أخبار عاجلة
بالبلدي: مودرن سبورت يتعاقد مع التونسي المزهود -

البوليساريو على حافة الانهيار .. ارتباك تنظيمي وانكماش للدعم الجزائري

البوليساريو على حافة الانهيار .. ارتباك تنظيمي وانكماش للدعم الجزائري
البوليساريو على حافة الانهيار .. ارتباك تنظيمي وانكماش للدعم الجزائري

تناقلت أبواق البوليساريو أن قيادة الجبهة الانفصالية، الناشطة في منطقة تندوف الجزائرية، تستعد لعقد اجتماع وصفته بـ”الحاسم”، يوم السبت المقبل، وسط أجواء داخلية مشحونة بالتوتر والانقسام.

ووفق المعطيات المتداولة يرتقب أن يناقش الاجتماع مصير المؤتمر العام المقبل، وسط ترجيحات قوية بشأن اتخاذ قرار يقضي إما بتأجيله إلى موعد غير محدد، أو بتمديد عهدة القيادة الحالية لسنة إضافية.

ويأتي هذا التطور التنظيمي في لحظة بالغة الدقة، تزايدت فيها مظاهر الاحتقان داخل المخيمات، وتصاعدت الأصوات المنتقدة لغياب التداول القيادي داخل الجبهة، وللاستمرار في إنتاج النخبة نفسها التي تقود التنظيم منذ عقود.

ويؤشر هذا الاجتماع، حسب عدد من المراقبين، على عمق الأزمة التي تعاني منها البوليساريو على المستويين التنظيمي والسياسي، في ظل ارتباك واضح في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، وضعف قدرتها على تعبئة قواعدها في سياق إقليمي ودولي متغير، إلى جانب عدم تمكنها، حتى الآن، من تقديم جدول أعمال واضح للمؤتمر أو تاريخ تنظيمه، رغم أن موعده كان متوقعا في النصف الأول من السنة الجارية.

وتواجه الجبهة انكماشا غير مسبوق في قنوات دعمها السياسية والإعلامية، مقابل حالة من العزلة المتزايدة، خاصة بعد تراجع مستوى التنسيق مع النظام الجزائري، الذي يبدو أنه لم يعد يولي الزخم نفسه لملف البوليساريو، كما كان الحال في مراحل سابقة، بل بدأ يُظهر نوعا من التحفظ في تدبير هذا الملف داخليا، خصوصا في الجانب المالي.

ووسط هذه التعقيدات المتشابكة تأتي تصريحات عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية، لتسلّط الضوء على التحولات التي تشهدها جبهة البوليساريو، من الداخل ومن المحيط الإقليمي، وتشرح الخلفيات العميقة للاحتقان المتصاعد داخل بنيتها التنظيمية، في ظل تساؤلات جادة حول مآلات هذا الكيان في المرحلة المقبلة، وما إذا كان قادرا على الاستمرار في ظل هذه الهزات المتلاحقة.

وفي الاتجاه ذاته يقدّم ددي بيبوط، الباحث في التاريخ المعاصر والحديث، قراءة تاريخية وبنيوية للأزمة التي تعصف بالجبهة، مشددا على أن عقودا من الفشل السياسي والعجز التعبوي والانتهاكات الممنهجة داخل المخيمات أفقدت التنظيم أفقه السياسي وأضعفت صدقيته أمام مناصريه قبل خصومه، كما يبرز أن الخطاب الذي تروجه البوليساريو لم يعد يواكب التحولات الجارية، في ظل بنية تنظيمية مغلقة قائمة على الإقصاء والتمييز، وعلاقة مصلحية متوترة مع النظام الجزائري، ما يجعل الجبهة أمام مفترق طرق حاسم، عنوانه الأبرز اهتزاز مشروعها وتفكك بنيتها من الداخل.

تآكل القيادة

يرى عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن جبهة البوليساريو تمر بمرحلة دقيقة تتسم بتصاعد الخلافات الداخلية وتفاقم التوترات بين مكوناتها، منذ مؤتمرها الأخير، في ظل سلسلة من الإخفاقات التي طالت أطروحتها الانفصالية، مقابل تحولات إقليمية ودولية متسارعة أضعفت موقعها السياسي والدبلوماسي.

