أفادت أرضية المناظرة الوطنية حول “الأمازيغية وإعادة بناء مفهوم الوطنية وآفاق العمل الأمازيغي بالمغرب” بأن “الحركة الثقافية الأمازيغية بدول شمال أفريقيا وجنوب الساحل شكّلت منذ عقود صوتا وفكرا جريئا ومجددا بنظرة مستقبلية في مساءلة الخطابات والخيارات الرسمية والنخبوية حول اللغة والثقافة والهوية والانتماء والوطنية”.
وجاء ضمن الأرضية الخاصة بالمناظرة المرتقب تنظيمها من قبل الجامعة الصيفية بأكادير هذا الشهر، أن “الإقرار الدستوري باللغة الأمازيغية كلغة رسمية وتنوع مكونات وروافد الثقافة المغربية وفي صلبها الأمازيغية سنة 2011، والإقرار الملكي بالتقويم الأمازيغي وترسيم السنة الأمازيغية، شكّل تتويجا لمسار طويل من النضال والإنتاج العلمي والمعرفي والإبداعي”.
وأوضح المصدر ذاته أن ذلك فتح أيضا “مرحلة جديدة أمام الحركة الأمازيغية والإطارات والفاعلين والباحثين والمبدعين العاملين من أجلها، وهي مرحلة تستدعي منهم العمل على التفعيل الجاد والمؤسساتي والقانوني لهذه المقتضيات، والانتقال من منطق المطالبة إلى منطق البناء، ومن الدفاع عن الهوية والتاريخ وتوضيح التصورات والمنزلقات الإيديولوجية إلى المساهمة في مأسستها وإعادة بناء الوطنية والمواطنة الفعلية، وتطوير الخطاب والفعل الأمازيغي في سياق وطني وإقليمي جديد ومتغير”.
وبخصوص “بناء مفهوم وخطاب وطني جديد”، كشفت الأرضية سالفة الذكر أن “الإطارات الأمازيغية أصبحت مطالبة بطرح نقاش جدي وعميق حول مفهوم “الوطنية المغربية؛ فالاعتراف بالأمازيغية وترسيمها في الدستور يمكن اعتباره تتويجا لمرحلة، وإن كان يعوزها التفعيل الجاد على المستويات المؤسساتية ومجالات الحياة العامة”.
وسجلت في هذا السياق أنه “في ظل التحولات الجيو-سياسية والدولية التي يشكل المغرب جزءا منها، أصبحت الحاجة ملحة إلى خطاب وطني جديد يعكس هذه الدينامية ويؤسس لمرحلة أكثر وعيا ومسؤولية وتحرّرا، في وقت تشكل الأمازيغية الإطار الثقافي والإنسي والتاريخي لبلورة وإعمال هذا الخطاب والتصور الوطني”.
أما بالنسبة لـ”صياغة خطاب وطني جديد والتنظير للمستقبل من داخل الإطار الفكري والإنسي الأمازيغي”، فلا يمكن أن يتم ذلك، وفق المصدر نفسه، “بمعزل عن التفكير في آليات العمل الفعال والمنتج والمؤثر؛ فقد أبانت السنوات الأخيرة عن تضخم الخطاب أو بالأحرى الكلام وردود الفعل، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، وهشاشة الفعل وحجم ومستوى العمل وتأثيره واستمراريته، فضلا عن غياب تنسيق منسجم يجمع بين المرجعية المشتركة والفعالية المدنية والسياسية والمؤسساتية”.
وذكرت أرضية المناظرة الوطنية، المرتقب تنظيمها بأكادير في شهر يونيو الجاري، أن “تجاوز هذه الوضعية يتطلب التفكير في أشكال تنظيم حديثة وقادرة على توحيد الرؤى مع استثمار تعدد المسارات والآليات وتكاملها، وكذا التفكير في طرح الأداة الحزبية ذات الطبيعة السياسية لتطوير الفعل والتأثير في موازين القوى والقرار وتفعيل الخيارات الجديدة”.
ودعا المصدر عينه إطارات وفاعلي وباحثي ومبدعي ومناضلي الحركة الأمازيغية إلى “الاعتراف وتصحيح الخطاب والخيارات اللغوية والثقافية والهوياتية والتنموية، وهو ما يتطلب تحديث الخطاب الأمازيغي ليواكب التحولات السياسية والجيو-استراتيجية الوطنية والإقليمية”.
كما نبّه إلى أهمية “تجاوز النظرة الضيّقة للتنظيم وتعزيز الفعل المؤثر والقوة الاقتراحية والضاغطة لدى الحركات الأمازيغية، مع تطوير الإطارات والعمل الأمازيغي والتفكير في أدوات اشتغال حديثة تمكّن الحركة الأمازيغية من الفعل والمبادرة والتأثير في القرار والتدبير المؤسساتي والسياسي”، بتعبير الأرضية.