تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الأخيرة، صورا ومقاطع فيديو تُظهر أطعمة فاسدة في عدد من المطاعم ومحلات الوجبات السريعة؛ وهي صور ومقاطع أثارت جدلا واسعا وأعادت إلى الواجهة موضوع السلامة الغذائية خلال فصل الصيف، الذي يُعد موسما حساسا تتضاعف فيه حالات التسمم الغذائي بسبب الحرارة المرتفعة وسوء شروط الحفظ والتبريد.
ورغم أهمية التبليغ عن المخالفات، حذر فاعلون في مجال حماية المستهلك من خطورة اللجوء إلى الفضاء الرقمي كوسيلة للتشهير والابتزاز، بدل اتباع المساطر القانونية المعتمدة، داعين إلى مزيد من الوعي والانضباط في معالجة الشكايات ذات الصلة بالسلامة الصحية.
وفي هذا السياق، أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن بعض الشكايات التي تصل إلى الجهات المعنية تكون في بعض الأحيان كيدية، هدفها التملص من الأداء أو تصفية حسابات شخصية مع أصحاب المحلات؛ لكنه في المقابل شدد على أنه “حين يلاحظ أي شخص وجود منتج غير صالح للاستهلاك ينبغي عليه التوجه مباشرة إلى الجهات المختصة، مثل جمعيات حماية المستهلك أو السلطات المحلية أو الشرطة أو الدرك الملكي”.
وأضاف الخراطي، ضمن تصريح لهسبريس، أن مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من دورها في كشف بعض المخالفات، “تبقى فضاء افتراضيا غير منظم، يُستعمل في الغالب إما للتشهير أو للابتزاز”، مبرزا أن “ما نراه اليوم في بعض الفيديوهات المنتشرة على هذه المنصات هو نوع من التحريض والتضليل”، خاصة حين يتم تصوير مشاهد مفبركة دون تأكيد حقيقتها أو هوية مصورها؛ وهو ما من شأنه أن يسيء إلى أصحاب المحلات دون وجه حق.
وبالعودة إلى الجوانب التنظيمية، لفت الخراطي الانتباه إلى أن أحد أبرز الإشكالات التي تعاني منها منظومة المطاعم في المغرب هو سهولة الحصول على ترخيص لفتح محلات الأكل، قائلا: “غالبا ما تُمنح التراخيص لأشخاص ليست لديهم أية دراية بأساسيات حفظ الصحة، ولا يتوفرون على أي تكوين أكاديمي أو دبلوم؛ وهو ما يجعلهم عاجزين عن احترام معايير السلامة الغذائية”.
وشدد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك على دور الزبون في حماية نفسه، من خلال التحلي بالحذر واختيار المحلات التي تحترم شروط النظافة. وأوصى بـ”التحقق من نظافة المراحيض باعتبارها مؤشرا قويا على نظافة المطبخ، ومراقبة مظهر العاملين وتعاملهم وطريقة حفظ الأغذية قبل اتخاذ قرار تناول الطعام”.
وبالانتقال إلى الجانب الغذائي، شددت أسماء زريول، أخصائية التغذية وأستاذة التعليم العالي، على أن فصل الصيف يُعد فترة حرجة من حيث ارتفاع نسب التسممات الغذائية؛ نظرا لارتفاع درجات الحرارة التي تحول بعض السلوكات الغذائية اليومية إلى مصادر خطر.
وأوضحت زريول، ضمن تصريح لهسبريس، أن الصلصات المكشوفة، مثل “المايونيز” و”الكاتشب”، عندما توضع فوق الطاولات في درجات حرارة مرتفعة قد تتحول إلى بؤر لنمو البكتيريا. كما نبهت إلى ضرورة الانتباه أثناء التسوق، معتبرة أن مرحلة الوقاية تبدأ من السوق؛ من خلال اقتناء اللحوم والأسماك في نهاية عملية التسوق، ووضعها في حافظات مخصصة تحفظ البرودة لتفادي تلفها قبل الوصول إلى المنزل.
ومن العادات الخاطئة التي تناولتها الخبيرة غسل اللحوم والدجاج قبل الطهي، مؤكدة أن ذلك “يوفر بيئة مناسبة لنقل البكتيريا داخل المطبخ”، وأن “الحرارة أثناء الطهي كافية للقضاء على الميكروبات دون الحاجة إلى الغسل”.
كما شددت على أهمية الفصل بين أدوات تحضير اللحوم وتلك الخاصة بالخضر والفواكه، لتفادي انتقال البكتيريا إلى المواد النيئة التي لا تُطهى، وأوصت المستهلكين بتجنب اقتناء البيض من الباعة المتجولين أو الذين لا يُظهرون تاريخ الإنتاج، محذرة من أن البيض يُعد من الأغذية الحساسة القابلة للتلف السريع إذا لم تُحترم شروط الحفظ.
وفي ما يخص الفئات الأكثر عرضة للخطر، أكدت زريول أن الأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة هم الفئات التي يجب أن تحظى بأكبر قدر من الحيطة، لا سيما أن أجسامهم أضعف في مقاومة التسمم. ونصحت بأن يُقدّم لهم الطعام مباشرة بعد الطهي، أو يُحفظ في أوانٍ مخصصة تحافظ على درجة حرارته في حال تعذر ذلك.
أما بخصوص الأكل خارج المنزل، فقد دعت إلى تفادي السلطات غير المطهية والصلصات المكشوفة، واختيار محلات نظيفة وموثوقة ظاهريا في طريقة تقديم الطعام وتعامل العاملين، كخطوة أساسية للوقاية من أية مضاعفات صحية محتملة.