هي فقط عبارة عن عيّنة دراسية ذات تمثيلية”.
خطوات مستقبلية
خلال اللقاء، برحاب لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب، كشف المسؤول ذاته عن التوجه نحو تغطية مختلف جهات المملكة بمندوبيات جهوية لمؤسسة وسيط المملكة، مع إمكانية توفير تمثيليات محلية لها أيضا؛ وذلك في إطار تنزيل مخطط استراتيجي يهم الفترة ما بين 2026 و2030، وسعيا إلى ضمان مبدأ القرب الذي لا يعتبر ترفا.
وأكد كذلك أن هذه المؤسسة، التي يشرف عليها، سجّلت “اختلالات مؤكدة من قبل إدارات معينة علاقة بضمان المناصفة فيما بين النساء والرجال”، كاشفا أنه “سيتم مستقبلا تنظيم حوار وطني يجمع مختلف الأطراف، من جمعيات ووزارات، بغرض إعداد تقرير عن كل ما يتوجّب تغييره على مستوى القوانين المنظمة لعلاقة المواطنين بالإدارة، وبالرجوع إلى المضامين الدستورية التي تؤكد على ضرورة إعمال المناصفة تجاه النساء”.