أخبار عاجلة

محمد عبدالعال يكتب: لماذا خصصت الدولة أرض إلى وزارة المالية ؟

محمد عبدالعال يكتب: لماذا خصصت الدولة أرض إلى وزارة المالية ؟
محمد عبدالعال يكتب: لماذا خصصت الدولة أرض إلى وزارة المالية ؟

أصدر فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم ٣٠٣ لسنة ٢٠٢٥ بتخصيص قطعة أرض بمساحة ٤١٥١٥,٥٥ فدان تقريبًا تعادل ١٧٤٣٩٩٩٠٠م٢ من المساحات المملوكة للدولة ملكية خاصة ناحية محافظة البحر الأحمر لصالح وزارة المالية؛ لاستخدامها في خفض الدين العام للدولة وإصدار الصكوك السيادية وفقا للقوانين والقواعد المعمول بها في هذا الشأن .

والقرار شارح لنفسه بجلاء وشفافية ويتضح منه الحقائق التالية :

اولا : ان الأرض مملوكة للدولة ، وتم تخصيصها وليس بيعها لوزارة المالية ، ويعنى ذلك ان وزارة المالية لا يجوز لها بيع تلك الأرض حالياً ، أو مستقبلاً ، لاى جهة محلية أو خارجية .

ثانياً : أن الغرض الأساسى من عملية التخصيص هو إستخدام تلك الأرض فى خفض الدين العام للدولة  واصدار الصكوك السيادية وفقاً للقوانين والقواعد المعمول بها فى هذا الشأن .

ولكن ما هى قصة الصكوك السيادية الجديدة والمزمع إصدارها قبل نهاية هذا العام وما علاقتها بتخصيص الأرض ؟

إن الأمر ببساطة يستهدف إتاحة أرض مميزة يمكن لوزارة المالية استخدام عوائد استثمارها ، فى استثمارات مباشرة ، أو إستثمارات مشتقة، عبر إصدار سندات سيادية ، تقوم باستخدام صافى عائداتها ، فى خفض عجز الموازنة والدين العام .

فالصكوك السيادية هى أحد أنوآع الأوراق المالية التي تُستخدم في تمويل الاحتياجات المالية للمشروعات الاستثمارية القومية ، و التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وايضاً هى احد مصادر تمويل عجز الموازنة العامة للدولة ، مثلها مثل السندات واذون الخزانة ، ولكنها تختلف عنهما فى ثلاث اختلافات جوهرية :

اولهما : تختلف عن السندات التقليدية بأنها لا تعتبر ديونًا على الدولة، وإنما تمثل ملكية شائعة جزئية في أصول أو مشاريع معينة ، الصكوك السيادية تضمنها أصول حقيقية. ( الارض وما سوف يشتق عليه من استثمارات ومشروعات ) ، بينما السندات تمثل ديونًا على الدولة، مع دفع فوائد ثابتة أو متغيرة عليها .

ثانيهما : الصكوك السيادية تخضع للمضاربة وتتعرض للخسارة والربح ، على عكس السندات التى تتحدد قيمة عائدها الثابت مسبقاً و يتم صرفه دوريا ، أو فى نهاية أجل الورقة المالية مضافا اليه قيمة السند الإسمية دون زيادة أو نقصان .

ثالثهما : الصكوك السيادية تتوافق مع تطبيقات المعاملات وفقاً لمبادئ الشريعة ، حيث يمكن ان تصدر فى شكل صكوك مضاربة ، او صكوك مرابحة ، او صكوك مشاركة ، او صكوك اجارة.

