يواصل الاقتصاد المصري إثبات مرونته وقوته في مواجهة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية والإقليمية، مدعومًا بإصلاحات هيكلية شاملة، وسياسات مالية ونقدية مرنة، واستثمارات استراتيجية.
وفي هذا التقرير من بانكير، نستعرض معكم الأسباب الرئيسية التي تعزز صلابة الاقتصاد المصري، وكيفية صموده وسط كل هذه التحديات والصراعات والحروب الدائرة في المنطقة بين إسرئيل وفلسطين من جهة وإسرائيل وإيران من جهة أخرى.
أسباب قوة الاقتصاد المصري
على مدار السنوات الماضية عانى الاقتصاد المصري أشد المعاناة بسبب الاضطرابات التي شهدتها المنطقة لاسيما مع اندلاع ثورات الربيع العربي والتي على إثرها شهدت المنطقة العديد من الصراعات التي تسببت في ضعف الاقتصاد الوطني ولعل من أبرزها إنخفاض الاحتياطي النقدي في مصر.
لكن سرعان ما انتبهت مصر لتلك الازمات، وقامت بعدد من الإجراءات الإصلاحية التي كان لها الفضل في عودة الاقتصاد المصري إلى سابق عهده وتحقيق معدلات نمو مرضية، وفيما يلي عرض تفصيلي لأهم أسباب قوة الاقتصاد المصري خلال السنوات القليلة الماضية.

1. إصلاحات اقتصادية هيكلية شاملة
منذ إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2016، نفذت مصر سلسلة من الإصلاحات الهيكلية التي عززت استقرار الاقتصاد الكلي، وتشمل هذه الإصلاحات تحرير سعر الصرف، وخفض الدعم على الطاقة، وتحسين بيئة الأعمال، وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية.
وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي لعام 2024، ساهمت هذه الإصلاحات في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي، بما في ذلك تقليص عجز الموازنة وزيادة احتياطي النقد الأجنبي.
في مارس 2024، شهد الاقتصاد المصري خطوة جريئة بتخفيض قيمة الجنيه بنسبة 38% مقابل الدولار، مدعومة بتدفقات استثمارية تجاوزت 50 مليار دولار، بما في ذلك صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات، وهذه الخطوة، إلى جانب اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ساعدت في تجنب أزمة ديون محتملة واستعادة الثقة في السوق المصري.
2. نمو اقتصادي مستدام
سجل الاقتصاد المصري معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي بلغ 4.3% خلال الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، وهو ما يعكس قدرة الاقتصاد على الصمود أمام التقلبات العالمية، ووفقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2022، ظل معدل نمو مصر من بين الأعلى في المنطقة، متوقعا أن يصل إلى 5% في 2022/2023، على الرغم من تباطؤ النمو العالمي.
وتساهم رؤية مصر 2030 في تنويع مصادر النمو الاقتصادي، مع التركيز على القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة، الصناعة، وتكنولوجيا المعلوماتطذ، كما أن الاستثمارات في البنية التحتية، مثل توسيع قناة السويس وتطوير المناطق الصناعية، عززت جاذبية مصر كوجهة استثمارية.

3. احتياطي نقدي قوي وتدفقات استثمارية
تجاوز احتياطي مصر من النقد الأجنبي 48 مليار دولار في يونيو 2025، وهو مستوى قياسي يعكس استقرار السوق المصري وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية.
وساهمت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، التي بلغت 10 مليارات دولار في 2023، وعائدات قناة السويس (10 مليارات دولار سنويًا) والصادرات (53 مليار دولار)، في تعزيز السيولة الدولارية.
كما أن الدعم المالي من شركاء دوليين، مثل الإمارات والسعودية، والاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي بقيمة 22 مليار دولار في 2024، لعب دورًا حاسمًا في استقرار الاقتصاد وسداد الديون الخارجية.
4. دور القطاع الخاص كمحرك للنمو
أصبح القطاع الخاص العمود الفقري للاقتصاد المصري، حيث يساهم بنحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر أكثر من 80% من فرص العمل.
ونفذت الحكومة سياسات لتمكين القطاع الخاص، بما في ذلك تقديم تسهيلات ضريبية واستثمارية، ووضع سقف للاستثمارات العامة عند تريليون جنيه (20.6 مليار دولار) لتشجيع استثمارات القطاع الخاص، التي بلغت 987 مليار جنيه اي ما يعادل 20.3 مليار دولار، في العام المالي 2024/2025.
5. الاستقرار السياسي والموقع الاستراتيجي
يتمتع الاقتصاد المصري بدعم الاستقرار السياسي، الذي يعد عامل جذب رئيسي للمستثمرين، كما أن الموقع الاستراتيجي لمصر، الذي يربط بين إفريقيا وأوروبا وآسيا، يعزز دورها كمركز تجاري ولوجستي، بالإضافة إلى قرب مصر من أوروبا وزيادة الصادرات إلى الأسواق الأوروبية عززا من تدفقات النقد الأجنبي.

6. مرونة في مواجهة الصدمات الخارجية
وأظهر الاقتصاد المصري صلابة ملحوظة في استيعاب الصدمات الخارجية، مثل تداعيات جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، والتوترات الإقليمية، ووفقا لتقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في مايو 2025، نجحت مصر في الحفاظ على استقرار اقتصادي بفضل سياساتها التحوطية وتنويع مصادر الدخل.
كما أن اكتشافات جديدة للغاز والنفط في الصحراء الغربية وخليج السويس، بطاقة إنتاجية تصل إلى 3380 برميل زيت و30 مليون قدم مكعب غاز يوميًا، تدعم الإنتاج المحلي وتقلل الاعتماد على الواردات.
قدرة الاقتصاد المصري على التكيف مع التحديات
ويؤكد الأداء الاقتصادي المصري في 2025 صلابته وقدرته على التكيف مع التحديات العالمية والإقليمية، وبدعم من الإصلاحات الهيكلية، والاستثمارات الاستراتيجية، والسياسات الاقتصادية المرنة، تظل مصر نموذجا للاقتصادات الناشئة القادرة على تحقيق النمو المستدام.
وتسعى الحكومة المصرية بقوة إلى استمرار تنفيذ رؤية مصر 2030، والذي يتوقع أن يواصل الاقتصاد المصري تعزيز مكانته كثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا ومركز استثماري إقليمي، ووجهة اقتصادية بامتياز لدول العالم في مختلف المجالات.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.