أخبار عاجلة

إندبندنت: الإدانة البريطانية لا تكفي.. وترامب وحده من يملك لجام إسرائيل

إندبندنت: الإدانة البريطانية لا تكفي.. وترامب وحده من يملك لجام إسرائيل
إندبندنت: الإدانة البريطانية لا تكفي.. وترامب وحده من يملك لجام إسرائيل

تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الوحيد الذي تُصغي إليه حكومة بنيامين نتنياهو، وفقًا لما ورد في مقال "ذا إندبندنت ويك إند". ولكن يبدو أن الأفق يحمل في طيّاته يوم حساب أوسع لإسرائيل، وهو ما يتطلب منها تغيير حكومتها لتجنب تداعيات قد تكون وخيمة، وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد غير مسبوق في وتيرة الإدانات الدولية لسلوك إسرائيل خلال حربها في غزة، والتي أصبحت تشكل ضغطًا هائلًا على تل أبيب من مختلف العواصم العالمية.

شهد النصف الثاني من عام 2024 تحولًا ملحوظًا في لهجة الانتقادات الموجهة لإسرائيل، حيث أصبحت أكثر حدة ووضوحًا. فمنذ ذلك الحين، صدرت اتهامات صريحة من كل من الاتحاد الأوروبي وإدارة بايدن بخصوص الدمار غير الضروري الذي ألحقته إسرائيل بقطاع غزة، والاستخدام المفرط للذخائر ضد غير المقاتلين، وسياسة تجويع السكان، ومنع وصول المساعدات الإنسانية الحيوية. كما تضمنت هذه الانتقادات رفض إسرائيل الانخراط في أي إطار سياسي لما بعد الحرب في غزة، وترددها الواضح في إنهاء الصراع، بالإضافة إلى توجيه اتهامات خطيرة بارتكاب أعمال إبادة جماعية. هذه الاتهامات لم تعد مجرد همسات دبلوماسية، بل أصبحت بيانات علنية وصريحة، مما يعكس تدهورًا كبيرًا في العلاقات الدولية لإسرائيل.

تصاعدت حدة هذه الضغوط بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي، حيث ارتفع مستوى "الديسيبل" في الانتقادات الدولية الموجهة لإسرائيل. تمثل ذلك في عدة خطوات دبلوماسية غير مسبوقة: صدر بيان بريطاني-كندي-فرنسي مشترك يندد بأفعال إسرائيل، وقامت بريطانيا بتعليق محادثات توسيع التجارة معها، بينما قرر الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاقيات قائمة. جاءت هذه الإجراءات تتويجًا لتوبيخ حاد وغير مألوف من وزير الخارجية البريطاني في مجلس العموم، مما يدل على عمق الاستياء الأوروبي. 

الأهم من ذلك، عادت للظهور بقوة نوايا دول الاتحاد الأوروبي الاعتراف أحاديًا بالدولة الفلسطينية، وهو ما يمثل تحولًا استراتيجيًا كبيرًا. ولعل الأكثر تأثيرًا وفتكًا في نظر إسرائيل هو التسريبات التي خرجت من البيت الأبيض، والتي عكست إرهاق الرئيس دونالد ترامب واستياءه الشديد من تصرفات بنيامين نتنياهو، وهو ما يقلب المعادلة التقليدية للدعم الأمريكي غير المشروط.

وعلى الرغم من محاولات الحكومة الإسرائيلية لتبرير هذه الإدانات بأنها نابعة من "نفاق وضعف" الأوروبيين، واستغلالهم لتهميش ترامب لإسرائيل خلال جولته في الشرق الأوسط التي ركزت على السعودية والإمارات وقطر، فإن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك. صحيح أن ترامب همّش إسرائيل في بعض الجوانب وشكك في قيمتها كحليف، كما حدث عندما انخرط في محادثات مباشرة مع إيران بشأن اتفاق نووي أو عندما علق الأنشطة العسكرية ضد الحوثيين في اليمن دون ذكر إسرائيل، أو عندما قام بجولة اقتصادية إقليمية تخطى فيها إسرائيل بشكل لافت. لكن هذا التهميش لم يكن السبب الجوهري لتدهور مكانة إسرائيل. ففي الواقع، نتنياهو نفسه هو من قاد هذا التدهور، من خلال سنوات من التحدي الصريح، والغطرسة الدبلوماسية، والسياسات المتهورة التي أغضبت حتى أقرب حلفائها.