وأضاف البلعمشي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن من بين أبرز مظاهر الأزمة التي تعيشها الجبهة تصاعد الاحتقان الداخلي نتيجة شعور مكونات أساسية بالتهميش، ما دفع بعض الفاعلين إلى البحث عن توازنات جديدة خارج المسارات التقليدية، من خلال سلوكات غير منضبطة، برزت في تقارير حديثة تشير إلى ارتباط عناصر قيادية بحركات إرهابية تنشط في المنطقة، إلى جانب تفاقم الاختلالات المرتبطة بالمتاجرة بالمساعدات الإنسانية.

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن العلاقة بين قيادة البوليساريو والنظام الجزائري لم تعد كما كانت، إذ باتت محصورة في حدود ضيقة، سواء على المستوى المالي أو الإداري؛ وهو ما زاد من عزلة الجبهة وعجزها عن احتواء التصدعات المتنامية في صفوفها، لافتا إلى أن “المحيط الإقليمي، الذي يشهد توترات أمنية مستمرة، أصبح بيئة خصبة لتغذية هذه الخلافات، ما يدفع أطرافا داخل الجبهة إلى استغلال هذا السياق لتصفية حسابات داخلية وإعادة ترتيب موازين القوى”.

واعتبر المتحدث ذاته أن الوضع التنظيمي للجبهة أصبح هشا إلى درجة باتت معها عاجزة عن تقديم إجابات سياسية واضحة لقواعدها، خصوصا مع بروز أصوات شبابية وقيادات جديدة داخل المخيمات تتجه نحو التشكيك في شرعية القيادة الحالية، وترفض الاستمرار في الخطاب المتجاوز الذي لم يعد يلامس تطلعات من وُضعوا في عزلة قسرية لعدة عقود داخل مخيمات الحمادة بتندوف.

وسجل الخبير في العلاقات الدولية أن الاجتماع المرتقب لما تعرف بـ”الأمانة الوطنية” قد يشكل لحظة مفصلية تكشف حجم الأزمة العميقة التي تعيشها الجبهة، وتنقل الخلافات المستترة إلى العلن، في ظل استمرار التعتيم الإعلامي، وغياب أي إرادة حقيقية لدى القيادة لمعالجة الأسباب البنيوية التي تهدد بتفكك التنظيم من الداخل، وتضع مشروعه السياسي على حافة الانهيار.

انفجار مرتقب

قال ددي بيبوط، الباحث في التاريخ المعاصر والحديث، إن جبهة البوليساريو الانفصالية ما فتئت تبحث عن أي سانحة لتلطيف أجواء الاحتقان السائد داخل المخيمات وخارجها، نتيجة عقود من الفشل السياسي والعجز التعبوي، وتواتر الانتهاكات التي مست كافة الشرائح الاجتماعية في مخيمات تندوف الواقعة جنوب غربي الجزائر، حيث استشرى الفساد وتعمق الميل إلى التمييز المبني على أسس قبلية ومصلحية، وعلى القرب أو البعد من مراكز القرار الأمني الجزائري.

وأوضح بيبوط، ضمن تصريح لهسبريس، أن قضاء خمسة عقود في محاولة الإساءة للمملكة المغربية، وتفتيت لحمتها وهويتها الجامعة، واقتطاع المكون الصحراوي الحساني من حاضنته الهوياتية والثقافية المتعددة، من خلال الترويج لمفاهيم من قبيل “الشعب الصحراوي” و”تقرير المصير”، مكن البوليساريو من احتجاز الآلاف من الصحراويين في صحراء لحمادة، عبر حقنهم بأفكار سامة ومبادئ فارغة من الإنسانية، لإقناعهم بالبقاء على أرض الأغيار دون التفكير في بدائل، أو حتى التساؤل حول جدوى حشرهم في هذا المكان، رغم غياب أي بوادر لانفراج قريب في الملف، مشيرا إلى أن “كثيرين استمروا في الدفاع عن مناورات البوليساريو في عرقلة جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة، التي يقدّم فيها المغرب خطة الحكم الذاتي كمقترح عادل ومنطقي يحوز كثيرا من الاعتراف والتنويه الدولي”.

“الجبهة الانفصالية مرّت بعدة مراحل شعاراتية، بدءا من شعارات ‘العنف الثوري’ التي خلّفت انكسارات وشروخا يستحيل رتقها، بسبب حجم الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في تلك الفترة، وحجم القمع الممارس على الصحراويين داخل المخيمات، وصولا إلى المرحلة الممتدة من منتصف التسعينيات إلى بدايات الألفية الثالثة، التي ركزت فيها الجبهة على قضايا حقوق الإنسان لكسب التعاطف الدولي”، يورد الخبير في نزاع الصحراء، قبل أن يضيف أن “من سوء طالع الجبهة أن المملكة المغربية دشّنت آنذاك مسارا غير مسبوق في المصالحة الوطنية، من خلال تسوية ملفات الاعتقال السياسي وسنوات الجمر والرصاص، عبر تشريعات رائدة وبرامج جبر ضرر جماعي وفردي استثنائية من حيث المقاربة والمبالغ المرصودة، وآليات الإدماج وتقديم ضمانات عدم التكرار، وهي تجربة أصبحت عنوانا عالميا للعدالة الانتقالية”.

وفي السنوات الأخيرة، يؤكد المتحدث ذاته، “جنحت البوليساريو إلى وسم مؤتمراتها بأسماء زعاماتها التاريخية، في محاولة لإعادة الوهج لمشروعها المتآكل، الناتج عن غياب عدالة الطرح، وسادية القيادة، وسوء نوايا الحليف الجزائري الذي لا يرى في الجبهة سوى عنصرا مهيّجا للجماهير، بغرض إشغال الداخل المغربي في أقاليمه الجنوبية، وامتصاص ضغط الداخل الجزائري، من خلال خلق عدو وهمي يتم تحميله مسؤولية الإخفاقات، ما جعل السلطات الجزائرية تكرّس جهودها نحو سباق التسلح وشواغل الأمن على حساب التنمية، وحقوق الإنسان، وتسوية تركة الماضي الأليم، الذي مازالت جراحه تنزف”.

شرعية مفقودة

شدد الباحث في التاريخ المعاصر على أن السياق الحالي يختلف جذريا عن المراحل السابقة، بفعل توالي الأخطاء والهزائم النفسية والميدانية، وتمرد محتجزي تندوف على سرديات أثبتت فشلها وتجاوزها، سواء على مستوى الخطاب أو الفعل، إضافة إلى غياب الشرعية التمثيلية للجبهة، في ظل بروز حركات وممثلين جدد يحظون باحترام الصحراويين، ويقفون في غالبيتهم إلى جانب مقترح الحكم الذاتي ويعلنون ولاءهم للمملكة المغربية دون مواربة.

وأكد المحلل ذاته أن تنفيذ الجزائر رغبتها في إقبار الحلول السياسية التي تقوم على التفاوض وحسن النية والانفتاح على الواقعية السياسية، وخاصة دراسة مقترح الحكم الذاتي الموضوع على الطاولة، أسقط آخر أوراق توت البوليساريو في دعايتها للحرب وتمجيدها، التي ووجهت بجفاء دولي كبير، واستعداد عسكري وتكنولوجي مغربي أثار مخاوف الجزائر وحلفائها في المنطقة، إلى جانب جبهة داخلية مغربية قوية ومتماسكة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، في وجه محاولات زعزعة الاستقرار والأمن بالمنطقة.

وأنهى ددي بيبوط حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن تمسك جبهة البوليساريو بتأجيل مناقشة التحديات الداخلية، ومحاولتها تأجيل مؤتمرها، لا يخرج عن كونه مراوغة جديدة لاحتقار ذكاء الصحراويين، وإعادة إنتاج خطاب المظلومية، وحتمية “النصر على الفراغ” في لحمادة، من أجل استدامة تحكم قيادتها في مشروع انفصال ميت، ورهن مصائر آلاف الصحراويين لمزيد من العقود، في ظل لامبالاة جزائرية بتكلفة الوضع القائم، ودعمها المتواصل محاولات البوليساريو لإجهاض عملية السلام، رغم تزايد زخم الاعتراف الدولي بجدية المقترح المغربي للحكم الذاتي، وتقبّل غالبية الصحراويين له كملاذ أخير لإنهاء المأساة المستمرة في صحراء الجزائر.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الرئيس السيسي يصدر 3 توجيهات للحكومة بشأن طريق الموت
التالى الاتحاد يطلب ضم موهبة الأهلي ضمن صفقة مروان عطية