أخبار عاجلة

اقتصاديون: مؤسسة "المغرب 2030" تتجاوز التدبير الظرفي نحو الاستدامة

اقتصاديون: مؤسسة "المغرب 2030" تتجاوز التدبير الظرفي نحو الاستدامة
اقتصاديون: مؤسسة "المغرب 2030" تتجاوز التدبير الظرفي نحو الاستدامة

حتّم توالي الأحداث الرياضية التي يرتقب أن تستضيفها المملكة، بدءًا من كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم نهاية السنة الجارية، وصولًا إلى محطة “المونديال”، إرساء أسس مؤسسة “المغرب 2030” لتسهر على تنظيم هذه التظاهرات الكبرى، وفق ما أوضحه فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، الجمعة، أمام لجنة نيابية صادقت على مشروع قانون قدمه المسؤول ذاته بمجلس الحكومة، الذي صادق عليه هذا الأسبوع.

من مهام هذه المؤسسة الجديدة، التي تسير بشكل لافت في مسار المصادقة على قانونها، “إعداد وتنظيم جميع التظاهرات الدولية بالمغرب، بتنسيق تام ومتواصل مع مختلف الإدارات، مع تتبع وتنفيذ التزامات البلاد وفق دفاتر تحملات الفيفا والكاف، وتعزيز صورة المغرب عبر الحرص على التنسيق بين مختلف الحملات التواصلية”.

وخلال المناقشة العامة للنص التشريعي، أكد الوزير المنتدب أن “مؤسسة المغرب 2030 تخضع للمراقبة المالية الاتفاقية، لا سيما في ما يتعلق بتدخلاتها ومهامها، وفق النصوص الجاري بها العمل. وهي، في جوهرها، ليست مجرد هيكلة إدارية، بل تجسيد لتوجيهات ملكية، ما دام تنظيم كأس العالم يُعد مشروعًا ملكيًا بالأساس”.

تدبير الحكامة والمخاطر

محمد عادل إيشو، المحلل المالي وأستاذ الاقتصاد وعلوم التدبير بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، أكد على أهمية “الحوكمة والتمويل الشفاف” اللذين يجب أن تتمتع بهما مؤسسة “المغرب 2030″، مشيرًا إلى أنها “تمتلك شخصية اعتبارية واستقلالًا ماليًا يتيح مرونة في صرف الاعتمادات، لكنها ستواجه اختبارًا حقيقيًا في ضبط التكاليف وتفادي تضخم الميزانية عند تشييد الملاعب وتوسيع المطارات”.

وأبرز إيشو أن “وضع آليات مراقبة مالية صارمة، مع نشر تقارير دورية للرأي العام، سيحافظ على الثقة ويحد من مخاطر الهدر أو تجاوز الكلفة التقديرية للمشاريع”.

وبشأن تحدي الآجال، لفت الخبير الاقتصادي إلى أن “خطة مضاعفة الطاقة الاستيعابية للمطارات، ومد شبكة القطار فائق السرعة، وبناء ملعب جديد بـ115 ألف مقعد في بنسليمان، تُعد أوراشًا ضخمة تتطلب تنفيذًا في مدد زمنية قصيرة”. ونبّه إلى أن “أي تأخر زمني قد يرفع الكلفة ويهدد الوفاء بالتزامات الفيفا والكاف؛ لذا يُلزم اعتماد جدول زمني تفصيلي، مع نقاط مراقبة شهرية، وخيار الاستعانة بمقاولات دولية متخصصة عند الحاجة”.

ويرى إيشو أن “التنسيق الثلاثي على مستويات متعددة”، بحكم أن المونديال 2030 يُنظم بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، “يفرض مواءمة معايير الأمن، وتنقل الجماهير، والتذاكر، والهوية البصرية للحدث”. أما داخليًا، فيستدعي الأمر “تنسيق السياسات بين الوزارات والجماعات الترابية عبر لجنة التدبير الترابي، لتفادي تضارب الاختصاصات وتكرار الاستثمارات غير الضرورية”.

وقرأ المتحدث ذاته في “ارتفاع الأصوات المنتقدة لتوجيه الإنفاق العمومي نحو الترفيه بدلاً من التعليم والصحة، مؤشراً على الحاجة المتزايدة إلى خطة تواصلية تُبرز الأثر التنموي بعيد المدى (خلق الوظائف، السياحة، تعزيز الصورة الدولية…)”. كما أكد على ضرورة “اعتماد معايير البناء الأخضر، وتعويض الانبعاثات الكربونية، واستغلال المنشآت بعد البطولة لضمان إرث مستدام يبدّد المخاوف من تحويلها إلى ملاعب أشباح”.

