
محمد أبو العلا: أحزاب الموالاة تسعى لتقليص المشاركة السياسية لأقصى حد
- طالبنا بتقسيم عادل للدوائر الانتخابية يواكب التنوع النيابي ولم يتم الاستجابة
- المشهد الانتخابي المقبل ليس به منافسة بسبب قانون الانتخابات
- أي حزب يتبنى دعائم دينية أو قبلية خطر على وحدة المجتمع
- نتائج المعارضة تتسع مع كل إخفاق لأحزاب الموالاة
- البرلمان الحالي لم يلبِ الحد الأدنى من الأداء التشريعي والرقابي
- لا مؤشرات واضحة حتى الآن لتشكيل برلمان حقيقي
- الانتخابات القادمة قد تكون محسومة إذا استمر النظام الانتخابي الحالي
- الهيئة الوطنية للانتخابات لم تمنح المجتمع المدني صلاحيات كافية للرقابة
- الشفافية الانتخابية تراجعت مقارنة بما كان قبل عشر سنوات
- الأحزاب الحقيقية تفتقر للأدوات اللازمة للاحتكاك بالشارع
- التجريف السياسي أفقد الأحزاب كوادرها ومصادر تمويلها
- لا عدالة في فرص الدعاية.. والإعلام منحاز لأحزاب الموالاة
- المال السياسي يحدد شكل البرلمان.. ولا رقابة حقيقية عليه
- دمج الأحزاب دون إرادة أعضائها عدوان على الحريات السياسية
- ننتظر من الدولة فتح المجال العام وتحقيق شراكة سياسية حقيقية
في الوقت الذي يترقب فيه المشهد السياسي المصري تطورات قانون الانتخابات البرلمانية، وتتشكل فيه تحالفات واستعدادات حزبية لخوض السباق النيابي المقبل، تحدث محمد أبو العلا، رئيس مفوضية الانتخابات بحزب الدستور عن موقف الحزب من النظام الانتخابي المرتقب، وتحفظاته على أداء البرلمان الحالي، وتحديات الأحزاب في المشهد العام.
وأوضح أبو العلا في حوار مع «الرئيس نيوز» رؤيته حول النظام الأمثل لضمان تمثيل عادل ومتوازن، ورد على الدعوات لدمج الأحزاب الصغيرة، وانتقد بشدة غياب الشفافية والعدالة في فرص الدعاية والتمويل.
كما كشف عن موقف الحزب من القوائم الانتخابية المشتركة، وتحفظه على المشاركة ضمن تحالفات تضم أحزاب الموالاة.
إلى نص الحوار..
بداية.. لماذا توقف الحديث عن قانون الانتخابات البرلمانية، وما الشكل النهائي الذي تم الاستقرار عليه؟
الحديث عن قانون الانتخابات النيابية وضمانات حرية ونزاهة الانتخابات لم يتوقف، وموقف المعنيين بقضية تطوير النظم الانتخابية والنهوض بها إلى المعايير الملائمة ثابت لا يتغير، الشكل الذي نطمح إليه هو الوصول لانتخابات بنظام القوائم النسبية المفتوحة، بما يكفل أكبر قدر من التنوع والمشاركة السياسية، وموقف المعارضة المصرية في هذا الشأن به ما يكفي من المرونة لقبول خلط النظم النسبية بنظم الأغلبية المطلقة بشكل مرحلي، ولكن للأسف لم يتم الاستجابة لما طرحناه.
لماذا رفضت عدد من الأحزاب مقترحات القانون التي تقدمت بها أحزاب المعارضة بالعمل وفق قانون يجمع القوائم المغلقة والنسبية؟
التنوع الفكري في مصر يفرض تصنيف الأحزاب السياسية إلى شقين رئيسيين قبل تضمين الرؤية الاقتصادية من اليمين إلى اليسار.
بمعنى أن الأهم في تصنيف الأحزاب السياسية هو وضع رؤيتها على مقياس التحرر والسلطوية وانتمائها لقيم الحريات الفردية واتساع المشاركة على عكس الانتماءات الفكرية الأخرى المتمسكة بتضييق مساحات المشاركة السياسية بمزاعم عدم نضوج المجتمع سياسيًا وما يشبه ذلك من الأفكار.
ذلك التصنيف ينعكس على الموقف من أي تشريع أو مسعى لتوسيع مساحات المشاركة والتنوع، فأحزاب الموالاة سيكون غرضها الدائم هو الحفاظ على أقل قدر ممكن من المشاركة السياسية، في حين سيناقض ذلك أي حزب ينتمي لقيم التحرر.
هل تطالبون بتقسيم جديد للدوائر خاصة أن البعض اشتكى منها خلال الانتخابات الماضية؟
بالفعل، طالبنا بتقسيم ملائم للدوائر الانتخابية يتسق مع منطق المشاركة النسبية، وبالطبع يختلف هذا المنظور لتقسيم الدوائر إن استمرت النظم الانتخابية في نفس مسارها المنتج لتحجيم التنوع النيابي.
كيف ترى المشهد الانتخابي في الانتخابات المقبلة، وما الاختلاف بينه وبين أي انتخابات سابقة؟
رؤية المشهد الانتخابي المقبل بعد الإعلان عن النظام الانتخابي بالقائمة المغلقة المطلقة هي رؤية ضبابية، وإن لم يتطور إلى مساحات أكبر من التنوع، أعتقد أن أثر ذلك سيكون سلبيا جدًا.
هل ظهور حزب الجبهة الوطنية سيؤثر على الحياة السياسية بشكل إيجابي أم سلبي؟
أي حزب سياسي قائم على رؤية سياسية ناضجة يمثل إضافة للتنوع الفكري والسياسي المصري، ويسهم في تطوير الأداء النيابي بوجه عام، لكن الأحزاب التي تقوم بالأساس على دعائم دينية أو عرقية أو قبلية، تمثل أشد الخطر على تماسك ووحدة المجتمع ولا تضيف سواء للأداء النيابي أو السياسي أي قيمة إيجابية.
ماذا عن تصورك لحجم المقاعد لأحزاب الموالاة والمعارضة في البرلمان المقبل؟
يعتمد ذلك على النظام الانتخابي النهائي الذي سنشهده، والذي سينعكس بالسلب أو الإيجاب على مشاركة الأحزاب المنتمية لقيم التحرر أو بمسمى آخر المعارضة.
هل تؤثر المنافسة بين أحزاب الموالاة على عدد مقاعد المعارضة في البرلمان؟
لا توجد منافسة بين أحزاب الموالاة على مقاعد البرلمان، ولا أثر لذلك على ما تحصل عليه أحزاب المعارضة الحقيقية من مقاعد برلمانية، أحزاب المعارضة لها أصواتها وقواعدها الشعبية التي تتسع مع كل إخفاق لأحزاب الموالاة.
هل تشاركون في الانتخابات ضمن قائمة تجمع الموالاة والمعارضة؟
حزب الدستور لديه آليات لائحية لاختيار مرشحيه وطرق مشاركته في الانتخابات النيابية، وشأن المشاركة ضمن قوائم أحزاب الموالاة لم يُطرح للنقاش أصلًا، ورأيي الشخصي الذي أعتقد أنه يمثل قطاعًا كبيرًا من زملائي أن هذا أمر غير مقبول.
ما تقييمك لأداء البرلمان في الدورة الماضية؟
للأسف الشديد، أداء البرلمان على مختلف أدواره التشريعية والرقابية وغيرها لم يصل للحد الأدنى المأمول أو المقبول، ولم يُفرز إلا حزمة تشريعات لا تفي بالطموحات.
هل هناك حراك لتشكيل برلمان حقيقي أم ترى الصورة باهتة؟
لم تتضح رؤية تشكل البرلمان حتى الآن، لكن لم أرَ ما يدعو للتفاؤل حتى الآن.
هل تعتقد أن الانتخابات المقبلة ستشهد منافسة حقيقية أم أن النتائج محسومة سلفًا؟
يتحدد ذلك حسب النظام الانتخابي، وبعد الإعلان القانون لا أرى منافسة والنتائج محسومة لصالح الموالاه.
ما تقييمك لدور الهيئة الوطنية للانتخابات في ضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية؟
الهيئة الوطنية للانتخابات مختصة بإدارة العمليات الانتخابية في جميع مراحلها، أما مهمة مراجعة أعمال المعايير العامة الدولية لنزاهة وحرية الانتخابات فهو دور مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في هذا الشأن، وهو دور شهد تراجعًا شديدًا في العشر سنوات الأخيرة، فلم تُمنح الهيئة الوطنية ما يكفي من تصاريح المراقبة والمتابعة لمراجعة تلك المعايير.
بالإضافة إلى أن مقدار شفافية العملية الانتخابية تراجع بدوره إلى حد كبير في نفس الفترة. كانت اللجنة العليا للانتخابات توالي نشر النتائج بعمق قوائم نتائج اللجان الفرعية وما يتعلق بها من إحصاءات المشاركة بالإدلاء بالأصوات من فئات الناخبين المختلفة سواء الفئات العمرية أو الذكور إلى الإناث وتقسيم ذلك جغرافيًا بما يمثل أداة فعالة لمباشرة الأحزاب لوظائفها وبالتالي صنع القرار السياسي. إلا أن هذا المستوى من الشفافية تراجع للأسف مع غيره من كل شواهد الشفافية.
برأيك، لماذا لا تزال الأحزاب السياسية في مصر غير قادرة على تعبئة الشارع؟
الأحزاب السياسية تحتاج مزيدًا من الأدوات للاضطلاع بأدوارها والاحتكاك بالشارع وقياس توجه الرأي العام في مختلف القضايا وهي أدوات حتى الآن للأسف غائبة عن القطاع المعني باستخدامها من الأحزاب السياسية.
أما الأحزاب التي تُتاح لها كافة الأدوات على كافة المستويات لا تهتم أصلًا باستخدامها وغير معنية بتعبئة الشارع أو قياس الرأي العام.
ما التحديات التي تواجه الأحزاب في الترشح وتقديم مرشحين قادرين على المنافسة؟
الفترة الماضية شهدت تعرض الكثير من الأحزاب السياسية لحالة تجريف شديدة، فأصبح الكثير منها يفتقر لتنوع الكوادر الصالحة لتحمل المسئولية النيابية من جهة، ومن جهة أخرى الكوادر المعبرة عن قيمها وما تأسست عليه من مبادئ، من جهة أخرى توفير مصادر التمويل لإدارة الحملات الانتخابية، وتوفير المتطوعين المناسبين لإدارة الحملات، وقبل كل ذلك المناخ السياسي العام المفتوح الملائم للمنافسة النيابية وطرح الرؤى المتطورة بشكل شعبوي ينتج تعبئة الناخبين وتوجيههم لتحمل مسئولية الاختيار النيابي السليم.
ما دور الإعلام في تشكيل وعي الناخب؟ وهل يؤدي هذا الدور بحيادية؟ وهل تكون التغطية الإعلامية للانتخابات منحازة أم متوازنة؟ ولماذا؟
للأسف الشديد فرص الدعاية والتمويل لا يمكن مقارنتها بأحزاب الموالاة، فتحصل الأخيرة على مساحات غير عادلة إطلاقًا بالإعلام الحكومي وشبه الحكومي، بما يُرسي فكرة عدم وجود أي بديل صالح قد تُستبدل به الأوجه التي طالما كان الناخب يرفضها ولا يرى البدائل الصالحة التي تعبر عن طموحاته وأحلامه.
إلى أي مدى يؤثر المال السياسي في نتائج الانتخابات؟ وهل هناك رقابة حقيقية على مصادر الإنفاق؟
اعتاد الناخب رؤية مقدراته النيابية تتحرك بمقدار ما يتم إنفاقه في الدعاية الانتخابية بلا رقيب أو حسيب، ولم يصل أي تيار سياسي إلى أغلبية أو تمثيل نيابي يمثل رقمًا ملائمًا بدون استخدام المال السياسي، وكانت أكبر الانتهاكات المتعلقة بالإنفاق الدعائي، انتهاكات التيارات الدينية في أعقاب ثورة يناير التي وصلت إلى حد فتح أسواق سلع وأغذية باسم أحزابها توزع الرشاوى الانتخابية علنًا، فضلًا عن توزيع الأغذية واللحوم وكروت صرفها علنًا بلا رقيب، وتوارثت عنها نهجًا مشابهًا بعض أحزاب الموالاة. وهو أمر شوّه المشهد السياسي العام، وأثر على الناتج الإجمالي للانتخابات النيابية بغرفتيها.
