نشب حريق في مصنع بطاريات ليثيوم، اليوم الإثنين 14 يوليو/تموز 2025، في حادث جديد يسلّط الضوء على معاناة الصناعة.
وتصاعدت الأدخنة عقب اندلاع الحريق في مصنع تايواني تابع لشركة مولي كوانتم إنرجي (المعروفة أيضًا باسم موليسيل)، في حين يجري العمل على تقييم تداعيات الخسائر.
وتسود مخاوف من تلوث الهواء، أو انتشار جزئيات سامّة تنجم عن احتراق مكونات خلايا البطاريات، حسب تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن).
وهرع رجال الإطفاء إلى موقع المصنع في محاولة للسيطرة على الحريق، خاصة أنه يقع قرب مطار "كاوسيونغ" الدولي.
واستدعى حريق المصنع التايواني بعض الحوادث المريرة التي مرّت بها صناعة البطاريات، والتي تضع المطورين والمنتجين في مواجهة مباشرة مع اعتبارات السلامة الصحية والبيئية للسكان المحيطين بمواقع المصانع في مواقع عالمية عدّة.
حريق مصنع بطاريات ليثيوم في تايوان
أسفر حريق مصنع بطاريات ليثيوم في تايوان عن إصابة 15 شخصًا حتى توقيت كتابة هذا التقرير، من بينهم 12 عاملًا، بالإضافة إلى 3 من رجال الإطفاء.
ونُقِل المصابون لتلقّي العلاج من درجات حروق متنوعة، رغم استعمال الإطفائيين الروبوتات لإخماد الحريق، وارتبكت حركة المرور في محيط المصنع بعدما شوهدت الأدخنة الكثيفة تتصاعد منه.

ولم تتوصل الهيئات المعنية والشركة المشغّلة لأسباب اندلاع الحريق حتى الآن، لكن التحذيرات توالت من الهيئات الحكومية البيئية لسكان 13 حيًا في "كاوسيونغ" بإغلاق النوافذ والتزام المنازل، خوفًا من تأثير الحريق في جودة الهواء.
وقال عمدة "كاوسيونغ"، تشين تشي ماي، إن الاختبارات رصدت كميات محدودة من مادة "فلوريد الهيدروجين" التي تُسبِّب تحسسًا في الجهاز التنفسي والجلد والعين، طبقًا لما نقله عنه موقع تايبيه تايمز.
ورصد مكتب حماية البيئة في "كاوسيونغ" زيادة في مستوى الجسيمات العالقة في الهواء بنِسب مرتفعة، لكنها لم تصل إلى مستوى الكيماويات والغازات السامة.
تغريم الشركة المشغّلة
طال الحريق الجانب المخصص لإنتاج البطاريات النهائي، والموقع المخصص للمعالجة، في حين فاقم اتجاه الرياح من مخاوف تركيزات الجسيمات في الهواء.
وبجانب الحريق وتداعياته، هناك تهديد آخر يلاحق المصنع الذي ينتج بطاريات ليثيوم قابلة لإعادة الشحن، ويورّدها لعملاء دوليين خارج تايوان للاستعمال في أغراض تصنيع السيارات الكهربائية وغيرها.
وهدّد المكتب بتغريم الشركة المشغّلة للمصنع ما يتراوح بين 100 ألف و5 ملايين دولار تايواني (3.405 و170 ألف دولار أميركي)، لمخالفة قانون مكافحة تلوث الهواء، حسب موقع تايوان نيوز.
(الدولار التايواني = 0.034 دولارًا أميركيًا)
بدورها، أوضحت شركة "مولي كوانتم" أن الحريق اندلع في موقع تخزين بطاريات ليثيوم شبه مكتملة التصنيع، مشيرة إلى اتّباع خطوات الإخماد آليًا لتعزيز جهود الإطفاء، ما أدى إلى السيطرة على الحريق بسرعة والتيقن من سلامة الموظفين والمصابين.
وقدّمت الشركة اعتذارًا للسكان المجاورين لمصنع بطاريات الليثيوم عن تأثُّر جودة الهواء، متعهدةً بمواصلة التحقيقات.
حرائق مماثلة
لم يكن حريق مصنع بطاريات الليثيوم في تايوان الأول من نوعه، إذ شهدت الصناعة حوادث مماثلة متكررة خلال الآونة الماضية، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة بعضها:
1) مصنع بطاريات أريسل - كوريا الجنوبية
شهد مصنع بطاريات تابع لشركة "أريسل" في كوريا الجنوبية حريقًا واسع النطاق، في يونيو/حزيران من العام الماضي.
وأسفر الحريق عن مصرع من 22 إلى 23 عاملًا -غالبيتهم صينيون، بالإضافة إلى عدد محدود من العمال الكوريين- بعدما انتشرت الغازات السامّة خلال ثوانٍ في مخزن يحتوي على 35 ألف خلية بطارية، غير أن الحريق أُخمد خلال 6 ساعات، بحسب ما نقلته رويترز آنذاك.