وشدد على أهمية “توفير الأمن الرقمي واللوجستي”، قائلاً إن “الاعتماد على أنظمة إلكترونية لبيع التذاكر، وبوابات ذكية، وشبكات 5G، يرفع من مخاطر الهجمات السيبرانية والاختراقات؛ ما يفرض اعتماد إستراتيجية أمن سيبراني متعددة المستويات، وتكوين الموارد البشرية، واستقطاب خبرات دولية في إدارة الحشود، لضمان تجربة جماهيرية آمنة وسمعة تنظيمية راقية”.

وختم تصريحه قائلاً: “مؤسسة المغرب 2030 تمتلك إطارًا قانونيًا قويًا، لكن نجاحها يتوقف على التحكم في الكلفة والزمن، بتنسيق متعدد المستويات، وكسب ثقة المجتمع، واستباق التحديات التقنية والبيئية”.

“لوحة قيادة”

من جهته، أكد بدر زاهر الأزرق، الأستاذ الباحث في قانون الأعمال، أن “بنية المؤسسة ستُشرف على تنظيم التظاهرات وتتبع تقدم الأشغال وإعداد التقارير”، مبرزًا أن “مسؤولياتها تشمل مراقبة النجاعة والجودة، وهو ما يشكل عنصرًا جوهريًا في مشاريع بهذا الحجم”.

وأشار الأزرق إلى أن “الهدف هو التنسيق وضمان الالتقائية بين المشاريع المتعددة، نظرًا لتعدد المتدخلين في مشاريع البنية التحتية، من جهات وجماعات ترابية ووزارات”.

وأوضح أن “الوكالات والشركات الخاصة والمؤسسات الدولية تشارك أيضًا في تنفيذ المشاريع، مما يفرض وجود بنية إشرافية تنسق بين جميع الأطراف المتدخلة”.

وأضاف أن “إنشاء مؤسسة خاصة سيساعد في تحيين البرامج والمشاريع المرتبطة بكأس العالم، كما أنها ستوفر لوحة قيادة لتتبع الإنجاز، وضمان الالتقائية في تنزيل الاستراتيجيات”.

وختم تصريحه بالتأكيد على أن “أهمية المؤسسة تتجلى أيضًا في تقييم المشاريع بعد سنة 2030، وتقديم حصيلة شفافة وموثوقة”.

“الخبرة الرياضية تقترن بالميزانية”

رشيد ساري، المحلل الاقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، نوّه بـ”إناطة مهمة الإشراف على تنزيل المشاريع والبرامج بهذه المؤسسة، في تعاون مباشر مع الفيفا والكاف”.

وأوضح أن “هذه البنية المؤسساتية ستشكل آلية مركزية لدعم وتطوير البنية التحتية، لا سيما في المجالات التقنية، والسياحية، والرقمية، مع التركيز على استثمار الكفاءات المغربية بنسبة تفوق 95%”.

كما اعتبر أن “من بين أبرز خصائص المؤسسة كونها لا تعتمد على الميزانيات المحددة في قوانين المالية، ما يضمن لها مرونة في تعبئة الموارد، إلى جانب انفتاحها على القطاع الخاص كشريك رئيسي في التمويل والتنفيذ”.

ورأى ساري أن أهداف المؤسسة تتجاوز تنظيم كأس العالم وكأس إفريقيا، لتشمل “إرساء نموذج تنموي مستدام يشمل قطاعات متعددة، ويخلق فرص شغل حقيقية لفائدة الشباب المغربي”.

وأكد أن “رئاسة هذه المؤسسة ستُسند إلى شخصية مغربية تجمع بين الخبرة الرياضية والكفاءة المالية، وهو ما سيضمن التنسيق الفعال بين مختلف القطاعات، وتفادي تضارب الاختصاصات”.

وختم بالقول: “مؤسسة المغرب 2030 تهدف إلى تكريس الحكامة الجيدة وضمان نجاح المشاريع المبرمجة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، بما يجعلها رافعة استراتيجية للتنمية ومكانة المغرب دوليًا”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وزيرة التضامن ومحافظ مطروح يفتتحان معرض "ديارنا للحرف اليدوية والتراثية" بالساحل الشمالي
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية