بحثَ تحليل حديث بواقع وتحديات مشروعات الهيدروجين في أوروبا التي يُعوّل عليها لإزالة الكربون وتحقيق أهداف المناخ، وأبرزها الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ولتحويل المستهدفات من حبر على ورق إلى واقع، سلّطت شركة أبحاث واستشارات السوق "ويستوود غلوبال إنرجي" الضوء على 3 تحديات رئيسة تنتظر حلولًا حاسمة من صنّاع السياسات، وهي: التمويل، والتشريعات والسياسات، وتطوير البنية الأساسية.
وبحسب التقرير الذي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن صناعة الهيدروجين الأوروبية تتطلب حاليًا اتّباع نهج أكثر واقعية، وخاصة مع إلغاء مشروعات مؤخرًا والشكوك التنظيمية وتباطؤ وتيرة تطوير المشروعات وتخفيض -وإلغاء- مستهدفات الإنتاج.
وفي تقرير سابق لها، توقعت الشركة ألّا تصل سوى 17% (الخُمس) من مشروعات الهيدروجين في أوروبا إلى مرحلة الإنتاج بحلول عام 2030.
مشروعات الهيدروجين في أوروبا
تقول شركة ويستوود غلوبال إنرجي، إن الهيدروجين في أوروبا عنصر محوري في تنفيذ إستراتيجية إزالة الكربون ومستهدفات الإنتاج بحلول نهاية العقد الجاري.
وتجلّت تلك الأهمية في تخصيص -أو إعلان- تمويلات بقيمة 32.9 مليار يورو (36.7 مليار دولار) خلال الربع الأخير من العام الماضي (2024) لدعم الإنتاج ومرافق البنية الأساسية، لكن شهدَ القطاع إلغاء -أو توقّف- نحو 20% من مشروعات الهيدروجين، بعدد 23 بإجمالي قدرات 29.2 غيغاواط.
وأرجعت الشركة الأمر إلى عقبات وتأخيرات تنظيمية وارتفاع التكاليف والتحديات الاقتصادية وتراجع الطلب على الهيدروجين، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن تقرير شركة الأبحاث والتحليلات المتخصصة عن أبريل/نيسان المنقضي (2025).
ويوضح الرسم البياني التالي -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- توقعات إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون حتى عام 2030:
ولاقتناص ما أسمته بـ"الفرص الواقعية" لصناعة الهيدروجين في أوروبا وإطلاق العنان لإمكانات السوق، قدّمت الشركة التوصيات التالية:
- الدعوة إلى اتّباع نهج أكثر واقعية، فقد حظيت المشروعات بشعبية هائلة مؤقتة فيما يُعرف بـ"دورة الضجيج"، وتواجه المشروعات الآن عقبات كبيرة.
- تطبيق سياسات تنظيمية داعمة، وخاصة مع الضغوط المصاحبة لتطبيق قواعد الوقود المتجدد من أصل غير حيوي (RFNBO) في عام 2027.
- دعم قنوات التمويل، لأنه لا يحدث تقدُّم سوى للمشروعات التي حصلت على إعانات حكومية كبيرة، أو نجحت في تأمين مشتريات محددة بوضوح لإنتاجها.
- التركيز على قطاعات الاستعمالات النهائية التي ستقود الطلب على الهيدروجين الأخضر ومنخفض انبعاثات الكربون.
- ثمة حاجة لإحراز تقدُّم في مشروعات خطوط أنابيب نقل الهيدروجين وتخزينه على النطاق الصناعي الأوسع نطاقًا.
إنتاج الهيدروجين الأوروبي للاستهلاك البحري والصناعي
يقول محللو شركة الأبحاث "ويستوود غلوبال إنرجي"، إن استمرار الزخم كان سمة مشروعات الهيدروجين في أوروبا على مدار شهر أبريل/نيسان (2025).
لكن التبني الفوري وواسع النطاق للهيدروجين داخل القطاعين البحري والصناعي ما زال محدودًا، وهو ما يكشف عن "تحدٍّ رئيس" يواجه المشروعات، وهو تحديد أكثر المستهلكين النهائيين من الناحية العملية.
ويُنظر إلى الهيدروجين بوصفه بديلًا مثاليًا لإزالة الكربون من الصناعات صعبة الكهربة، مثل سفن الشحن ومصافي التكرير من بين أخرى، لكن تحديد المستهلكين النهائيين لمشروعات الهيدروجين في أوروبا سجَّل "تقدمًا حذرًا" مؤخرًا.

وعلى صعيد القطاع البحري، أصدرت المنظمة البحرية الدولية (IMO) إطار عمل مُلزِم قانونًا لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة من قطاع الشحن عالميًا، تمهيدًا للوصول إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
يشمل ذلك فرض رسوم لخفض انبعاثات الكربون، وأيضًا عقوبات على عدم الامتثال للقواعد، ومكافآت لتجاوز الأهداف المقررة، مع إقامة صندوق لدعم تطويل مشروعات الوقود الأخضر.
ورغم ما يمثّله ذلك من تقدُّم، فإن الخطة تفتقر للطموح، وربما تصبّ في صالح استعمال أنواع وقود أرخص مثل الغاز المسال بتسيير السفن بدلًا من الوقود الخالي من الانبعاثات مثل الهيدروجين الأخضر.
وبهذا المعنى، فإنه من المحتمل أن تهيمن السفن مزدوجة الوقود والغاز المسال والوقود الحيوي على مشهد القطاع البحري في المدى القريب، وهو ما يُحجّم دور الهيدروجين في الوقت الحالي.
وفي القطاع الصناعي، شهد قطاع الهيدروجين في أوروبا "إنجازًا لافتًا" بإكمال تركيب أول فرن جاهز للعمل بالهيدروجين في المملكة المتحدة داخل مصفاة النفط "ستانلو" (Stanlow) على يد شركة "إيسار إنرجي ترانزيشن" (Essar Energy Transition) في أبريل/نيسان (2025).
لكن من المتوقع ألّا يبدأ تشغيل الفرن بحرق الهيدروجين إلّا بعد 3 سنوات على الأقل، ومبدئيًا سيعمل بحرق الغاز الطبيعي أو غازات المصفاة.
وخلال أبريل/نيسان 2025 أيضًا، أعلنت الشركة خطة لتشغيل المرحلة الأولى من مشروع إنتاج الهيدروجين باستعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه في المصفاة بحلول عام 2028.
ومن المتوقع اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بمشروع إنتاج الهيدروجين بعد سبتمبر/أيلول 2025، لكنه يظل رهنًا بالمفاوضات مع الحكومة بشأن الإعانات التي تستهدف سدّ الفجوة بين تكلفة إنتاج الهيدروجين الرمادي والهيدروجين المستعمَلة فيه تقنية احتجاز الكربون وتخزينه.
ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أشهَر 3 أنواع من الهيدروجين:
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: