في خطوة تحمل بين طيّاتها أبعادًا اقتصادية واستراتيجية، أعلنت روسيا رسميًا موافقتها على تعديل شروط سداد قرض مشروع محطة الضبعة النووية، لتكون الأقساط القادمة بالروبل الروسي بدلًا من العملات الأجنبية الأخرى، في ظل التحولات العالمية وتحديات السيولة في الأسواق الدولية.
روسيا تُمهّد المستقبل النووي لمصر بعملة الروبل
وهذه الخطوة جاءت بعد توقيع بروتوكول حكومي بين القاهرة وموسكو، لتسهيل تسوية الدين الضخم الذي يموّل أحد أكثر المشاريع النووية طموحًا في المنطقة.
يرجع القرض الروسي، الذي تم توقيعه في 9 نوفمبر 2015، إلى اتفاق رسمي منح مصر تمويلًا لبناء أول محطة نووية سلمية في الضبعة، تنفذها شركة "روساتوم" الروسية.
وفي سبتمبر 2024، تم تعديل بنود السداد لتتماشى مع التغيرات الاقتصادية، حيث صرّح نائب وزير المالية الروسي أن مصر التزمت بسداد جميع الديون المستحقة حتى بداية 2024، وأن الأقساط الحالية تُسدَّد حسب الجدول الزمني بالروبل.
محطة الضبعة.. من الحلم إلى الواقع
مشروع الضبعة النووي ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة حلم مصري بدأ منذ السبعينيات، حين انطلقت أولى الخطوات لاختيار الموقع المثالي لإنشاء محطة نووية. المشروع يهدف لبناء أربع وحدات من مفاعلات الماء المضغوط من طراز VVER-1200، بسعة 1200 ميجاوات لكل مفاعل، وهو ما يمثل نقلة نوعية في مجال الطاقة داخل مصر.
وتشرف هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء على المشروع، بينما تتولى مؤسسة "روساتوم" الروسية وشركاتها التابعة تنفيذ عمليات البناء والتشغيل، عبر عقود تشمل الهندسة، التوريد، بناء المفاعل، توفير الوقود النووي، ودعم التشغيل.
3 مراحل متكاملة لتنفيذ الحلم النووي
يمر تنفيذ محطة الضبعة بثلاث مراحل رئيسية:
- المرحلة الأولى: بدأت في ديسمبر 2017 وتركزت على الأعمال التحضيرية للموقع.
- المرحلة الثانية: انطلقت بعد الحصول على إذن الإنشاء، وتتضمن أعمال البناء والتشييد والتدريب الفني، وتمتد لأكثر من خمس سنوات.
- المرحلة الثالثة: تتعلق بتجهيز اختبارات ما قبل التشغيل والتشغيل التجريبي للمفاعل، وتستغرق نحو 11 شهرًا.
بهذا المشروع، تفتح مصر صفحة جديدة في سجلّ أمنها الطاقي، مع شريك دولي له خبرة ممتدة في المجال النووي، وبترتيبات مالية تدعم مرونة الاقتصاد الوطني في ظل تقلبات السوق العالمية.