ولقد شهد سوق الصكوك الإسلامية عالمياً نمواً مستدامًا خلال العامين الأخيرين ، مع تجاوز القيمة الإجمالية للأصول الإسلامية إلى ما يفوق ال٢ تريليون دولار، مسجلة معدل نمو سنوي مركب يقارب 16%. مع إصدار سنوي يتجاوز 200 مليار دولار.وأبرز الدول المصدرة: ماليزيا (حوالي 55% من السوق)، السعودية (20%)، الإمارات (10%)، إندونيسيا (5-7%). مع دخول دول أخرى إلى سوق الصكوك مؤخرا مثل تركيا ومصر ، وتتركز اهم أنواع الصكوك الأكثر انتشارا فى الإجارة، المشاركة، والمضاربة. وكانت مصر قد أصدرت بنجاح أول صكوك سيادية في تاريخها في فبراير 2023 ، وكانت قيمة هذا الإصدار 1.5 مليار دولار أمريكي. وقد شهد هذا الطرح إقبالًا كبيرًا، حيث بلغت قيمة الاكتتاب فيه حوالي 6.1 مليار دولار، أي بتغطية تجاوزت أربع مرات قيمة الطرح.وتم تسجيله فى بورصة لندن .

ومن هنا نجد ان فلسفة تخصيص الارض لوزارة المالية ومن ثم منحها القدرة على اصدار الصكوك السيادية الاسلامية ،تستهدف تحقيق مجموعة اهداف و مصالح استراتيجية ومتكاملة منها :

اتاحة المجال لوزارة الماليةفى إستخدام حصيلة الصكوك السيادية فى تمويل المشروعات الاستثمارية والاقتصادية القومية الجديدة ، أو إعادة هيكلة بعض المشروعات القائمه .

خفض عبئ تكلفة وخدمة الدين العام ، وزيادة اجل محفظة الدين ، تمشياً مع استراتيجية الدولة فى ضرورة خفض معدل نمو الدين العام .

خلق سوق جديدة لتداول الصكوك السيادية ، بما يتناسب مع نمو سوق المال المصرى ، وأهمية أن تتوفر منصات مصرية لتداول مثل تلك الصكوك تلبية لطلبات المستثمرين المحليين والاجانب وتمشيا مع رواج هذا السوق اقليميا وعالمياً .

التوافق مع التوجهات الاقتصادية العالمية خاصة مع توجه بعض الدول لخفض أسعار الفائدة، مما قد يقلل من تكلفة التمويل من خلال أدوات مثل الصكوك ومقابلة الطلب على أدوات التمويل الإسلامي، الذي يتزايد خاصة في الدول ذات الاقتصاد الإسلامي القوي.

تحفيز الطلب على الاصدارات الحكومية من الاوراق المالية وادوات الدين العام ، بالجنيه المصرى أو بالنقد الاجنبى ، بالاضافة إلى تلبية الطلب على صكوك التمويل المستدام، مع تزايد استخدام أدوات التمويل الأخضر، وتوجهات الاهتمام المتزايد بالمشاريع المستدامة والصديقة للبيئة. و إمكانية إصدار صكوك للمشاريع الرقمية. وتنمية الوعى لبناء بنية أساسية وسوق لاصدار وتداول الصكوك السيادية فى مصر ، والترويج للأنشطة المرتبطة ، كانشطة التوريق ، و وادارة إصدارات الصكوك السيادية ، وإتاحة تداول الصكوك السيادية فى البورصة المحلية ، والعالمية ، والمساعدة فى بناء سوق ثانوى للصكوك السيادية .

حقاً أن قرار الدولة بتخصيص تلك الأرض لوزارة المالية هو قرار استراتيجى مهم ، وله آثار ايجابية عميقة ، ويمثل خطوة استباقية ايجابية فى أن تكون الصكوك السيادية المصرية خيارًا جذابًا للمستثمرين، خاصة في ظل تراجع أسعار الفائدة، لأنها توفر عوائد تعتمد على أصول حقيقية، وتكون غالبًا مرتبطة بمشاريع إنتاجية أو أصول ملموسة ذات عوائد حقيقية جيدة .

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية تتجاوز 10 ملايين جنيه خلال 24 ساعة
التالى حضرت احتفالية.. محامي نوال الدجوي يرد على تحدي الخصوم: "الدجوي في كامل قواها العقلية