وجاء البيان البريطاني-الكندي-الفرنسي المشترك ضد أفعال إسرائيل يوم الاثنين الماضي مصحوبًا بتهديد مبطن واضح: "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الإجراءات الفظيعة. إذا لم توقف إسرائيل الهجوم العسكري المتجدد وترفع القيود على المساعدات الإنسانية، فسنتخذ إجراءات ملموسة إضافية ردًا على ذلك." هذا البيان يؤكد أن بريطانيا وكندا والاتحاد الأوروبي ليسوا معادين لإسرائيل كدولة، بل معادين لنتنياهو وحكومته على وجه التحديد. ولم يستمدوا إشاراتهم أو توجيهاتهم من واشنطن، بل جاءت مواقفهم نابعة من قناعاتهم المستقلة تجاه الأوضاع الإنسانية والسياسية في غزة. وعلى الرغم من ادعاء وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن "الانتفاع البريطاني انتهى قبل 77 عامًا"، فإن الحقيقة هي أن إسرائيل لم تجد صديقًا أفضل لها في أوروبا من بريطانيا منذ كارثة 7 أكتوبر والحرب التي تلتها في غزة.

ولم يدخر كل من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ووزير خارجيته ديفيد لامي، وهما حليفان قديمان لإسرائيل، أي جهد في التعبير عن موقفهما الواضح. فقد صرح ستارمر بأن "مستوى المعاناة في غزة لا يطاق على الإطلاق". 

أما لامي، فقد كان أكثر صرامة، مستحضرًا موقفه الداعم لإسرائيل منذ بدء الحرب في عام 2023، ليقول: "يجب أن نسمي التطهير العرقي هذا باسمه الحقيقي. إنه تطرف. إنه مقزز. إنه وحشي." تبع ذلك تعليق بريطانيا لمحادثات التجارة مع إسرائيل وفرض بعض العقوبات – وإن كانت خفيفة جدًا – على مستوطنين أفراد وعدد قليل من المنظمات المتطرفة للمستوطنين في الضفة الغربية، مما يعكس تحولًا في السياسة البريطانية تجاه المستوطنات.

ومن خلال مبادرة هولندية، أعلن الاتحاد الأوروبي عن نيته "مراجعة" اتفاقية الشراكة الاقتصادية مع إسرائيل، التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1995. يجب على المسؤولين الإسرائيليين أن يتذكروا أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لإسرائيل، حيث يمثل 34% من وارداتها و30% تقريبًا من صادراتها. يجادل الاتحاد الأوروبي بأن إسرائيل قد لا تلتزم بحسن نية بالمادة 2 من الاتفاقية، التي تنص على أن "العلاقات بين الأطراف، وكذلك جميع أحكام الاتفاقية نفسها، يجب أن تستند إلى احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية... وتشكل عنصرًا أساسيًا في هذه الاتفاقية." هذه المراجعة قد تكون لها تداعيات اقتصادية خطيرة على إسرائيل، خاصة إذا قرر الاتحاد الأوروبي تعليق أو تعديل الاتفاقية.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت هذه الإجراءات تمثل "التسونامي الدبلوماسي" الذي حذر منه الكثيرون لسنوات، والذي من شأنه أن يزيد من عزلة إسرائيل وتهميشها على الساحة الدولية، لا سيما بعد إطلاق نتنياهو "انقلابه الدستوري" في أوائل عام 2023. تظل الولايات المتحدة هي المفتاح الرئيسي للإجابة على هذا السؤال. 

فكما أكدت افتتاحية "الإندبندنت"، فإن الضغط المستمر من الولايات المتحدة هو السبب الوحيد الذي سمح لإسرائيل بدخول حتى أقل كمية من المساعدات الإنسانية إلى غزة. ومع ذلك، فإن العدوان الإقليمي الجديد لإسرائيل يثير تساؤلات جدية حول ما ناقشه نتنياهو مع ترامب، وما قاله ترامب إنه سيفعله، أو لن يفعله، في رد على ذلك.

ويمتلك ترامب، الذي حثته المملكة العربية السعودية على إنهاء الحرب، القدرة على ممارسة ضغط حقيقي وفعال على إسرائيل. وفي حال قرر ذلك، فإنه سيواجه مقاومة قليلة في واشنطن، بالنظر إلى الإجماع المتزايد حول ضرورة إنهاء الصراع. بدلًا من ذلك، يمكنه أن يبقى بعيدًا ويتبنى موقفًا غير مبالٍ، قائلًا: "اتصلوا بي عندما تكونوا جادين، أنا خارج الأمر." كلا الخيارين سيولّدان المزيد من الانتقادات الأوروبية، وربما يؤديان إلى إجراءات ملموسة ومشددة ضد إسرائيل، مما يزيد من عزلتها الدولية ويعمق أزمتها السياسية والاقتصادية.
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أنظار العالم تترقب نحو الفاتيكان متى سيظهر الدخان الأبيض
التالى طقس أول مايو 2025.. أجواء دافئة نهارًا وبرودة ليلًا وأمطار محتملة على السواحل