فتيات العنب تسرد اللحظات الأخيرة مرتدية جلبابها الأسود الحزين وببشرة لوحتها شمس الحقول تجلس على أطراف سلم منزلها، وفي عينيها قصة ألم لا ينتهي، حيث كانت هي الشاهدة الأخيرة على حياة فتيات بريئات كانت تسلمهن بيدها كل صباح إلى طريق الموت دون أن تدري، لتنتهي رحلتهن المأساوية على قارعة الطريق ويحتضن القبر أجسادهن الطاهرة التي لم تكن تحلم سوى بلقمة عيش شريفة ومستقبل أفضل.
فتيات العنب تسرد اللحظات الأخيرة
في لقاء خاص مع “فيتو” تسرد مقاولة أنفار فتيات العنب اللحظات الأخيرة في حياة ضحايا حادث المنوفية المروع، حيث قالت بمرارة إنها هي من كانت تجمعهن كل يوم كأسرة واحدة في السيارة التي ستقلهن إلى مقر عملهن، مؤكدة أن هؤلاء الفتيات تحديدًا كن تحت مسؤوليتها الشخصية وفي حوزتها، مما يجعل مصابها أضعافًا مضاعفة.

جمال الروح قبل جمال الوجه
عندما سُئلت عنهن لم تجد كلمات تصف بها نقاءهن سوى الدموع، حيث أضافت أن البنات كنَّ مثالًا للأخلاق والسيرة العطرة، محافظات على الصلاة والصوم وقيام الليل، ولم تكن أي منهن تضع مساحيق التجميل على وجهها، بل كنَّ يتميزن بجمال رباني طبيعي يعكس ما في قلوبهن من براءة وطيبة.

لقمة عيش مغمسة بالمرارة والحلم
أشارت المقاولة إلى أن هؤلاء الفتيات لم يكن يعملن من أجل الرفاهية، بل كنَّ يضحين بإجازتهن الصيفية من أجل توفير مصاريف دراستهن سواء في المدارس أو الكليات، وتذكرت بأسى واقعة محفورة في ذاكرتها عن الراحلة آية، التي كان الجميع في المزرعة يناديها “يا أبلة آية” من شدة احترامهم لها ولجمالها، وكررت لها يومًا: “أنتِ مكانك مش هنا، واخدة كلية ليه علشان تيجي في الأرض هنا”، في مشهد يختزل حجم المأساة التي يعيشها شباب يكافح من أجل حلم بسيط.
صرخة ضد التجاهل والظلم الاجتماعي
انفجرت المقاولة في صرخة غضب وألم موجهة حديثها للمسؤولين قائلة: “ليه ما حدش بيبص للبنات ده، ليه بيهدوا حيل العيال في الدروس والفلوس، كل ده عشان إيه، همَّ ليه ما يتعينوش، ليه ما حدش بيحس بينا، عشان احنا الطبقة اللي تحت الأرض”، وأضافت بجرأة: “في ناس بتاخد ملايين وقاعدة تاكل كل حاجة، بس همَّ عاوزين الطبقة دي تموت ودول يعيشوا، بتكلم ومش بخاف من حد”.