شهدت جلسة البرلمان اليوم عاصفة من الانتقادات الحادة الموجهة إلى الحكومة بسبب حادثة الطريق الإقليمي التي أودت بحياة 18 فتاة وسائق، وصلت إلى المطالبة باستدعاء وزير النقل، ومحاسبة المسؤولين عن الحادث.
الحادث المأساوي الذي هز الضمير الوطني، على الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية وقع في منطقة تخضع لأعمال صيانة تفتقر إلى الإجراءات الوقائية الكافية والتحذيرات الواضحة، وفق تقارير صحفية، مما حوّل الطريق -الذي أنفقت عليه الدولة مليارات الجنيهات- إلى ما وصفه النائب عبد المنعم إمام بـ"طريق الآخرة" حيث لا يضمن مستخدموه الوصول بأمان.
ثورة برلمانية في جلسة تاريخية
في جلسة عامة لمجلس النواب اليوم الأحد 29 يونيو 2025، تحوّل المجلس إلى ساحة احتجاج قانونية وأخلاقية.
افتتح المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، الجلسة بدقيقة حداد على أرواح الضحايا، ناعيًا "الزهور التي قُطفت في عمر النضج" ومقدمًا العزاء لأهالي الضحايا باسمه وباسم جميع الأعضاء.
طالب جبالي لجنة النقل والمواصلات بالمجلس بعقد اجتماعات مستمرة على مدار الأسبوع لإعداد تقرير برلماني شامل عن الحادث وعرضه على المجلس في جلساته المقبلة.
إدانة ومطالب عاجلة من النواب
تصدرت النائبة سلمى مراد عضو حزب التجمع موجة الغضب ببيان عاجل كشفت فيه أن هذا الطريق "يشهد نزيف دم يوميًا" دون تحرك جاد من الحكومة، مشيرة تحديدًا إلى الوصلة الواقعة بين الخطاطبة وبنها مرورًا بمركزي أشمون والباجور.
وحذرت مراد قائلة: "فترات الصيانة يجب أن تُعامل كفترات طوارئ"، مطالبة بإغلاق الطريق فورًا لحين الانتهاء من الإصلاحات وتشكيل لجنة تقصي حقائق تضم خبراء متخصصين من كليات الهندسة.
أما النائب هاني خضر فجسد غضب الشارع قائلا: "الشعب تعب من التبريرات.. حاسبوا المقصرين"، مشيرًا إلى تناقض صارخ بين ما أنفق على الطريق (ما يقارب المليار جنيه في الإصلاحات) وواقعه المأساوي، وأضاف : "ما آلمني حقًا هو غياب كلمة عزاء من رئيس الوزراء أو وزير النقل".
وكشف النائب عبد المنعم إمام عن مفارقة مأساوية حيث ذكر أن وزير النقل الحالي كان رئيسًا للهيئة المشرفة على إنشاء هذا الطريق الذي صُرفت عليه 20 مليار جنيه، محولاً إياه إلى "مجموعة من المطبات والمناطق الخطرة". ووجه رسالة واضحة للحكومة: "البشر أهم من الحجر".
مطالب عملية واتهامات بالتقصير
طالب النائب فخري طايل بتحديد مواعيد لسير سيارات النقل الثقيل على الطريق الإقليمي (من منتصف الليل حتى السادسة صباحًا فقط) ووضع علامات استرشادية واضحة، فيما أصر النائب أحمد حجازي على أن الحادث "ليس مجرد حادث سير، بل تجسيد لإهمال متراكم"، داعيًا إلى تحقيق سريع وشفاف من النيابة العامة وإعلان نتائجه للرأي العام، مع مراجعة أوضاع العمالة اليومية وتأمينهم الصحي والاجتماعي، وبلغت المواجهة ذروتها عندما طالب النائب محمد بدراوي باستدعاء الفريق كامل الوزير وزير النقل للمثول أمام الجلسة العامة في اليوم التالي مباشرة.
وتساءل النائب ضياء الدين داوود في كلمته: "كم واحد لازم يموت علشان نتحرك؟"، مشيرًا إلى أن حادث المنوفية ليس الأول، بل حلقة في سلسلة إهمالٍ طالما حذّر منها النواب دون استجابة. وأضاف: "هذا الطريق أُنفق عليه 20 مليار جنيه، ومع ذلك تحوّل إلى مجموعة من المطبات والمناطق الخطرة... أين الرقابة؟ وأين محاسبة المقصرين؟".
ردود الحكومة على النواب
تحركت الحكومة في أكثر من اتجاه. من ناحية، أعلن المستشار محمود فوزي وزير الشئون النيابية والقانونية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه بزيادة التعويضات لأسر الضحايا، مشيرًا إلى أن وزير النقل قطع زيارته الرسمية إلى تركيا وعاد إلى القاهرة فورًا، وأكد تشكيل لجنة فنية موسعة لمعاينة الطريق، وإحالة السائق إلى النيابة العامة، ووعد بأن "الحكومة ستظل على تواصل دائم مع أسر الضحايا لتقديم كافة أوجه الدعم".