وزادت قوة الحريق حينها من صعوبة التعرف على هوية الضحايا، وفسَّر معنيّون الأمر بالاشتعال السريع نتيجة توافر الكثير من النيكل في معدات المخزن، ما استدعى الرئيس الكوري إلى مطالبة السلطة المحلية بتطبيق إجراءات احترازية لمنع تلوث المنطقة بالكيماويات الخطرة.
وقد تعود شدة الحريق إلى ظاهرة "التسرب الحراري" من بطاريات الليثيوم أيون، في حالة تعرُّضها لدرجات حرارة مرتفعة أو التلف.
2) مصنع إعادة تدوير - ولاية ميزوري الأميركية
في نهاية أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، اندلع حريق في مصنع لإعادة تدوير البطاريات، تابع لشركة "كريتيكال مينيرال ريكفري" في مدينة فريدريك تاون.
ويركّز المصنع -الممتد على مسافة 225 ألف قدم مربعة- على إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أيون، ويعدّ من بين أكبر مرافق معالجة البطاريات على الصعيد العالمي.
ولم يسفر الحادث عن وقوع إصابات، لكن شوهدت الأدخنة الكثيفة تتصاعد من الحريق، ما استدعى عملية "إخلاء" في بعض مناطق المدينة، وفق موقع "إيه بي سي 7 شيكاغو".
ويعالج المصنع 6 آلاف طن شهريًا من بطاريات الليثيوم، والبطاريات المحتوية على معادن "النيكل، والكوبالت، والليثيوم، والنحاس"، حسب موقع "كيه إس دي كيه نيوز" التابع لمحطة "5 أون يور سايد".
3) مصنع تخزين بطاريات - كاليفورنيا
اندلع حريق في مصنع تخزين البطاريات مملوك لشركة "فيسترا" بولاية كاليفورنيا الأميركية، في يناير/كانون الثاني من العام الجاري.
ولم تنجح الجهود في السيطرة على حريق مصنع "موس لاندينغ" المتضرر -أحد أكبر مصانع تخزين البطاريات في العالم- بسهولة، واستمرت ألسنة اللهب تتصاعد لأكثر من يوم.
واستدعى ذلك إجلاء 1500 شخصًا من السكان القريبين، ومخاطبة سكان آخرين بضرورة التزام منازلهم خوفًا من احتمال انتشار الغازات السامة.
ويضم المصنع عشرات الآلاف من بطاريات تخزين فائض إمدادات الطاقة المتجددة، ولم يسفر الحريق عن وقوع إصابات أو وفيات.

ويخزّن المصنع بطاريات بقدرة كهرباء تتراوح بين 400 و1600 ميغاواط/ساعة، قد تزوّد شبكة الكهرباء في كاليفورنيا مع ذروة الطلب، حسب توضيح شركة "فيسترا" في بيان صدر عام 2021، وفق موقع إن بي سي نيوز.
وعقب الحريق بشهر واحد، في فبراير/شباط الماضي، بدأت تداعيات صحّية تظهر على بعض السكان من تراكم الأدخنة السوداء في سماء المنطقة.
وظهرت أعراض ذات صلة بالأمراض الجلدية والتنفسية والعيون، وطالت مخاوف السلامة الحيوانات والطيور والتربة الزراعية والمياه، وفق موقع "إن بي آر".
4) مخزن بولوريه لوجيستكس - فرنسا
في يناير/كانون الثاني 2023، نشب حريق في مخزن تابع لشركة "بولوريه لوجيستكس" يضم الآلاف من بطاريات الليثيوم.
وحاولت 60 سيارة إطفاء، مدعومة بفريق من 100 إطفائي، السيطرة على حريق اندلع في موقع لتخزين البطاريات أسفر عن تدمير ما يُقدَّر بنحو 8 آلاف بطارية ليثيوم ومنشأة تضم 70 ألف إطار مطاطي.
وخلال الحريق سُمِع دويّ انفجارات متتالية، لكن لم تسجل الواقعة إصابات أو رصد غازات سامة، وفقًا للجنة الفنية للوقاية من الحرائق "سي تي آي إف".
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..