في ظل التصعيد العسكري المستمر بين إيران وإسرائيل، الذي دخل يومه الخامس في يونيو 2025، لجأت طهران إلى دول الخليج العربية، وبصفة خاصة: قطر والسعودية وسلطنة عمان، للضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإقناع إسرائيل بقبول هدنة فورية.
ووفقًا لصحيفة آراب ويكلي، طلبت إيران من هذه الدول استغلال نفوذها الدبلوماسي مع واشنطن لوقف الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية ونووية إيرانية، بما في ذلك مستودعات صواريخ ومنشآت نووية، مما تسبب في مقتل قادة عسكريين بارزين.
وأشارت مصادر إيرانية إلى أن طهران مستعدة لإبداء مرونة في المفاوضات النووية، بما يشمل تعليق تخصيب اليورانيوم لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات والسماح بتفتيش صارم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشرط التوصل إلى وقف إطلاق نار فوري مع إسرائيل.
تعتمد إيران على العلاقات الاقتصادية والأمنية القوية التي تربط دول الخليج بالولايات المتحدة، مما يجعلها وسطاء محتملين لتخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي.
وفقًا لـ آراب ويكلي، أكدت مصادر إقليمية أن قطر وعمان بدأتا بالفعل بالتواصل مع طهران وواشنطن لتسهيل عودة المفاوضات النووية، لكن إيران شددت على أنها لن تتفاوض تحت النار، وأن أي حوار يجب أن يبدأ بعد توقف الهجمات الإسرائيلية.
كما نقلت الصحيفة عن مصدر خليجي مقرب من دوائر الحكومة أن دول الخليج تشعر بقلق عميق من احتمال خروج الصراع عن السيطرة، خاصة مع استهداف منشآت نووية إيرانية، مما قد يؤدي إلى تداعيات بيئية واقتصادية كارثية تشمل إمدادات النفط عبر مضيق هرمز.
وأضافت المصادر أن عمان تعمل على صياغة مقترح هدنة يهدف إلى إعادة إطلاق المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، مع شروط تشمل تعليق إيران لتخصيب اليورانيوم وفتح منشآتها للتفتيش الدولي.
وتواجه هذه الجهود الدبلوماسية تحديات كبيرة، خاصة في ظل تصريحات إسرائيل التي تؤكد عزمها على مواصلة الهجمات حتى القضاء على القدرات النووية الإيرانية.
وفقا لصحيفة آراب ويكلي، صرح المستشار الأمني الإسرائيلي تساحي هانجبي بأنه "من السابق لأوانه" الحديث عن هدنة، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن توقف عملياتها بعد أيام قليلة من بدء الحملة.
في الوقت نفسه، أشار موقع رويترز إلى أن إيران طلبت أيضًا من تركيا وروسيا التوسط لدى ترامب وإسرائيل لدعم جهود التهدئة، لكن الموقف الأمريكي لا يزال غامضًا.
ونقلت آراب ويكلي عن مصادر إيرانية أن طهران تخشى من اتساع الصراع إلى حرب إقليمية قد تمتد تداعياتها لعقود، مما دفعها للإشارة إلى استعدادها لوقف هجماتها إذا توقفت إسرائيل عن استهدافها. ومع ذلك، أكدت إيران أنها سترد بقوة إذا استمرت الضربات الإسرائيلية، مشيرة إلى أنها قد "تفتح أبواب الجحيم" كرد فعل.
موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يضيف طبقة أخرى من التعقيد، حيث رفض فكرة السعي لوقف إطلاق نار فوري، مشيرًا إلى أنه يهدف إلى "نهاية حقيقية" للصراع.
وفقًا لـ الجارديان، نفى ترامب تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن مغادرته المبكرة لقمة مجموعة السبع في كندا كانت مرتبطة بمحاولة التوسط لهدنة، مؤكدًا أن خططه تتعلق بشيء "أكبر بكثير".
كما أشارت واشنطن بوست إلى أن البيت الأبيض يناقش إمكانية عقد لقاء بين مبعوث أمريكي ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مما قد يمثل خطوة أولية نحو الحوار.
ومع ذلك، يبقى نجاح جهود دول الخليج في الوساطة مرهونًا بقدرتها على إقناع الولايات المتحدة وإسرائيل بالانخراط في حوار جاد، في ظل مخاوف من أن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها.