تُعد الهيئة القومية لسكك حديد مصر (ENR) أقدم شبكة سكك حديد في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث تأسست عام 1854 مع تشغيل أول خط يربط الإسكندرية بكفر الزيات، قبل أن تصل إلى القاهرة عام 1856، وتمتد لاحقًا إلى الصعيد حتى أسوان، مشكلةً شريانًا حيويًا لنقل الركاب والبضائع عبر البلاد.
لمحة تاريخية
ترجع فكرة إنشاء السكك الحديدية إلى عهد محمد علي باشا عام 1833، لكنها لم ترَ النور إلا في منتصف القرن التاسع عشر على يد المهندس البريطاني روبرت ستيفنسون، الذي أشرف على تنفيذ أول خط بين الإسكندرية وكفر الزيات. ومنذ ذلك الحين، توسعت الشبكة باتجاه القاهرة، ثم إلى الجنوب نحو الصعيد، وصولًا إلى أسوان. كما شهدت مصر بناء محطات رئيسية لا تزال قائمة حتى اليوم، مثل محطة رمسيس في القاهرة ومحطة سيدي جابر في الإسكندرية.
حتى عام 2018، بلغ طول الشبكة قرابة 5،085 كيلومترًا، وتخدم ما يقارب 800 مليون راكب سنويًا، ما يجعلها واحدة من أكثر شبكات السكك الحديدية ازدحامًا في المنطقة.
تحديثات البنية التحتية
بدأت مصر منذ عام 2007 في تنفيذ برامج تحديث شاملة عقب سلسلة من الحوادث المأسوية التي سلطت الضوء على ضعف البنية التحتية واحتياجها لتطوير شامل. وقد تم إطلاق خطة طموحة لتحسين مستوى السلامة والخدمة، شملت تجديد الخطوط والمزلقانات، وتحديث نظم الإشارات، وتدريب الكوادر البشرية.
في عام 2021، تعاقدت الحكومة المصرية مع شركة سيمنز الألمانية لتنفيذ مشروع القطار الكهربائي السريع، بتكلفة تقدر بـ4.5 مليار دولار، حيث من المقرر أن يربط الخط الأول بين العين السخنة والإسكندرية مرورًا بالساحل الشمالي. ومن المتوقع أن يدخل الخدمة بين عامي 2027 و2028. كما تشمل الخطة إنشاء خطوط إضافية إلى المنصورة، أسوان، ومرسى علم، ضمن مشروع قومي لربط أنحاء البلاد بشبكة حديثة وسريعة.
الأسطول والخدمات
تضم شبكة سكك حديد مصر أسطولًا متنوعًا من القاطرات والعربات، يشمل قاطرات ألمانية من طراز هينشيل، وأخرى كندية وأمريكية، بالإضافة إلى وحدات حديثة من إنتاج GE وEMD وWabtec. وتشمل خدمات الركاب درجات متفاوتة من الخدمة، من القطار الثالث الشعبي، إلى الدرجة الأولى المكيفة، مرورًا بقطارات النوم الفاخرة التي تربط القاهرة بالأقصر وأسوان وتديرها شركة "أبيلا".
كما تُشغّل الهيئة قطارات توربينية على خط القاهرة – الإسكندرية، وتقدم خدمات نقل بضائع إلى جانب الركاب.
التراث والمتحف
للاحتفاء بالإرث العريق للنقل بالسكك الحديدية، افتُتح متحف سكك حديد مصر عام 1933 بجوار محطة رمسيس في القاهرة، ليعرض تطور وسائل النقل في مصر منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث، بما في ذلك نماذج للقاطرات البخارية والديزل والكهربائية.
مشروعات كبرى للنهوض بالشبكة
من بين أبرز المشروعات التي أُطلقت في السنوات الأخيرة، مشروع تجديد 10،000 كيلومتر من الخطوط بحلول نهاية 2021، وتشييد خطوط جديدة مثل خط 6 أكتوبر – الأقصر. كما تم تنفيذ مشروع القطار السريع من العين السخنة إلى العلمين بتكلفة تصل إلى 9 مليارات دولار، كجزء من خطة استراتيجية لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل.
افتُتحت في نوفمبر 2024 محطة "بشتيل مشيرًا" في محافظة الجيزة، بطاقة استيعابية تفوق 250 ألف راكب يوميًا، بهدف تخفيف الضغط على محطة رمسيس وتحسين الخدمات المقدمة للركاب القادمين من وإلى صعيد مصر.
ختامًا،سكك حديد مصر ليست مجرد وسيلة مواصلات، بل جزء من الذاكرة الوطنية والتاريخ الحضاري للبلاد. ورغم ما واجهته من تحديات، فإنها تشهد اليوم مرحلة تطوير نوعية تشمل تحديث البنية التحتية، وتوسيع الشبكة، وتحسين الخدمة، بما يعيد لهذا المرفق العريق مكانته ويجعل منه عمودًا فقريًا للنقل المتكامل في مصر.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.