أعربت بكين عن القلق المتزايد إزاء التداعيات الأمنية العالمية الناتجة عن النجاح الإسرائيلي المزعوم في اختراق الأجهزة الأمنية الإيرانية.
وفقًا لصحيفة "ساوث تشاينا مورننج بوست" فإن هذا التسلل الاستخباراتي واختراق العملاء قد فتح "صندوق باندورا"، وهو تعبير يُشير إلى إطلاق سلسلة من الشرور والمشاكل والتهديدات الكبرى التي يصعب السيطرة عليها كما لا يجب إغفالها أو التغاضي عن تداعياتها الخطيرة، مما أثار مخاوف بكين من تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وتأثيرها على استقرار المنطقة والمصالح الصينية.
يُنظر إلى هذا التطور المفزع على أنه قد يعزز من قدرات الاستخبارات الإسرائيلية، مما يضع ضغوطًا إضافية على الأمن الإقليمي والدولي، وتخشى الصين أن يؤدي هذا الاختراق إلى تعقيد ديناميكيات القوى في المنطقة، خاصة في ظل التنافس الجيوسياسي المستمر بين إيران وإسرائيل.
كما أن هناك مخاوف من أن تتسبب هذه التطورات في زعزعة استقرار الأسواق العالمية، لا سيما أسواق الطاقة، التي تعتمد عليها الصين بشكل كبير.
وأشارت الصحيفة إلى أن بكين حثت على ضرورة مراقبة هذه التهديدات عن كثب، بالنظر إلى أن أي تصعيد قد يؤثر سلبًا على مشاريعها الاقتصادية الكبرى مثل مبادرة الحزام والطريق.
علاوة على ذلك، يثير هذا الوضع تساؤلات حول أمن التكنولوجيا والاستخبارات في الدول الأخرى، بما في ذلك الصين نفسها.
وهناك قلق متزايد من أن تكون الأجهزة الأمنية الصينية عرضة لاختراقات مماثلة، مما يدفع بكين إلى تعزيز تدابيرها الأمنية لحماية بنيتها التحتية الحيوية.
هذا الوضع يضع الصين في موقف بالغ الحساسية، لذا فإنها تسعى إلى موازنة علاقاتها مع إيران وإسرائيل مع الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.
وتُضيف هذه التطورات طبقة أخرى من التعقيد إلى العلاقات الدولية في المجتمع الدولي، حيث تسعى الصين إلى تعزيز نفوذها العالمي كوسيط محايد في الصراعات الإقليمية. الاختراق الإسرائيلي قد يُضعف الثقة في الأنظمة الأمنية للدول المتحالفة مع الصين، مما يدفعها إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الدبلوماسية.
على سبيل المثال، قد تجد الصين نفسها مضطرة إلى تقديم دعم تقني أو استخباراتي إضافي لشركائها لمنع وقوع اختراقات مماثلة، مما قد يزيد من التوترات مع القوى الغربية.
كما أن هناك جانبًا اقتصاديًا لا يُستهان به، إذ تعتمد الصين بشكل كبير على استقرار منطقة الشرق الأوسط لضمان تدفق النفط والغاز الطبيعي. وأي اضطرابات ناتجة عن تصعيد الصراع بين إيران وإسرائيل من شأنها أن تؤدي إلى تقلبات في أسعار الطاقة، مما يؤثر على الاقتصاد الصيني الذي يعاني بالفعل من تحديات داخلية وخارجية.
ومن هذا المنطلق، تسعى بكين إلى الحد من أي تداعيات محتملة من خلال تعزيز التعاون الأمني مع حلفائها في المنطقة.
على صعيد آخر، يُثير هذا الحدث تساؤلات حول مستقبل التعاون التكنولوجي بين الصين وإيران. إذا كانت الأجهزة الأمنية الإيرانية عرضة للاختراق، فقد تدفع هذه الواقعة طهران إلى طلب مساعدة تقنية من الصين، التي تمتلك خبرة واسعة في مجال الأمن السيبراني.
ومع ذلك، قد يضع هذا التعاون الصين في موقف حرج، حيث قد يُنظر إليه على أنه تحدٍ مباشر للدول الغربية وإسرائيل.
ويعكس القلق الصيني من هذه التطورات مدى تعقيد المشهد الأمني العالمي. وتجدر الإشارة إلى أن نجاح إسرائيل في اختراق الأجهزة الإيرانية لا يقتصر تأثيره على الشرق الأوسط فحسب، بل يمتد ليؤثر على القوى العالمية مثل الصين، التي ترى في هذا الحدث تهديدًا محتملًا للاستقرار الإقليمي والمصالح الاقتصادية.
ومن المتوقع أن تستمر الصين في مراقبة الوضع بحذر، مع اتخاذ خطوات استباقية لمواجهة أي تهديدات محتملة، بما في ذلك تعزيز أنظمتها الأمنية الداخلية والعمل على استقرار المنطقة من خلال الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي.