الأربعاء، 25 يونيو 2025 07:28 م 6/25/2025 7:28:40 PM
كشفت مصادر مطلعة بشركة التعاون للبترول، عن تورط أحد محامي الشؤون القانونية بالشركة، في اختلاس مليون وستين ألف جنيه من المال العام.
القضية، التي بدأت تتكشف تفاصيلها في فبراير 2025، أثارت استياءً واسعًا داخل الشركة وأعادت إلى الأذهان ضرورة تعزيز النزاهة والشفافية في إدارة الموارد المالية بقطاع الطاقة.
تفاصيل الواقعة: من العهدة إلى الاختلاس
ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها "فيتو"، استغل المحامي منصبه كأحد أعضاء الشؤون القانونية لتحويل مبلغ مليون وستين ألف جنيه، كان تحت حيازته تحت مسمى "مصروفات قضائية"، إلى حيازته الشخصية.
هذا المبلغ، الذي كان مخصصًا لتغطية نفقات قانونية تتعلق بأعمال الشركة، لم يُستخدم في الأغراض المحددة له، بل اختفى في ظروف غامضة أثارت شكوك الإدارة، وعند اكتشاف الواقعة، تحركت الشؤون القانونية بالشركة بسرعة لإعداد مذكرة تفصيلية تشرح ملابسات القضية.
المذكرة، التي راجعها رئيس مجلس إدارة الشركة، المحاسب مصطفى السيد، تضمنت توصية صريحة بإحالة الموظف المتهم إلى النيابة الإدارية ونيابة الأموال العامة للتحقيق في الواقعة.
وفي تأشيرة واضحة على المذكرة، وافق رئيس الشركة على الإحالة، مؤكدًا التزام الشركة بمحاسبة أي متورط في الفساد.
فصل الموظف وإحالته للنيابة
في تصريح خاص لـ"فيتو"، أكد المحاسب مصطفى السيد، رئيس مجلس إدارة شركة التعاون للبترول، أن الموظف المذكور تم فصله من الشركة بسبب انقطاعه عن العمل، وهي خطوة إدارية ليست بديلة عن الإجراءات القانونية بحسب وصفه.
وأضاف: "القضية الآن أمام النيابة العامة، ونحن على ثقة في أن العدالة ستأخذ مجراها، متابعا شركتنا ملتزمة بمبادئ الحوكمة والشفافية، ولن نتهاون مع أي محاولات للإضرار بالمال العام".
الشق القانوني: عقوبة الاختلاس في قانون العقوبات
من الناحية القانونية، تُعد جريمة الاختلاس التي تورط فيها المحامي انتهاكًا صريحًا للوظيفة العامة. تنص المادة 112 من قانون العقوبات المصري على أن: "كل موظف عام اختلس أموالًا أو أوراقًا أو غيرها وجدت في حيازته بسبب وظيفته يُعاقب بالسجن المشدد".
وتُعرّف جريمة الاختلاس بأنها قيام موظف عام بالتصرف في المال العام الذي يقع تحت حيازته بسبب وظيفته، وتحويل هذه الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك غير المشروع، هذا الفعل لا يُعد خرقًا إداريًا فحسب، بل يشكل تهديدًا مباشرًا للثقة العامة في معايير الحوكمة والرقابة داخل الشركة، إذ أن الأطر المحاسبية كانت كفيلة بكشف هذا الانحراف فور حدوثه وليس بعد أكثر من 5 شهور على حدوثه، يقول موظف قيادي بالشركة رفض ذكر اسمه.
سياق القضية: تحديات الحوكمة في قطاع البترول
الواقعة على نحو ما سبق ذكره ليست الأولى التي تشهدها شركات البترول المصرية، فقد سبق أن كشفت تحقيقات مماثلة عن حالات اختلاس في شركات أخرى، مثل قضية اختلاس 326 ألف جنيه وأوراق بونات بترولية بقيمة 12,700 جنيه في محطة وقود تابعة لشركة التعاون للبترول عام 2025، حيث أُدين رئيس وردية بالحبس ثلاث سنوات. هذه الحوادث تُبرز تحديات كبيرة تواجه الشركة في تعزيز النزاهة والشفافية فيها.
ووفقًا لمعايير الحوكمة المعتمدة في شركات البترول، والتي تتماشى مع كود النزاهة الصادر عن هيئة البترول المصرية، يُفترض أن تخضع جميع العمليات المالية، بما في ذلك المصروفات القضائية، لمراجعة دورية من لجان داخلية مستقلة.
كما تُلزم هذه المعايير بتطبيق أنظمة رقابة إلكترونية لتتبع الأموال، وهو ما يبدو أنه لم يُفعّل بكفاءة في هذه القضية، مما سمح للموظف المتهم بالتصرف في المبلغ دون رقابة.
تُثير قضية شركة التعاون للبترول تساؤلات عاجلة حول فعالية الأنظمة الرقابية داخل الشركة، ومن هنا، فإن التعاون للبترول -بحسب مصدر قيادي فيها- في حاجة إلى إجراءات عاجلة منها:
- تفعيل أنظمة الرقابة الإلكترونية: يجب إلزام جميع الإدارات، خاصة الشؤون القانونية، بتسجيل المصروفات عبر منصات رقمية تخضع لمراجعة فورية. ولم يعرف أي البرامج الإلكترونية التي تستخدمها الشركة، وإن وجدتْ، فكيف سقطت هذه الواقعة من منظومتها، الأمر الذي يدخل بنا إلى مراجعة وتحقيق مع الشركة الموردة للبرنامج الإلكتروني.
- تكثيف التدقيق الداخلي: تشكيل لجان تدقيق مستقلة تُجري فحصًا دوريًا للحسابات، مع تقديم تقارير علنية لمجلس الإدارة.
- تدريب الموظفين في البرامج التي تهدف إلى تعزيز برامج التدريب على أخلاقيات الوظيفة العامة ومعايير الحوكمة، خاصة في الإدارات التي تتعامل مع الأموال العامة.
- تشديد العقوبات: دعم النيابة العامة في التحقيقات لضمان معاقبة المتورطين بما يردع الآخرين، مع استرداد المبالغ المختلسة.
في النهاية فإن فضيحة اختلاس مليون وستين ألف جنيه ليست مجرد قضية فردية، بل هي جرس إنذار يدعو إلى إصلاحات جذرية في إدارة المال العام في شركة التعاون للبترول، قطاع الطاقة، الذي يُعد عصب الاقتصاد المصري، يستحق منظومة حوكمة تضمن الشفافية وتحمي الموارد من العبث، نثق في أن النيابة العامة ستكشف كافة ملابسات القضية، ونأمل أن تكون هذه الواقعة حافزًا لتعزيز النزاهة في شركة التعاون للبترول وسائر شركات قطاع البترول في مصر.