تشهد مشروعات الطاقة المتجددة في الجزائر تناميًا ملحوظًا خلال المدة الأخيرة، بما يدعم توجهات البلاد لتنويع مزيجها الطاقي وتصدير الفائض إلى أوروبا في شكل هيدروجين أخضر.
وفي هذا الإطار، أطلقت وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، اليوم الإثنين 14 أبريل/نيسان (2025) بالتعاون مع بعثة الاتحاد الأوروبي في الجزائر وجمهورية ألمانيا مشروع "طاقاتي 2 (TaqatHy+)، والذي يشكل محطة بارزة في علاقات التعاون بمجال الطاقات النظيفة.
يُجسد البرنامج التزامًا مشتركًا لدعم جهود الانتقال الطاقوي، من خلال تنفيذ مشروع طموح يهدف إلى تسريع نشر الطاقة المتجددة في الجزائر، وتطوير الهيدروجين الأخضر، وتعزيز الفاعلية الطاقوية، وخاصة في القطاعات الأكثر استهلاكًا للطاقة.
ويندرج المشروع ضمن إطار تمويل مشترك بين الاتحاد الأوروبي وألمانيا بقيمة 28 مليون يورو (31.91 مليون دولار)، بالتعاون بين وزارة الطاقة والمناجم والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، ويمتد تنفيذه إلى عام 2029.
التنمية المستدامة
قال كاتب دولة لدى وزير الطاقة مكلف بالطاقات المتجددة نور الدين ياسع، إن المشروع يمثل نقلة مهمة في مسار التعاون الدولي نحو مستقبل الطاقة النظيفة، موضحًا أن توقيع عقد تنفيذ البرنامج يعد محطة مهمة في مجال تبادل الخبرات حول حلول طاقوية مستقبلية في ظل التنمية الشاملة والمستدامة.
وشدد على المشروع يدعم إستراتيجية الطاقة المتجددة في الجزائر، وخططها الإستراتيجية لتنويع مصادرها الطاقوية وتعزيز كفاءتها.
وأوضح أن الطاقات المتجددة تحتل أهم المشروعات الإستراتيجية باعتبار أن الاستثمار في المجال أصبح ضرورة ملحة لمواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية وضمان مستقبل مستدام.

ويهدف برنامج طاقاتي 2 إلى تحقيق أهداف تشمل توسيع استعمال الطاقة المتجددة في الجزائر، وتطوير الهيدروجين الأخضر، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في مختلف القطاعات.
وتتركز محاور عمل البرنامج حول 5 نقاط رئيسة هي كالتالي:
- بناء القدرات المؤسساتية والتقنية في مجال الطاقات المتجددة.
- تهيئة الظروف الملائمة لتنفيذ مشروعات الطاقات المتجددة.
- توفير أدوات تطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر.
- وضع قاعدة بيانات معلوماتية حول الإمكانات الوطنية لتطبيقات الهيدروجين الأخضر.
- توفير أدوات التخطيط والمتابعة لتحقيق اقتصاد الطاقة والتقليل من الانبعاثات.
وأشار إلى أن النتائج المنبثقة عن البرنامج ستعمل على خلق منظومة طاقوية متكاملة تعزز نشر استغلال الطاقة المتجددة في الجزائر وترفع من كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات.
أمن الطاقة
قال نور الدين ياسع إن الحكومة الجزائرية تولي أهمية قصوى لتطوير الطاقات الجديدة والمتجددة بصفتها قطاعًا إستراتيجيًا يسهم في تنويع الاقتصاد وضمان أمن الطاقة.
وأشار إلى تعزيز هذه الأولوية بإلحاق أنشطة الطاقات المتجددة بوزارة الطاقة والمناجم واستحداث منصب كاتب دولة مكلف بهذا المجال.
وشرعت الجزائر فعليًا في مسار الانتقال الطاقوي بتنفيذ البرنامج الوطني للطاقات المتجددة بهدف إنتاج 15 ألف ميغاواط بحلول 2035، بالإضافة إلى تطوير مشروعات تهجين الطاقة الشمسية في محطات توليد الكهرباء بالجنوب ومشروعات الطاقة الشمسية الخاصة بسوناطراك، بالإضافة إلى العمل على دمج طاقة الرياح في المشروعات المستقبلية.
وتسعى الجزائر لتعزيز بنيتها التحتية الطاقوية للحفاظ على مكانتها موردًا موثوقًا به للطاقة إقليميًا ودوليًا، وتشجع الاستثمار الأوروبي في مشروعات مشتركة، مع التركيز على نقل التكنولوجيا، والمساعدة التقنية، والتدريب، والبحث والتطوير من أجل التصنيع المحلي للمعدات والمكونات، خاصة في مجال الطاقات المتجددة.
وأوضح كاتب الدولة الجزائري أن إنتاج الهيدروجين الأخضر يمثل محورًا أساسيًا في جهود بلاده، إذ يجري العمل على تنفيذ الإستراتيجية الوطنية الخاصة بتطوير شعبة الهيدروجين ومشتقاته والتي ستفتح آفاقًا جديدة لتصدير الطاقة، مع التركيز على تطوير الإنتاج والاستهلاك والتسويق وتسهيل المشروعات الصناعية المدمجة، ما سيخلق فرصًا للنمو الاقتصادي المستدام والشراكة في منطقة المتوسط.
وأشار إلى مشروع الربط الكهربائي المباشر مع أوروبا "ميد لينك" (MedLink) ومشروع الممر الجنوبي لنقل الهيدروجين (SoutH2 Corridor) لتطوير الهيدروجين، إذ تطمح الجزائر لتصبح موردًا رئيسًا للطاقة الكهربائية المتجددة والهيدروجين لأوروبا.
وكشف عن أن بلاده تعمل في مجال التحكم في الطاقة، على تعزيز الاستعمال الرشيد للطاقة في مختلف القطاعات، عبر تنفيذ خطط عملية مدروسة ترتكز على مؤشرات أداء واضحة وأهداف زمنية محددة.
ويعمل قطاع الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة حاليًا على إعداد نموذج طاقوي وطني، بمساهمة كل القطاعات المستهلكة للطاقة بكل أنواعها، ما سيتيح إعداد رؤية استشرافية لمختلف السيناريوهات المستقبلية الممكنة، منها تلك المتعلقة بالانتقال الطاقوي.
ويتضمن البرنامج إدخال الطاقات المتجددة في المزيج الطاقوي الوطني، إضافة الى الكفاءة الطاقوية في القطاعات الأكثر استهلاكا، كالسكن، والنقل والصناعة، بإدراج حلول مبتكرة جديدة من شأنها المساهمة في الترشيد والتقليل من الوتيرة المتسارعة للطلب الوطني على الطاقة.
وشدد ياسع على أن برنامج التعاون مع الاتحاد الأوروبي وألمانيا يعكس الإرادة المشتركة لتعميق التعاون في قطاع الطاقة والعديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل دمج الطاقات المتجددة والعمل على تصديرها مستقبليًا، ودعم انتاج الهيدروجين الأخضر، والحد من الانبعاثات، وتعزيز كفاءة الطاقة والتنمية المحلية وتوفير فرص العمل، بالإضافة إلى نقل المعارف التقنية والتنظيمية وتطوير الصناعة في سلاسل القيمة بالمجالات ذات الصلة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..