أخبار عاجلة
في ظل التصعيد مع واشنطن.. مصادر: إيران نقلت ... -

تقرير "الفجوة بين الجنسين" يحفز نقاشات المغاربة حول مدونة الأسرة

تقرير "الفجوة بين الجنسين" يحفز نقاشات المغاربة حول مدونة الأسرة
تقرير "الفجوة بين الجنسين" يحفز نقاشات المغاربة حول مدونة الأسرة

عقب صدور تقرير الفجوة بين الجنسين عن المنتدى الاقتصادي العالمي بادرت عدد من الجمعيات الحقوقية والنسائية إلى توجيه رسائل مفتوحة إلى الحكومة، تدعو من خلالها إلى التعجيل بإطلاق مشاورات شاملة حول إصلاح مدونة الأسرة. واعتبرت هذه الجمعيات أن استمرار التأخر في تعديل النصوص القانونية ذات الصلة يعمّق مظاهر التمييز ويقوّض مسار العدالة الاجتماعية؛ كما شددت على أن اللحظة الراهنة تفرض قرارات جريئة تتماشى مع التحولات القيمية التي يشهدها المجتمع المغربي، ومع التعهدات الوطنية والدولية في مجال تمكين النساء وتعزيز المساواة.

وانصبت المطالب المرفوعة على قضايا مركزية تمس جوهر العدالة الأسرية، في مقدمتها مراجعة أحكام الحضانة والولاية الشرعية وتعدد الزوجات، إلى جانب الدعوة إلى تحسين المساطر القانونية بما يكفل الحماية الفعلية للنساء من العنف الأسري. واعتبرت الجمعيات الحقوقية أن الإبطاء في إصلاح هذه البنود يترك المجال مفتوحًا لتأويلات متباينة، تُضعف من نجاعة النصوص وتكرّس اختلالات بنيوية في التنظيم الأسري، خاصة في ظل غياب اجتهاد قضائي مستقر يضمن اتساق الأحكام في القضايا ذات الطبيعة الحساسة.

وتُوجت مطالب الجمعيات النسائية والهيئات الحقوقية بالدعوة إلى اعتماد جدول زمني مُعلن وواضح لإخراج الصيغة المعدّلة لمدونة الأسرة، مقرون بضمانات مؤسسية تكفل تنفيذ مقتضياتها على أرض الواقع، تفاديًا لما وصفتها بـ”حالة التراخي التي شابت تطبيق بعض النصوص السابقة”. كما شددت هذه الفعاليات على أهمية إرساء آليات وطنية دائمة لتتبع أثر الإصلاحات على أوضاع النساء والأطفال، مؤكدة أن رهان النهوض بالأسرة المغربية يمر عبر ثلاثية لا غنى عنها: نص تشريعي عادل، وممارسة قضائية منصفة، وإرادة سياسية حازمة لا تساوم في قضايا الكرامة والعدالة والمساواة.

عدالة أسرية

ترى فايزة الدراق، الحقوقية والباحثة في قضايا الجندر، أن النقاش الجاري بشأن تعديل مدونة الأسرة لا يجوز أن يُختزل في معالجات جزئية أو تقنية، بل ينبغي أن يُتناول ضمن رؤية متكاملة تستحضر ما راكمه المغرب من تحولات اجتماعية وتشريعية خلال العقدين الأخيرين، وتؤكد أن الصيغة الحالية للمدونة لم تعد تلبي تطلعات النساء المغربيات في تحقيق المساواة داخل مؤسسة الزواج، ولا تستجيب للرهانات المرتبطة بإعادة توزيع الأدوار والحقوق داخل النسيج الأسري المعاصر.

وأوضحت الدراق، ضمن تصريحها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مرحلة المشاورات حول تعديل مدونة الأسرة تم استيفاؤها بشكل شامل، إذ أُتيح المجال لمختلف الفاعلين المؤسساتيين والمدنيين للتعبير عن آرائهم وتقديم مقترحاتهم، واعتبرت أن هذه المرحلة، التي استغرقت وقتًا معتبرًا، بلغت مداها، ولم يعد من مبرر لمزيد من التأجيل، بل إن التأخر في الانتقال إلى مرحلة الصياغة القانونية والتنزيل التشريعي يعكس، في نظرها، ترددًا سياسيًا لا ينسجم مع جدية الخطاب الرسمي والتزامات الدولة.

وشددت المتحدثة على أن النصوص المرتقبة ينبغي أن تُجسّد مبادئ المساواة والعدالة، وأن تُصاغ في إطار توافقي يراعي الخصوصية الوطنية، دون التفريط في المكتسبات الحقوقية التي راكمها المغرب.

إنصاف قانوني

أوردت المحامية سلمى المكاوي، من هيئة فاس، أن مراجعة مدونة الأسرة يجب أن تنطلق من تصحيح الاختلالات القانونية التي مازالت تُضعف موقع النساء داخل المنظومة الأسرية، ولاسيما في ما يتعلّق بتدبير المال المشترك ومساطر الطلاق والحضانة، ولفتت إلى أن الفصل 49 من المدونة يظل نقطة ضعف حقيقية، إذ يحمّل المرأة عبء إثبات المساهمة في تنمية أموال الأسرة، وهو ما يتناقض مع مبدأ الشراكة الذي يقوم عليه الزواج؛ كما توقفت عند ما وصفته بـ”الفراغ التشريعي” في الفصول التي تُحيل على الاجتهاد القضائي دون معايير موحدة، ما يفتح الباب أمام تأويلات متباينة قد تُخل بمبدأ المساواة أمام القانون.

وأكدت المكاوي أن ضمان الإنصاف داخل الأسرة المغربية يقتضي إدخال تعديلات جوهرية تستحضر التحولات الاجتماعية والدستورية، وتتماهى مع التزامات المغرب الدولية، داعية إلى تجاوز الحذر التشريعي والمرور إلى إصلاح فعلي يُكرّس العدالة ويُعيد الثقة في نجاعة النصوص القانونية.

وأوضحت المكاوي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن عدداً من بنود مدونة الأسرة تُحدث إرباكاً في المساطر القضائية، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى أحكام غير منصفة في حق النساء والأطفال، خاصة ما يتعلق بإثبات الضرر في دعاوى التطليق أو تقدير الكفالة، مبرزة أن المادة 100 من المدونة، مثلاً، لا توضح بشكل كافٍ كيفية إثبات الضرر، ما يترك المجال لاجتهادات قد تُفرغ النص من مقصده الحمائي.

وشددت المتحدثة على أن مراجعة هذه المواد يجب أن تترافق مع برامج تكوين وتوعية مهنية موجهة للقضاة والمحامين، من أجل ضمان تطبيق فعال للنصوص وتوحيد الاجتهاد القضائي بما يرسخ الإنصاف الفعلي داخل الأسرة؛ كما أكدت أن الرهان الجوهري لا يتوقف عند حدود تعديل النصوص القانونية، بل يتجاوزه إلى ضرورة تفكيك البنى الذهنية التي تُعيد إنتاج صور نمطية تحدّ من استقلالية النساء داخل المؤسسة الأسرية.

وأردفت المحامية نفسها بأن مدونة الأسرة، في صيغتها المنتظرة، ينبغي أن تُجسّد تطلعات المغاربة إلى مغرب منصف، قائم على الحقوق والمساواة، لا على التوازنات الهشة، ودعت إلى القطع مع المقاربات التوفيقية التي غالبًا ما تفرز قوانين رمادية، مؤكدة أن المرحلة تقتضي شجاعة تشريعية تُعلي من شأن الكرامة الإنسانية وتُفعّل مبدأ الإنصاف في أدق تفاصيل التشريع الأسري.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق في ظل التصعيد مع واشنطن.. مصادر: إيران نقلت ...
التالى بث مباشر.. مشاهدة مباراة الفتوة والجيش في الدوري السوري