شهدت صناعة النفط في كردستان العراق اضطرابات أمنية غير مسبوقة خلال الأيام الماضية، بعد سلسلة هجمات متكررة بطائرات مسيّرة استهدفت عددًا من الحقول النفطية الرئيسة في الإقليم، مما أدى إلى توقف الإنتاج في بعضها، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية في أخرى.
وبحسب بيانات وأرقام حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الهجمات تسبّبت في تعطيل إنتاج نحو 130 ألف برميل يوميًا من إجمالي إنتاج الإقليم الذي يُقدَّر بنحو 250–300 ألف برميل يوميًا، ما يُمثّل خطرًا مباشرًا على قطاع حيوي يشكّل ركيزة أساسية لاقتصاد كردستان.
وطالت الهجمات -التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها حتى الآن- 5 من أبرز حقول النفط في كردستان، وهي: شيخان، وطاوكي، وبشكابير، وخورمالا، وسرسنك، وكلها تُعدّ من المشروعات الإستراتيجية التي تديرها شركات أجنبية وإقليمية في مناطق متفرقة من محافظة دهوك وقرب العاصمة أربيل.
وفي ظل غياب أي إعلان رسمي عن الجهة المسؤولة عن الهجمات، تُظهر التحقيقات الأولية إشارات إلى تورّط فصائل مسلّحة مدعومة خارجيًا، ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني في الإقليم، ويطرح تحديات أمام الحكومة الإقليمية والشركات الأجنبية العاملة في قطاع النفط في كردستان العراق.
حقول النفط في كردستان
تمثّل حقول النفط في كردستان المتضررة من الهجمات الأخيرة، العمود الفقري للإنتاج النفطي في الإقليم، سواء من ناحية الكمية أو الاحتياطيات المؤكدة أو البنية التحتية التصديرية.
وتوزّعت هذه الحقول على مناطق متعددة، منها ما يقع في محافظة دهوك قرب الحدود مع تركيا مثل طاوكي وبشكابير، ومنها ما يتمركز قرب أربيل مثل خورمالا وشيخان، ما يوضح اتساع رقعة التهديدات التي طالت المنشآت الحيوية بشكل غير مسبوق.

حقل شيخان
يُعد حقل شيخان من أبرز الاكتشافات النفطية في كردستان، ويقع شمال غربي أربيل، على بُعد نحو 60 كيلومترًا منها.
ويُشغّل الحقل من قبل شركة غلف كيستون بتروليوم (GKP) التي تملك حصة عمل تبلغ 80% بموجب عقد تقاسم إنتاج مع حكومة إقليم كردستان.
وتعرّض الحقل لهجوم بطائرات مسيرة، ما دفع الشركة إلى تعليق الإنتاج مؤقتًا، مع اتخاذ إجراءات احترازية لحماية العاملين.
ويُنتج الحقل نحو 40 ألف برميل يوميًا، وقد أُدرج ضمن قائمة الحقول غير المتصلة بالإنتاج عقب الهجوم.
حقل طاوكي
يُشكّل حقل طاوكي مع حقل بشكابير امتيازًا واحدًا تديره شركة النفط والغاز النرويجية "دي إن أو" (DNO) (75%) بالشراكة مع شركة "جينيل إنرجي" (Genel Energy) (25%)، ويقع في منطقة زاخو القريبة من الحدود التركية.
وحقل طاوكي من أقدم الحقول التي دخلت حيز الإنتاج في كردستان، منذ عام 2007، وينتج حاليًا قرابة 29 ألف برميل يوميًا. وقد أُوقف تشغيله بعد تعرّضه لانفجارات ناتجة عن هجوم بطائرات مسيّرة، رغم عدم تسجيل إصابات بشرية.
وتُقدّر الاحتياطيات القابلة للاستخراج في الحقل بما بين 150 و370 مليون برميل، ما يجعله أحد الأعمدة الأساسية في مشهد النفط لدى كردستان العراق.
حقل بشكابير
اكتُشف حقل بشكابير في عام 2016 وبدأ الإنتاج فعليًا في 2017، ويقع ضمن امتياز طاوكي، ويُدار من قبل "دي إن أو" أيضًا.
يُنتج حاليًا نحو 49-54 ألف برميل يوميًا، وبلغ إجمالي إنتاجه التراكمي حتى مارس/آذار 2023 أكثر من 100 مليون برميل.
وأُطلق في الحقل مشروع ضخم لحقن الغاز المصاحب عام 2020 بقيمة تقديرية بلغت 110 ملايين دولار، ما أسهم في تقليل الانبعاثات وتعزيز الضغط داخل الخزانات.
وأُدرج الحقل أيضًا ضمن قائمة المواقع المتضررة من الهجمات الأخيرة، وقد عُلّق العمل فيه لتقييم الأضرار.

حقل خورمالا
يقع حقل خورمالا على بُعد 35 كيلومترًا جنوب غرب أربيل، ويُعد امتدادًا جغرافيًا لحقل كركوك العملاق، لكنه يخضع لسيطرة حكومة إقليم كردستان منذ عام 2007، وتُشغّله مجموعة كار المحلية.
وتعرّض الحقل لهجوم مزدوج بطائرتَيْن مسيّرتَيْن، ما أدى إلى تضرر أنابيب المياه، دون معلومات مؤكدة عن الأضرار في المنشآت النفطية. ويُنتج حاليًا نحو 90–100 ألف برميل يوميًا، ما يجعله أكبر الحقول المتضررة من حيث الكمية.
ووفقًا لبيانات "غلوبال داتا" (GlobalData)، استعاد الحقل أكثر من 35% من احتياطياته القابلة للاستخراج، ومن المتوقع أن يصل إلى ذروة الإنتاج بحلول عام 2026، مع استمرار النشاط حتى عام 2065.
حقل سرسنك
يُدار حقل سرسنك من قِبل شركة "إتش كيه إن إنرجي" الأميركية (HKN Energy)، ويقع في قضاء شمانكي بمحافظة دهوك، وكان في طور التشغيل بقدرة إنتاجية تبلغ 30 ألف برميل يوميًا.
وتعرّض الحقل للهجوم يوم الثلاثاء 15 يوليو/تموز 2025، ما أدى إلى توقف الإنتاج بالكامل قبل ساعات من إعلان الشركة توقيع اتفاق تطوير لحقل آخر في العراق.
وتشير التحقيقات الأولية، بحسب مصادر أمنية، إلى أن الهجمات نُفّذت انطلاقًا من مناطق تسيطر عليها تنظيمات مدعومة من إيران، الأمر الذي يطرح مخاوف متزايدة بشأن الاستقرار الأمني للإقليم.

الخلاصة..
تُبرز الهجمات المتكررة حجم التحديات الأمنية التي تواجه حقول النفط في كردستان، في وقت تسعى فيه حكومة الإقليم إلى ضمان تدفق الإنتاج والتصدير المستقر.
وتشير البيانات إلى أن النفط في كردستان العراق بات أكثر انكشافًا أمام المخاطر الجيوسياسية، وهو ما قد ينعكس على الاستثمارات وخطط التنمية المستقبلية في قطاع الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
- بيانات حقل خورمالا النفطي في كردستان العراق من منصة "أوفشور تكنولوجي".
- بيانات حقل طاوكي في كردستان من موقع شركة النفط والغاز النرويجية "دي إن أو".