كشفت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي الصادر اليوم أن الطلب العالمي على النفط سيواصل مسار النمو حتى نهاية العقد الحالي، وذلك على الرغم من بلوغه ذروته في الصين، أكبر مستورد للنفط، بحلول عام 2027، في تحول استراتيجي يطرح تحديات جديدة أمام خطط التحول الطاقي العالمي.
وأشار التقرير إلى أن العوامل الاقتصادية في الدول النامية، وأسعار البنزين الرخيصة، وتباطؤ وتيرة اعتماد المركبات الكهربائية، تُمثل محركات أساسية لهذا النمو المستمر، رغم الجهود الدولية المتزايدة للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
النفط في قلب التحول الطاقي العالمي
تأتي هذه التوقعات في وقت تسعى فيه الاقتصادات الكبرى إلى تسريع خطواتها نحو الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات الكربونية، إلا أن الفجوة بين الطموحات البيئية والواقع الاقتصادي والتقني لا تزال واسعة، خاصة في الأسواق الناشئة، حيث ما تزال البنية التحتية للنقل والطاقة تعتمد بدرجة كبيرة على المشتقات النفطية.
وحذرت الوكالة من أن استمرار ارتفاع الطلب حتى 2030 قد يعيد رسم خريطة الاستثمارات العالمية في الطاقة، في وقتٍ يشهد فيه العالم تحديات تمويلية وتنظيمية لتمكين التحول الكامل إلى الطاقة النظيفة.
ذروة استهلاك النفط: تحولات جغرافية لا تعني التراجع العالمي
ورغم أن التقرير حدد عام 2027 موعدًا لوصول ذروة الطلب على النفط في الصين نتيجة نضج السوق، إلا أنه أكد أن مناطق أخرى، خصوصًا في جنوب شرق آسيا وأفريقيا، ستظل تدفع منحنى الطلب صعودًا، مما يعزز النظرة بأن العالم لا يزال بعيدًا عن مرحلة "ما بعد النفط".
وتوقعت الوكالة أن تستمر قطاعات مثل النقل البحري، والطيران، والصناعات الثقيلة في الاعتماد المكثف على النفط خلال العقد المقبل، مع تأخر البدائل التقنية أو عدم قدرتها على المنافسة من حيث الكلفة والوفرة.
التكنولوجيا والسياسات: عناصر حاسمة
يشير التقرير إلى أن مسار الطلب النفطي مرهون بعوامل متعددة، من أبرزها وتيرة تبني التكنولوجيا منخفضة الانبعاثات، ومدى فعالية السياسات الحكومية، وآليات التسعير والدعم، في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط على الحكومات للوفاء بتعهدات المناخ دون تعريض النمو الاقتصادي للخطر.
وفي هذا السياق، أكدت وكالة الطاقة الدولية أن تأخير الانتقال العادل والمنضبط للطاقة قد يُعقد من مهمة تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، خصوصًا إذا استمر دعم الوقود الأحفوري بشكل غير متوازن.
خلاصة استراتيجية
يرسم التقرير صورة معقدة لمستقبل النفط، حيث لا يعني الوصول إلى الذروة التراجع الفوري في الطلب العالمي، بل انتقال مركز الثقل الجغرافي إلى أسواق جديدة. ومع تواصل الطلب المدفوع بأسعار الوقود المنخفضة وتباطؤ التحول التكنولوجي، يبدو أن النفط سيظل حاضرًا بقوة في معادلة الطاقة لعقد آخر على الأقل، ما يتطلب من صناع السياسات وضع استراتيجيات واقعية ومتكاملة توازن بين التنمية والبيئة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
