يكثر الجدل خلال كل موسم صيف حول تضارب تسعيرة كراء مستلزمات الاصطياف في عدد من الشواطئ التابعة للنفوذ الترابي لإقليم الناظور، وتنقسم الآراء بين من يعتبرها احتكارا واستغلالا لفرصة توافد أعداد كبيرة من المصطافين، ومن يعدها منطقية تفرضها طبيعة الرواج المؤقت في الشواطئ خلال فصل الصيف.
وقررت السلطات في جماعتي أركمان ورأس الماء، التابعتين لتراب إقليم الناظور، تحديد تسعيرة كراء مستلزمات الاصطياف لوضع حد لفوضى تضارب الأسعار ومحاربة أشكال الاحتكار والاستغلال، وهو القرار الذي خلف ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض.
وبينما رحب كُثُر من مرتادي الشواطئ بهذا القرار الذي اعتبروه منصفا ودعوا إلى تعميمه على باقي الشواطئ، وصفه آخرون بأنه قرار مجحف في حق بعض الشباب الذين لا يشتغلون إلا في العطلة الصيفية، وبالتحديد في شهري يوليوز وغشت، وبالتالي فإن الأسعار المفروضة عليهم لا تحقق لهم المداخيل المرجوة خلال هذه المدة.
سفيان الزغاوي، محام متمرن بهيئة المحامين بالناظور والحسيمة أحد مرتادي شاطئ تشارانا، قال في تصريح لهسبريس: “تزامنا مع حلول فصل الصيف، يكثر الجدل حول احتلال الشواطئ لتقديم خدمات الاصطياف، لكن الإشكال يكون في تضارب أسعار كراء مستلزمات الاصطياف في مختلف شواطئ مدن المملكة، بين من يرفع هذه الأسعار إلى حد غير معقول مستغلا توافد الجالية وقلة درايتهم بالأسعار داخل المغرب، ومن يعتمد ثمنا معقولا”.
وأضاف أن “هذا التضارب في أسعار تسعيرة كراء مستلزمات الاصطياف، وما يثيره من جدل، يستوجب تدخل السلطة المسؤولة من أجل توحيد التسعيرة وضبط كل المخالفات والعمل على احترام ضوابط وشروط الاصطياف”.
وأورد الزغاوي أن “إقليم الناظور من بين الأقاليم التي تعرف تسعيرة كراء مرتفعة، خاصة أن شواطئ الإقليم الجميلة والجذابة تستقطب أعدادا كبيرة من المصطافين الوافدين من مختلف الجهات”، معتبرا أن “ما قرره المسؤولون في كل من شاطئيْ أركمان ورأس الماء من توحيد لتسعيرة الكراء، هو عين الصواب والحكمة، ونرجو أن تعم هذه المبادرة جميع شواطئ إقليم الناظور للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة وتحقيق العدالة في الولوج إلى الفضاءات الساحلية”، حسب تعبيره.
من جهته، قال جواد الغليظ، فاعل جمعوي بجماعة أركمان: “في خطوة تعتبر سابقة على مستوى إقليم الناظور، تم اتخاذ قرار يهدف إلى تحديد أسعار كراء المظلات والكراسي والطاولات بشاطئ أركمان، وهي مبادرة، في ظاهرها، تسعى إلى تنظيم القطاع والحفاظ على سمعة الشاطئ واستقطاب عدد أكبر من الزوار الذين كانوا يشتكون في السنوات الماضية من غياب تسعيرة واضحة وارتفاع الأسعار”.
وأضاف أن “هذا القرار لقي ترحيبا من طرف عدد من الزوار، خصوصا في ظل الرغبة في محاربة الاستغلال العشوائي للفضاء الشاطئي. لكن، في المقابل، فإن فئة الشباب الذين يشتغلون في هذا المجال بشكل موسمي عبّروا عن تذمرهم من القرار، خاصة أنه تم اتخاذه، حسب رأينا كفاعلين جمعويين ونقابيين، دون إشراكهم أو فتح باب الحوار مع المعنيين المباشرين من مزاولي هذه الأنشطة”.
هؤلاء الشباب، يتابع الغليظ، “يعتمدون على فصل الصيف كمصدر دخل رئيسي، وغالبا ما يضطر عدد منهم إلى الاقتراض من مؤسسات التمويل الأصغر من أجل اقتناء مستلزمات النشاط الموسمي، الأمر الذي يجعل من التسعيرة المفروضة غير منصفة أو حتى قابلة للتطبيق بالنسبة للكثيرين منهم”.
واستطرد المتحدث لهسبريس قائلا: “نحن لا ننكر أن القرار يحمل بعض الإيجابيات، لكنه كذلك لا يخلو من سلبيات حقيقية تمس معيشة فئة واسعة من شباب المنطقة. لذلك، نناشد الجهات المعنية مراعاة مبدأ التوازن بين حماية المستهلك والزائر من جهة، وضمان حق الشباب في الشغل الكريم من جهة أخرى، عبر حوار تشاركي يُفضي إلى حلول مرضية لكل الأطراف، دون خاسر أو منتصر”.
وختم الفاعل الجمعوي بجماعة أركمان تصريحه بالقول: “بالمناسبة، نؤكد أن شاطئ أركمان، رغم طبيعته الخلابة، يفتقر إلى البنيات السياحية الأساسية والمؤسسات الفندقية التي من شأنها أن تعزز من جاذبيته؛ إذ لا يتوفر على أي فندق، مما يزيد من حجم التحديات أمامه كوجهة سياحية واعدة، لذلك لا بد من أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار من أجل خدمة القطاع السياحي في الجماعة”.