حذّر المجلس العام لأطباء الأسنان في إسبانيا، ضمن بيان له، من انتشار ظاهرة جديدة على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة على تطبيق “تيك توك”، تتعلق بعروض شركات تسوّق باقات سياحية إلى المغرب تشمل الرحلات الجوية والإقامة والأنشطة الثقافية، بالإضافة إلى تقديم علاجات تجميلية للأسنان.
وأبرز المجلس سالف الذكر أن هذه العروض تستخدم رسائل تسويقية جذابة، كما تعرض فيديوهات لأشخاص يشاركون تجاربهم الإيجابية من أجل تشجيع الآخرين على استهلاك هذه العروض.
ونصحت الهيئة عينها المواطنين الإسبان بتوخي الحذر تجاه هذا النوع من الإعلانات، مع ضرورة إعطاء الأولوية دائمًا للسلامة وجودة الرعاية الصحية.
وفي هذا الصدد، سجل البيان الصادر عن المجلس العام لأطباء الأسنان في إسبانيا أن العيادات الطبية في العديد من البلدان لا تخضع لنفس اللوائح التنظيمية الموجودة في هذا البلد الأوروبي، على غرار ضرورة تسجيل الطبيب في لائحة نقابة الأطباء، لترتيب المسؤوليات في حال مواجهة أي مشكل.
الدكتور أوسكار كاسترو رينو، رئيس المجلس، أكد أن “العديد من هذه العلاجات تتم في غضون ساعات قليلة؛ مما يحول دون تخصيص الوقت الكافي لإجراء تشخيص كامل أو تخطيط مخصص لكل مريض”.
وأضاف رينو أن “كل علاج ينطوي على مخاطر، وإذا لم يتم تقييم الحالة الفموية بشكل صحيح، فقد تظهر مضاعفات على المديين القصير والطويل؛ مثل حساسية الأسنان، ومشاكل في اللثة، وحتى فقدان الأسنان”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “السفر إلى بلد آخر للخضوع لعلاج طبي ليس مغامرة، بل هو تهور”، مشيرًا إلى أن “الهوس بالحصول على أسنان بيضاء ومثالية كما نراها في التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي يدفع الناس إلى ارتكاب تهور قد تكون له عواقب لا رجعة فيها، إذ لا يمكن المزج بين الترفيه والصحة؛ فكل علاج طبي أو أسناني يجب أن يتم ضمن ضمانات السلامة الكاملة، في مركز صحي مناسب، وبإشراف طبيب مسجل في النقابة”.
من جهتها، أكدت كونسيبسيون ميرسيدس ليون مارتينيز، رئيسة نقابة أطباء الأسنان في مقاطعة “تينيريفي”، على أهمية “تنظيم الإعلانات الصحية، إذ يجب تشخيص هذا النوع من العلاجات بشكل صحيح، مع تخطيط مفصل وشخصي لكل مريض، حيث يتطلب كل إجراء طبي متابعة لاحقة، ومن الصعب إجراء متابعة مناسبة خلال رحلة قصيرة إلى بلد آخر”.
منافسة مغربية
انتقد محمد سديرة، رئيس المجلس الوطني لهيئة أطباء الأسنان بالمغرب، بيان المجلس العام لأطباء الأسنان الإسبان، معتبرًا أن “هذه العروض المتعلقة بالعلاجات التجميلية للأسنان قانونية ولا تقتصر فقط على المغرب.. وبالتالي، فإن تحذيرات أطباء الأسنان في إسبانيا من العروض التي تشمل عيادات الأسنان في المملكة لا تعبّر بالضرورة عن حرص مهني؛ بل ترتبط بالمنافسة المتزايدة التي بات يشكلها المغرب في هذا المجال”.
وأوضح سديرة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “السياحة الطبية والعلاجية عمومًا في المغرب ما زالت تحتاج إلى دفعة قوية لتصل إلى مستوى بعض الدول كتركيا، على سبيل المثال، التي باتت وجهة للعديد من المغاربة”، مشددًا في الوقت ذاته على أن “المغرب يمتلك كفاءات عالية جدًا على هذا المستوى؛ غير أن تجاهل المغاربة للكفاءات الطبية في وطنهم بسبب غياب الوعي هو ما يجعلهم يفضلون وجهات أخرى”.
وأكد المتحدث ذاته أن “التأسيس لسياحة علاجية حقيقية، خاصة فيما يتعلق بالعلاجات التجميلية للأسنان، يتطلب أولًا القطع مع العشوائية والتسيب الذي يعرفه هذا القطاع، من حيث كثرة الدخلاء على مهنة طب الأسنان، والتطفل على هذه المهنة من طرف كل من هبّ ودبّ؛ وهو ما يفرض تدخل السلطات الوصية للقطع مع هذه الوضعية التي تُفرمل النهوض بالسياحة الطبية، وتُعطي صورة سلبية عن طب الأسنان في المغرب”.
قطاع حيوي
أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن “السياحة العلاجية تُعد من بين القطاعات الحيوية التي تدرّ أموالًا طائلة للعديد من الدول كإسبانيا وتركيا، التي تشتهر بالعلاجات التجميلية”.
وأضاف الخراطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا القطاع يشهد فراغًا تنظيميًا في المغرب؛ الشيء الذي أفرز سوقًا سوداء، وهو ما يؤثر سلبًا على المستهلك سواء المغربي أو الأجنبي”.
وأوضح رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك أن “الدولة يجب أن تتدخل لتنظيم وتقنين هذا القطاع، ذلك أن الفراغ الحالي لا يؤثر فقط على حقوق المستهلك في السلامة والجودة والحصول على ضمانات وخدمات طبية متخصصة؛ بل يؤثر أيضًا على الاقتصاد الوطني، الذي لا يستفيد من العشوائية التي تعرفها السياحة العلاجية والتجميلية”.
واقترح الفاعل المدني عينه “تشكيل لجنة وطنية تضم كُلًّا من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة السياحة، إلى جانب حماة المستهلك، من أجل وضع استراتيجيات واضحة ومتكاملة تُعنى بتقنين وتطوير القطاع وتحسين جودة خدماته”.