موعدٌ أدبيّ بارز تنظّمه أكاديمية المملكة المغربية على مدى يومين، اليوم الأربعاء وغدا الخميس، إذ يحتفي كرسيها الخاص بالآداب والفنون الإفريقية بذكرى ربع قرن منذ إطلاق دار النشر “غاليمار” المرموقة سلسلة “القارات السمراء” المهتمة بنشر الآداب الإفريقية.
وفي افتتاح “الموعد الأدبي الدولي” قال عبد الجليل لحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، إن الأكاديمية تحتفي بمرور 25 سنة منذ إصدار “دار النشر المرموقة غاليمار سلسلة ‘القارات السمراء’؛ بمشاركة 25 مؤلّفا، و25 أكاديميا وباحثا، لتكريم التميّز”.
وأبرز لحجمري أهمية هذه السلسلة التي قدّمت مجموعة تمثّل من همّشوا في التيارات الأدبية السائدة، فكانت دار نشر للجميع، لكل الآداب، وقدّمت مجموعة فريدة، “حسّاسة لقدرة الحلم، أكثر من إلقاء الأحكام، ووضعت الأدب في صلب المحاورة بين الكاتب والقارئ”.
وانطلاقا من أرض إفريقية تابع أمين سر أكاديمية المملكة المغربية بأن هذه السلسة بعد خمس وعشرين سنة محطّ الاحتفاء، بعدما طبَعت كتابات أدبائها الأفارقة والإفريقيات “الأدب العالمي”، ونشرت “أدبا بدون حدود”.
وتحدّث لحجمري عن المغرب الثقافي الذي هو “مكتبة حية” متعددة الجذور، تضمّ حكواتيين وشعراء وكتابا متجذرين، وكتابا عابرين من أرض البلد، ليتحدّث بعد ذلك عن إفريقيا بصيغة الجمع “أفقا للفكر”، وعن تعدّد أصواتها ولغاتها وآدابها، وتاريخها الممتدّ في الآداب الذي من معالمه “كتاب الأموات” المصري قبل آلاف السنوات، وسرديات “إفا”… فضلا عن الآداب الشفهية.
جون نويل شيفانو، مدير مجموعة “غاليمار” المسمّاة “إفريقيا السمراء”، عبّر من جهته عن عرفانه لـ”ما تقومون به في هذه الأكاديمية المرموقة”، وشكر أمين سرها ومديرها التنفيذي ومنسّق كرسيّها الخاص بالآداب والفنون الإفريقية، “الذي نشر 10 روايات ضمن هذه السلسلة التي نحتفي بذكراها الخامسة والعشرين اليوم”.
وتحدّث شيفانو عن مبادرته وأنطوان غاليمار التي نشرت آداب سلسلة “القارات السمراء” على مدار ربع قرن، بمعدّل 5 أو ستة عناوين في السنة، في وقت لم يكن الأمر بدهيّا كما الآن، و”كان حضور الآداب الإفريقية هزيلا جدا”، بل إن من دور النشر المرموقة ما أغلق ولم ينتبه أحد لموته، بما في ذلك وسائل الإعلام.
واليوم، بعد خمس وعشرين سنة من النشر، ظفرت كتب سلسلة “القارات السمراء” بعشرات الجوائز، أحدثها سنة 2025 الراهنة “غونكور” الرفيعة في مجال الأدب المكتوب باللغة الفرنسية، وصارت “مجموعة للاكتشاف، والحرية المطلقة، وتعدد الكتابات في الأدب”.
وهذه المجموعة، حسب ناشرها، “غنية جدا بإفريقيّي المهجر، والأفرو أوروبيين، والأفرو دوليين، بل إن كل كاتب هو قارة، وكتابته حرية تكتشف العالم (…) كتابات دون خوف (…) كتابات تترجم حقائق عالمنا ومصائرنا، وتتملّك بشكل فريد اللغة الفرنسية (…) وتدفع دون حدود تعبيرها”.
أوجين إيبودي، منسق كرسي الآداب والفنون الإفريقية بأكاديمية المملكة، تحدّث من جهته عن يوم “الاحتفاء بأوديسة أدب ونشر فريدة (…) أسسها جون نويل شيفانو مع أنطوان غاليمار، من أجل (توسيع نشر) خرائط السرد، وفسيفسائه”، وأضاف: “كرسي الآداب والفنون الإفريقية أسّسته أكاديمية المملكة في مارس 2022 من أجل إفريقيا موحدة، تحتفي بالآداب والثقافة، وتثمّن التعبيرات الإفريقية بمختلف أشكالها ولغاتها، وتنقلها”.
واليوم “تنظّم أكاديمية المملكة المغربية ومنشورات غاليمار، أي إفريقيا وأوروبا، لقاء مشتركا بعنوان: ‘من أصالة ضاربة في العمق إلى حيوية متجددة’، مقدّمة معبرا غير مسبوق عابر للقارات، ونشاطا كبيرا؛ لمحاورة المخيالات، في تاريخيّتها، ومحاورة الرؤى والمنظورات الجديدة، وهذه مهمة ثقافية للمغرب، في النهوض بدور الملتقى الفني والأدبي على الساحة الإفريقية”.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الحدث الثقافي وفق أكاديمية المملكة “حدث أدبي دولي استثنائي”؛ لكونه “يتميز بثلاثة أبعاد تمنحه طابعًا فريدًا وعابرًا للقارات، فهو حدث أدبي هام على مستوى القارة، يجمع بين الكُتّاب والباحثين لمساءلة المتخيل، وأنماط العلاقة بالتاريخ، والامتدادات الأدبية الإفريقية، وفتح آفاق جديدة للرؤية الشاملة، فضلا عن كونه يجسد نموذجًا ناجحًا للتعاون بين مؤسسة علمية مرموقة (أكاديمية المملكة المغربية) ودار نشر عالمية كبرى (غاليمار Gallimard)، إلى جانب كونه يندرج ضمن الرؤية الثقافية الطموحة للمغرب، الذي يؤكد مكانته كملتقى طرق فكري وفني على المستوى الإفريقي”.
" frameborder="0">