أخبار عاجلة
مهرجان يناقش التنمية في أسا الزاك -

"السترات الصفراء" تشعل غضب المغاربة من إتاوات ركن السيارات

"السترات الصفراء" تشعل غضب المغاربة من إتاوات ركن السيارات
"السترات الصفراء" تشعل غضب المغاربة من إتاوات ركن السيارات

تتنامى في عدد من المدن المغربية مظاهر استغلال الملك العمومي من طرف أشخاص يرتدون “سترات صفراء”، يفرضون إتاوات على السائقين مقابل ركن سياراتهم في الشوارع، دون سند قانوني أو تفويض رسمي، ما بات يشكل مصدر قلق كبير للمواطنين، ومؤشرا على التراخي في تطبيق القانون.

ويتزامن تزايد ظاهرة “السترات الصفراء” مع فترة العطلة الصيفية، حيث تشهد المدن المغربية، وخاصة الوجهات السياحية والساحلية، إقبالا كبيرا من الزوار والمصطافين، ما يُغري العديد من الأشخاص باستغلال هذا التوافد لفرض مبالغ مالية مقابل ركن السيارات في الشوارع العامة. هذا الارتفاع الموسمي في الطلب على مواقف السيارات، في ظل غياب تنظيم صارم، يفتح الباب أمام تفشي الفوضى واستفحال ممارسات الابتزاز والضغط، خاصة في المناطق القريبة من الشواطئ، المراكز التجارية والأسواق الكبرى، حيث يجد المواطن نفسه مضطرا أحيانا للامتثال تحت التهديد أو لتجنب المشاحنات.

وفي هذا السياق، عبّر عدد من الفاعلين في المجتمع المدني والخبراء في تدبير الشأن المحلي عن استيائهم من استمرار هذه الظاهرة، معتبرين أنها تمس بحقوق المواطنين، وتُقوّض الشعور بالأمان، وتُعطّل جهود الدولة في تنظيم الفضاءات العامة وتشجيع الاستثمار وتحسين جاذبية المدن.

وقال محمد النحيلي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للجماعات المحلية، إن ظاهرة “السترات الصفراء”، التي ترمز إلى من يسيطرون على مواقف السيارات بالشوارع العامة بدون وجه حق، أضحت مصدر قلق كبير للمواطنين، ومؤشرا مقلقا على التراخي في تطبيق القانون، بما له من تداعيات تمس الأمن اليومي، وتهدد مستقبل المدن في مجالات الاستثمار والتنمية الحضرية.

وأضاف النحيلي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هؤلاء الأشخاص لا يكتفون بابتزاز المواطنين وإجبارهم على الأداء مقابل التوقف في أماكن عمومية، بل يعرقلون بشكل مباشر عمل شركات التنمية المحلية التي تسعى لتنظيم مواقف السيارات بشكل عصري وقانوني. بل الأسوأ من ذلك أن بعضهم يلجأ إلى التهديد بالعنف، والاعتداء الجسدي، وتخريب السيارات، ما يُحدث حالة من الرعب لدى السائقين، ويقوّض الشعور بالأمان في الفضاء العام”.

وأكد أن “ما يزيد الطين بلة، هو وجود مجموعات في الخفاء تستغل هشاشة حاملي السترات، وتُجبرهم على الاشتغال لصالحها بشروط استغلالية، مقابل الحصول على حصة من المداخيل اليومية. هذه العلاقة القائمة على الاستغلال والتبعية غير القانونية تكرّس منطق المافيات داخل فضاء من المفروض أن يكون تحت سلطة القانون”.

وذكر النحيلي أنه “أمام هذا الوضع، لم يعد الصمت مقبولا. فشوارعنا أصبحت تُدار خارج منطق المؤسسات، والملك العمومي يُحتل بالقوة. المواطن، السائح، المستثمر، وحتى المقاولات المكلفة بتدبير المرافق الجماعية، أصبحوا جميعا ضحايا لهذا الخلل العميق. فهل يُعقل أن يتحول الوقوف المؤقت إلى مشاحنات وابتزاز، وقد تصل الأمور إلى حد الجريمة كما حدث في فاس والسعيدية وغيرهما؟”.

ونبه المتحدث إلى أن “مشهد رجل ببدلة صفراء يتوسط الطريق، يمنع أو يسمح بالركن حسب هواه، ويطلب أداء دون وجه قانوني، ليس فقط مشهدا مخجلا وغير حضاري، بل هو تهديد مباشر لصورة المدينة، ولجاذبيتها الاستثمارية، ولأي مشروع يروم عقلنة تدبير الشوارع والفضاءات العامة”.

وقال: “لمواجهة هذه الفوضى، بدأت تظهر مبادرات مدنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفضح هذه الممارسات وتطالب بوقفها، وتدعو إلى تحرير الشارع من المحتلين وتطبيق القانون في حق المعتدين على الملك العمومي. وهي خطوة مجتمعية مهمة، يجب أن توازيها إجراءات صارمة من طرف وزارة الداخلية والجماعات الترابية تقطع الطريق أمام هذا العبث، وتعيد الهيبة للشارع كمجال مشترك منظم ومحمي”.

وأضاف: “كما بات من اللازم وضع حد لهذا النشاط العشوائي، وإدماج من يستحق من العاملين به في صيغ قانونية ومؤطرة عبر شركات للتنمية المحلية، بشروط تضمن كرامتهم وتحمي حقوق المواطنين في المقابل. ويجب أن يكون كل حارس معروف الهوية، حاملا لبطاقة مهنية، ويخضع للمراقبة، مع تخصيص خطوط هاتفية للتبليغ عن التجاوزات”.

وشدد النحيلي على أن “الوقت حان لوقف هذه المهزلة. فالشارع ليس ملكا لأحد، ولا ينبغي أن يكون مصدر رعب أو إذلال للمواطنين، أو عائقا أمام تطوير مدننا. الفضاء العام ليس زريبة ماشية ولا ‘غنيمة حرب’ توزع بين سماسرة وفاسدين وبلطجية. إنه حق جماعي، ومرفق يجب أن يُدار بكفاءة وشفافية في دولة تحترم القانون”.

ووجه الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للجماعات المحلية “دعوة مفتوحة إلى وزارة الداخلية والجماعات الترابية للتدخل الحازم، وإنهاء هذا الوضع غير المقبول، عبر خطة شاملة تُعيد للشارع هيبته كمجال عمومي منظم، وتُؤطر من يستحق من هؤلاء الحراس في إطار قانوني يضمن كرامتهم ويصون حقوق المواطنين في المقابل”.

وأشار إلى أن “عددا كبيرا من المواطنين يعبرون عن استيائهم من تمادي هؤلاء الأشخاص في فرض مبالغ مالية دون أي سند قانوني، بل يصل الأمر في كثير من الأحيان إلى التهديد، السب، والشتم عند رفض الأداء. ويشير البعض إلى أن النساء، بشكل خاص، يتعرضن لمضايقات مستفزة إذا رفضن دفع الإتاوة، حتى في الوقوف العابر مثل شراء الخبز أو قضاء أغراض بسيط”.

وقال إن “هؤلاء الحراس باتوا سرطانا مجتمعيا خبيثا”، موردا أن “المواطن المغربي يؤدي ضريبة السير والجولان (لافينييت) التي تتيح له حق استعمال الشارع العام، وليس من المعقول أن يُفرض عليه أداء جديد غير قانوني مقابل ركن سيارته”.

من جانبه، قال مصطفى المايا، رئيس جمعية حماية المستهلك بسلا عضو الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، إنه “رغم كل الجهود، لا تزال الظاهرة مستمرة في بعض المناطق”

وأوضح المايا، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “رغم الحملات التوعوية، تجد من يفرض عليك الأداء مقابل التوقف أو ركن السيارة، حتى في الأماكن غير المخصصة لذلك”.

وأضاف أن “المشكل هو أن كل واحد أصبح يسيطر على شارع أو حي بالقرب من منزله أو بالقرب من إدارات عمومية، والناس يأتون لقضاء أغراضهم، فيُفاجؤون بمن يطلب منهم المال، وإذا رفضوا يُمنعون من التوقف أو يُضايقون”.

وتابع: “السلطات المحلية تمر وتعاين، ولكن دون تفاعل حازم”، موردا: “نحن بدورنا نبلغ وننبّه، لكن هذا السلوك غير معقول”.

وأكد المايا أن جمعية حماية المستهلك بسلا تتلقى شكايات متكررة في هذا الموضوع، معلنا أنه سيتم تنظيم حملات تحسيسية قريبا، وطرق أبواب المواطنين لتوعيتهم بضرورة التبليغ وعدم تشجيع هذه السلوكيات.

وختم بالقول: “المواطن يجب ألا يعطي المال لهؤلاء. حين يُطلب منك خمسة دراهم، ارفض. هذا ليس من حقهم. لا يجب أن يستمر هذا الوضع. دور المواطن محوري، وإذا توقف عن الأداء، فستختفي هذه الظاهرة تدريجيا”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. هل اقترب التفعيل الشامل؟
التالى بمشاركة ألمع النجوم.. استعدادات متواصلة لتنظيم "مهرجان الراي للشرق" بوجدة