هل تتوقع أن هناك مشاركة ملموسة للشباب في المشهد الحزبي والانتخابي؟ وما الدليل؟
يتحدد ذلك بطبيعة النظام الانتخابي وما سيرسمه من ملامح لتمكين الشباب بحيدة وتجرد.
ما رأيك في الدعوات إلى دمج الأحزاب الصغيرة لتشكيل كيانات سياسية أكثر تأثيرًا؟
يعتقد البعض أن التقسيم السياسي ينحصر في تصنيف الأحزاب عمومًا إلى يمين ويسار ووسط، وترتيبًا على ذلك فلا داعي لوجود عدد يربو على المائة حزب سياسي بدولة كمصر، لكن هذا المعتقد لا علاقة له بالعلوم السياسية أو المفاهيم العلمية الاجتماعية التي هي الأساس في التصنيف والتراتب، فمن المعلوم أن التصنيف السياسي أو الأدلجة السياسية تقوم على محورين، أولهما أفقي يُرتب عليه الرؤية الاقتصادية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومحور آخر رأسي يُرتب عليه الرؤية الاجتماعية السياسية من أقصى السلطوية في أعلاه إلى منتهى التحرر في أسفله. وعلى هذا النحو لو كان أساس التقسيم عشر درجات في كل اتجاه من الاتجاهات الأربع، ينتج عن ذلك أربعمائة رؤية سياسية بين اليمين واليسار على اختلاف درجات تشدده، والسلطوي والمتحرر على اختلاف درجات انحيازه للسلطوية أو التحرر. بالتالي فإن أي إضافة للمجال السياسي تمثل تيارًا ورؤية سياسية وإضافة إلى التنوع المأمول وتمثل قطاعًا من المصريين مهما بلغ صغره. ودمج الأحزاب السياسية بعيدًا عن إرادة أعضائها يمثل أبلغ العدوان على حرية الرأي والتعبير والاعتقاد السياسي.
ماذا عن التحالفات الانتخابية التي بدأتم العمل عليها؟
ستتضح ملامح التحالفات الانتخابية في أعقاب اعتماد النظام الانتخابي والدوائر الانتخابية.
ما المطلوب من الدولة، ومن الأحزاب، ومن المجتمع المدني لدعم التحول الديمقراطي الحقيقي؟
نأمل من الدولة مزيدًا من المتسع لفتح المجال العام وإتاحة الفرص الملائمة لاشتباك الأحزاب بالشارع واستخدامها للأدوات السياسية الملائمة لطرح رؤيتها وكوادرها على الناخب، ويجب على الأحزاب وهنا أتحدث عن الأحزاب الحقيقية المعبرة عن أحلام وطموحات المصريين، أن تضطلع بمسئوليتها وتطرح بدائلها السياسية، أما عن دور المجتمع المدني فهو مرهون بالمساحة التي يتم إتاحتها لعمله على مختلف المستويات ابتداء من التدريب السياسي والاجتماعي إلى مراقبة ومتابعة الاستحقاقات الانتخابية وإعداد الإحصاءات والدراسات الاجتماعية الملائمة لتكون جزءًا من عملية التحول الديمقراطي.
أخيرًا.. ما الجديد في أزمة حزب الدستور والحكم الصادر بإلغاء نتيجة الانتخابات؟
نظرت المحكمة الإدارية العليا دعوى الحزب طعنًا على ذلك القرار، وكان قد تم حجز الدعوى للحكم، إلا أن الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار رئيس مجلس الدولة، قد ارتأت إعادة الدعوى للمرافعة، وذلك مع إلزام لجنة الأحزاب السياسية بعرض رد سائغ على دفاع الحزب وإلزامها بعرض ما ورد إليها من إخطارات وما استندت عليه في إصدارها، وحددت لذلك جلسة ١٩ مايو الجاري.
