أخبار عاجلة

بطاقة الإعاقة في المغرب..

بطاقة الإعاقة في المغرب..
بطاقة الإعاقة في المغرب..

شهدت الأوساط المعنية بقضايا الأشخاص في وضعية إعاقة في المغرب ترقباً كبيراً لصدور المرسوم رقم 2.22.1075 المتعلق بمنح بطاقة الأشخاص في وضعية إعاقة. هذا المرسوم، الذي نُشر مؤخراً في الجريدة الرسمية 7376 بعد طول انتظار وتأجيل، حمل في الطريقة التي سوق بها آمالاً رغم انه لم يحدد سلة الخدمات /الحقوق التي يسمح بالولوج اليها فإنه حمل عند الكثيرين امالا عريضة لتحسين وضعية هذه الفئة الهامة من المجتمع. إلا أن التساؤلات المتزايدة حول آليات تنزيله وغموض مسار التقديم يثيران قلقاً مشروعاً ويدعوان إلى وقفة تأمل في مدى التزامنا بمبدأ الجدية الذي دعا إليه جلالة الملك.

ينص المرسوم بوضوح في مادته الثانية على ضرورة خضوع المعنيين لـ “تقييم الإعاقة من خلال تقييم القدرات عبر تحديد طبيعة القصور أو الانحصار وتقييم المشاركة الاجتماعية وعوامل المحيط من أجل تحديد مستوى الصعوبات التي تمنعه من المشاركة الكاملة والفعالة في المجتمع”. كما حدد المرسوم أن المعايير الطبية والاجتماعية سيتم تحديدها بقرار مشترك بين السلطة الحكومية المكلفة بالصحة والسلطة الحكومية المكلفة بالأشخاص في وضعية إعاقة. هذا الإطار القانوني الدقيق يعكس رؤية شاملة للتعامل مع الإعاقة تتجاوز النظرة الطبية البحتة إلى اعتبار الأبعاد الاجتماعية والبيئية.

وقد أُعلن حينها عن اعتماد “مبدأ التدرج” في تنفيذ مقتضيات المرسوم، حيث كان من المنتظر أن يدخل حيز التنفيذ في مرحلة أولى بمدينة الرباط. هذا النهج المتدرج، وإن كان يهدف إلى ضمان فعالية التطبيق، إلا أنه ولحد الساعة يواجه تحدياً كبيراً يتمثل في غياب المعلومات الواضحة والمتاحة للعموم. يتساءل الكثيرون: أين سيتم تقديم الطلبات؟ هل هناك منصة إلكترونية مخصصة لذلك؟ وهل تم الإعلان عن هذه الآليات بالشكل الكافي الذي يضمن وصول المعلومة إلى جميع المستفيدين المحتملين؟

إن هذه التساؤلات المشروعة، التي يطرحها الأشخاص في وضعية إعاقة وذووهم، تستدعي إجابات واضحة وفورية. فالتأخير في توفير المعلومات وتحديد مسار التقديم يخلق حالة من الغموض والقلق، ويؤثر سلباً على الثقة بين المواطن والدولة وما ترسمه وتعلن من سياسات.

لقد أكد الخطاب الملكي السامي ليوليوز 2023 على أهمية “الجدية” كمذهب في الحياة والعمل، ودعا إلى تجسيدها في جميع المجالات، بما في ذلك الحياة السياسية والإدارية والقضائية، من خلال خدمة المواطن واختيار الكفاءات وتغليب المصالح العليا للوطن. كما شدد الخطاب على أهمية الجدية في المجال الاجتماعي، وخاصة قطاعات الصحة والتعليم والشغل والسكن.

وفي ضوء هذا التوجيه الملكي السامي، يبرز التساؤل الجوهري: أين نحن من هذا المبدأ في مسار تفعيل بطاقة الإعاقة؟ ومتى نقطع مع الغموض في تنزيل هذه الخطوات التي يؤمل فيها تحسين وضعية الأشخاص في وضعية إعاقة؟ إن سياساتنا العامة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار أهمية بناء الثقة بين المواطن والدولة، وأن تتجنب الإعلانات التي لا تجد طريقها إلى التطبيق الفعلي أو التي تبقى غامضة ويغيب التواصل الفعال بشأنها.

إن تفعيل بطاقة الإعاقة ليس مجرد إجراء إداري، بل هو خطوة أساسية نحو الاندماج الكامل والفعال للأشخاص في وضعية إعاقة في المجتمع، وتجسيد فعلي لمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة.

إن تفعيل بطاقة الإعاقة ليس مجرد إجراء إداري، بل هو خطوة أساسية نحو الاندماج الكامل والفعال للأشخاص في وضعية إعاقة في المجتمع، وتجسيد فعلي لمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة. ولتحقيق ذلك، لا بد من مقاربة واضحة وشفافة، تقوم على التواصل الفعال وتوفير كل المعلومات اللازمة للمواطنين، لضمان أن تتحول الآمال المعقودة على هذا المرسوم إلى واقع ملموس يحقق الكرامة والتمكين لهذه الفئة العزيزة من المجتمع.

فالشفافية والتواصل الفعّال يعدان حجر الزاوية في بناء الثقة بين الدولة والمواطن، لاسيما في القضايا الاجتماعية الحساسة مثل قضايا الإعاقة. فالمواطن، وخاصة الأشخاص في وضعية إعاقة وذويهم، بحاجة ماسة إلى معلومات واضحة وميسرة حول حقوقهم، الإجراءات المتبعة للحصول على الخدمات، وآليات تطبيق القوانين والتشريعات. إن غياب هذه المقاربة الشفافة، المرتكزة على التواصل المستمر وتوفير جميع البيانات اللازمة، يؤدي حتماً إلى خلق حالة من الغموض والقلق، وقد يولد شعوراً بالإحباط وعدم الثقة في الإرادة السياسية الرامية إلى تحسين أوضاع هذه الفئة. لذا، فإن تبني استراتيجية واضحة للتواصل، وتقديم إجابات شافية للتساؤلات المطروحة، ليس مجرد إجراء إداري، بل هو ضرورة قصوى لضمان مشاركة المواطنين الفعالة وتفعيل حقيقي للمبادرات الاجتماعية، بما ينسجم مع مبادئ العدالة والكرامة.

*محاضر وناشط حقوقي في مجال الإعاقة

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مصرف أبوظبي الإسلامي مصر «أفضل بنك إسلامي للتمويل المستدام 2025» من Global Brands Magazine
التالى تايلاند تعتزم إعادة تجريم القنب باستثناء الاستخدام الطبي