تلقت أفريقيا أكثر من 95 مليار دولار كتحويلات مالية من المغتربين والعاملين بالخارج في عام 2024، وتصدرت نيجيريا ومصر والمغرب قائمة الدول المستقبلة لهذه الأموال، وفقًا لتقرير حالة البنية التحتية في أفريقيا لعام 2025 الصادر عن مؤسسة التمويل الأفريقية (AFC)، والمنشور عبر موقع المؤسسة على الإنترنت.
ويُظهر هذا الرقم أهمية متزايدة لمساهمات المغتربين والعاملين بالخارج في دعم اقتصادات القارة، حيث قاربت التحويلات إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) الوارد إلى أفريقيا في نفس العام.
وأشار التقرير إلى أن التحويلات المالية فاقت الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفقات المحافظ والمساعدات التنموية الرسمية في السنوات الأخيرة، مما يجعلها واحدة من أكثر مصادر التمويل الخارجي استقرارًا وموثوقية في أفريقيا.
وأوضح التقرير أن "التحويلات أثبتت أنها مصدر تمويل خارجي مستقر ويتمتع بقدر هائل من المرونة، وغالبًا ما تتفوق على تدفقات المحافظ والمساعدات التنموية الرسمية من حيث الاتساق والاستدامة.
نيجيريا: مركز رئيسي للتحويلات
حافظت نيجيريا على مكانتها كمركز رئيسي لاستقبال التحويلات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إذ استحوذت على حوالي 35% من إجمالي تدفقات التحويلات في المنطقة في عام 2023، بقيمة بلغت حوالي 19.5 مليار دولار وفقًا لتقرير البنك الدولي، ومع ذلك، شهدت التحويلات في الربع الأول من عام 2024 انخفاضًا بنسبة 6.28% مقارنة بالعام السابق، حيث سجلت 282.61 مليون دولار مقارنة بـ301.57 مليون دولار في الربع الأول من 2023، وفقًا لبيانات البنك المركزي النيجيري.
وقالت صحيفة "نيرامتركس" الاقتصادية: "أظهرت الاتجاهات الشهرية بعض التقلبات، حيث ارتفعت التحويلات في يناير 2024 بنسبة 75%، بينما انخفضت بشكل حاد في فبراير ومارس من نفس العام".
مصر والمغرب: قوة دافعة في شمال أفريقيا
تصدرت مصر إلى جانب نيجيريا والمغرب قائمة الدول المستقبلة للتحويلات في القارة. ويعود ذلك إلى وجود جاليات مهاجرة مصرية ومغربية كبيرة ونشطة، مما ساهم في استقرار تدفقات التحويلات إلى هذه الدول.
وأشار تقرير مؤسسة التمويل الأفريقية إلى أن هذه التحويلات لا تقتصر فقط على الاستهلاك الأسري، بل بدأت تشكل أساسًا لاستثمارات أكثر تنظيمًا من خلال قنوات مالية موثوقة.
تحديات وفرص التحويلات
على الرغم من الفوائد الكبيرة للتحويلات، أشار التقرير إلى أن أفريقيا خسرت أكثر من 420 مليار دولار بسبب هروب رؤوس الأموال بين عامي 1970 و2004، وفقًا لتقديرات الاقتصاديين "ليونس نديكومانا"، و"جيمس ك. بويس"، وقد ساهمت هذه الخسائر في إضعاف القدرة الاستثمارية المحلية.
ومع ذلك، فإن الزيادة الحالية في التحويلات تمثل نقطة تحول، حيث توفر فرصة لربط الاقتصادات الأفريقية برؤوس الأموال في الخارج بشكل أكثر شفافية وتنظيمًا.
السندات الاستثمارية للمهاجرين
يُعد إصدار سندات المغتربين والعاملين بالخارج أحد الأدوات المبتكرة لتعبئة رؤوس الأموال. فعلى سبيل المثال، أصدرت نيجيريا سندات بقيمة 300 مليون دولار في عام 2017، والتي تم الاكتتاب عليها بالكامل بفضل شروط واضحة، وتحت مظلة إشراف موثوق، وعوائد تنافسية، ومع ذلك، واجهت دول أخرى مثل إثيوبيا وكينيا تحديات في تبني هذه السندات بسبب ضعف الأطر التنظيمية. واقترح التقرير تعزيز الثقة من خلال الحوكمة الجيدة، الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتقديم أدوات مالية بالعملات الأجنبية لتخفيف المخاطر.
آفاق المستقبل
يرى تقرير مؤسسة التمويل الأفريقية أن الارتفاع في التحويلات يمثل فرصة لدمج مشاركة المغتربين والعاملين بالخارج بشكل أكثر وعيًا في استراتيجيات التنمية الوطنية.
وتشمل المبادرات القارية مثل صندوق استثمار المغتربين والعاملين بالخارج الأفارقة والمعهد الأفريقي للتحويلات المقترح، رغم أن التقدم في هذه المجالات لا يزال بطيئًا، ومع استمرار نمو التحويلات، يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز الاستثمار المحلي وتحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا.