أحدث توقيع أربع نقابات لموظفي الجماعات الترابية، الاثنين، محضر اتفاق مع وزارة الداخلية يقضي بالتزام الطرفين بمواصلة أجرأة مضامين مشروع النظام الأساسي عن طريق اجتماعات مسترسلة، ومواصلة الحوار القطاعي، انقساما جديدا في صفوف الجسم النقابي بالقطاع، لا سيّما بعد رفض نقابة الاتحاد المغربي للشغل (إ.م.ش) التوقيع على المحضر.
وأكدت الجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوّض، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، على لسان كاتبها الوطني، في تواصل مع هسبريس، أن “الموقف من محضر الاتفاق سببه عدم التوافق بعد على نظام أساسي يرقى للتطلعات، وعدم أخذ الداخلية مقترحات النقابات بعين الاعتبار”، في وقت تتقاسم فيه رفض المحضر مع النقابة الديمقراطية للجماعات الترابية.
نصّ محضر الاتفاق، طالعته هسبريس، على أنه “موازاة مع وضع مشروع النظام الأساسي الخاص بموظفات وموظفي إدارة الجماعات الترابية في مسطرة التشريع، تلتزم جميع الأطراف الموقعة على مواصلة الجهود من أجل أجرأة مضامينه عن طريق عقد اجتماعات مسترسلة”.
وأضاف المصدر نفسه أن هذه الاجتماعات تنعقد “وفق مقاربة تشاركية مع الفرقاء الاجتماعيين والقطاعات الوزارية المختصة، من خلال الانكباب على إعداد النصوص التنظيمية والتطبيقية المنبثقة عن هذا المشروع، والتوافق بشأنها، مع الالتزام باحترام آجال صدورها بعد إخراج النظام الأساسي إلى حيز الوجود”، على أن تدرج نقاط عدة في صلب المواضيع التي سيتم التداول بشأنها من جملة باقي النصوص التنظيمية.
ومن بين هذه النقاط، “تحديد كيفية تنظيم المباريات المهنية الداخلية لفائدة موظفات وموظفي الجماعات الترابية”، و”إحداث هيئات لموظفي الجماعات الترابية في ارتباط مع خصوصية القطاع”، إلى جانب “وضع منظومة التعويضات والحوافز، مع مراعاة خصوصيات مهام الجماعات الترابية، بعد الدراسة التقنية لها”.
وتعد هذه الوثيقة، وفق المصدر ذاته، “بمثابة إطار ملزم لجميع الأطراف لمواصلة الحوار القطاعي الذي يروم تحسين الوضعية الاجتماعية وتثمين الموارد البشرية بالجماعات الترابية”.
“الرفض والتمثيلية”
وقال سليمان أقلعي، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوّض، إن نقابته “رفضت التوقيع على محضر الاتفاق مع وزارة الداخلية بالنظر إلى أسباب عدة، على رأسها إلحاح الأخيرة على تمرير نظام أساسي لا يتجاوب مع انتظارات الموظفين وفئاتهم كحاملي الشهادات وخريجي مراكز التكيون الإداري، ودون أن تأخذ بعين الاعتبار المقترحات المقدّمة من قبل النقابات”.
وأضاف أقلعي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “أبجديات الحوار تقتضي أساسا الاستماع للنقابات وأخذ مقترحاتها بقدر كبير من الاهتمام”، مسجّلا أن “الوزارة لا تطبق المقتضيات التشريعية التي تنظم التمثيلية المهنية؛ فالمعلوم أنه في التعليم والصحة كما قطاعات أخرى، لا تحوز النقابة صفة أكثر تمثيلة إلا إذا حصلت على أكثر من 6 في المئة من الأصوات في انتخابات اللجان الثنائية”.
وفي هذا الصدد، انتقد توقيع المحضر، “مع نقابات لا تمثيل لها”؛ إذ إن “انتخابات 2021 أعطت النتائج التالية: الاتحاد المغربي للشغل 1122 مقعدا، بنسبة تفوق 30 المئة، ونقابة أخرى (التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل) 444 مقعدا، أي ما نسبته 11.80 في المئة، ونقابة ثالثة (الاتحاد العام للشغالين بالمغرب) 313 مقعدا (8.31 في المئة)”، مشددا على أن “هذه هي النقابات الأكثر تمثلية”.
وتساءل الفاعل النقابي ذاته: “كيف يمكن تمرير محضر اتفاق بدون توافق مع النقابة الأكثر تمثيلية؟”.
“حوار عقيم”
بدوره، عّد أحمد الراجي، الكاتب الوطني للنقابة الديمقراطية للجماعات الترابية، أن “محضر الاتفاق الموقّع لا يجيب عن انتظارت النقابة والشغيلة الجماعاتية”، مسجّلا أن “الحوار القطاعي أظهر منذ فترة أنه لا ينتج شيئا بالمقارنة مع الحوارات القطاعية الأخرى”.
وأضاف الراجي، ضمن تصريح لهسبريس، أن نقابته “تعارض النسخة الحالية للنظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية؛ إذ لا يرقى في تقديرها إلى ما انتظرته الشغيلة طيلة سنين”، مشددا على أنه “كان ينبغي على وزارة الداخلية، على الأقل، أن تأخذ بعين الاعتبار المراجع الموجودة، أي الأنظمة الأساسية لعدة قطاعات كالمالية والعدل”.
وشدد الفاعل النقابي عينه على أن “هذا النظام فارغ من أي تحفيزات لفائدة لموظفين الجماعاتيين رغم أدوارهم الحيوية؛ إذ يشتغلون في جميع المهام التي تقوم بها الوزارات الأخرى”، محمّلا في هذا الصدد “المسؤولية عن هذا الذي يجري حتى للنقابات التي وقّعت محضر الاتفاق”.
ولم يفت الموظف الجماعي ذاته أن ينتقد “شكل الحوار من الأساس؛ إذ إن آخر وزير داخلية جلس إلى الطاولة مع نقابات الجماعات الترابية هو امحند العنصر”، مفيدا بأن “مدير الجماعات الترابية أو الوالي هما فقط من يتحاوران مع النقابات، ما يظهر اللامبالاة في هذا الصدد”.