في إطار السعي نحو تعزيز كفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات الكربونية عبر حلول تقنيّة مستدامة، نجح أحد الطلاب المصريين في تصميم وتنفيذ نموذج تطبيقي ذكي يُعَد نواة لمواقف السيارات المستقبلية داخل المدن الذكية.
ويحمل المشروع، الذي أعدّه الطالب أيمن طلبة تحت إشراف وكيل كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة بجامعة شرق بورسعيد التكنولوجية الدكتور صبري موسى عبدالعزيز، ضمن أعمال طلاب الفرقة الأولى بقسم ميكاترونكس، اسم "موقف السيارات الذكي".
ويمثل المشروع -الذي اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- خطوة عملية في دمج تقنيات إنترنت الأشياء (IoT) والذكاء الاصطناعي في إدارة البنية التحتية بطريقة تُسهم في تقليل استهلاك الطاقة وتخفيف الزحام وتقليص وقت التشغيل والانبعاثات الناتجة عنه.
وتتبنّى مصر إستراتيجية وطنية شاملة لتعزيز كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات في إطار رؤيتها لتحقيق التنمية المستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030.
وأطلقت الحكومة عددًا من المبادرات والسياسات لدعم التحول نحو الاستعمال الرشيد للطاقة؛ من أبرزها برنامج تعزيز كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي والمباني الحكومية، ومبادرات ترشيد استهلاك الكهرباء في الإنارة العامة والمرافق الحيوية.
نموذج ذكي بإدارة ذاتية
قال وكيل كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية (السلام) الدكتور صبري موسى عبدالعزيز، إن النموذج يعتمد على نظام إلكتروني متكامل طُوِّرَ باستعمال لوحة التحكم Arduino UNO، ومجموعة من الحساسات الذكية (IR Sensors) التي تكتشف تلقائيًا وجود السيارة في كل مكان مخصص للانتظار.
وأضاف -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن كل حسّاس يرسل إشارات لحظية إلى وحدة التحكم فور دخول سيارة أو خروجها؛ ما يتيح عرض عدد الأماكن المتاحة لحظيًا عبر شاشة LCD رقمية عند مدخل الموقف.
وأوضح أن من أبرز مزايا هذا المشروع استعمال نظام إضاءة LED ذكي يُتَحكم به تلقائيًا فوق كل مكان انتظار، وتُضيء المصابيح بلون محدد (مثل الأخضر) في حال توافر المكان، وتتحول للون آخر (مثل الأحمر) أو تنطفئ عند إشغاله.
وتابع أن هذه المصابيح تمنح السائقين إشارات بصريّة واضحة من مسافة بعيدة لتوفير الوقت وتسهيل عملية الركن دون عناء الدوران داخل الموقف.
واستطرد قائلًا إن هذه الآلية تسهم مباشرة في خفض استهلاك الكهرباء، وتقليل زمن تشغيل الإضاءة، والحدّ من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن دوران السيارات في البحث العشوائي عن أماكن شاغرة.
خفض البصمة الكربونية
أوضح عبدالعزيز أنه جرت تهيئة النظام -أيضًا- لإدارة بوابات الدخول والخروج إلكترونيًا؛ ما يفتح المجال مستقبلًا لإدخال خاصية الحجز المسبق وتحديد أولوية المرور، بما يُسهم في تحسين تدفّق المركبات وزيادة كفاءة استغلال الموقف.
وجرت برمجة النظام بالكامل باستعمال بيئة Arduino IDE؛ لضمان التشغيل الذاتي الدقيق واستجابة النظام الفورية للمدخلات القادمة من الحساسات؛ ما يعكس قدرة الطالب على الدمج بين البرمجة والإلكترونيات والتحكم الذكي.
ولفت وكيل كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن المشروع يحقق عددًا من المزايا البيئية، ويُعد خطوة فاعلة في تعزيز كفاءة الطاقة وخفض البصمة الكربونية، إذ يسهم في:
- خفض مدة تشغيل الأنوار.
- تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن دوران السيارات.
- تحسين استعمال الموارد داخل المرافق الحضرية.
تكامل وظيفي
أشار الدكتور صبري عبدالعزيز إلى أن المشروع يمهّد الطريق لتكامل أكثر شمولًا مع تطبيقات الهواتف المحمولة وتحديثات الإنترنت، في حال تطويره مستقبلًا ليصبح جزءًا من منظومة المدن الذكية، سواءً في مراكز التسوق أو المستشفيات أو المؤسسات الحكومية.
ويُعد المشروع أحد النماذج التي تُبرز أهمية التعليم التطبيقي والبحث العملي في تطوير حلول تخدم المجتمع، ويؤكد قدرة الطالب الجامعي في تحويل المعرفة النظرية إلى ابتكار عملي يُواكب تحديات العصر.
وقد نُفّذ المشروع بالكامل داخل معامل قسم الميكاترونكس بجامعة حلوان التكنولوجية الدولية، بإشراف مباشر من الدكتور المهندس صبري موسى عبد العزيز، الذي قدم التوجيهات الفنية لضمان التزام المشروع بالمعايير الأكاديمية والهندسية الحديثة.

وتعمل مصر على دعم المشروعات الذكية التي تدمج أنظمة التحكم الحديثة، والطاقة المتجددة، وحلول إنترنت الأشياء (IoT) في إدارة استهلاك الطاقة، وذلك في إطار سعيها للتحول إلى مدن ذكية خضراء.
وتُعَد هذه الجهود خطوة محورية نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعزيز مكانة مصر بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..