أطلق مهتمون مبادرة عالمية لقياس انبعاثات الهيدروجين، ما يساعد في تخطي أحد أبرز تحديات الصناعة خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ظل الاندفاع العالمي لتطوير الوقود النظيف وتوسعة نطاق نشره.
وتُغطي الدراسة غير المسبوقة سلسلة التوريد بالكامل، وتتميّز بأنها تجمع بين الجهود البحثية والرصد الفعلي للانبعاثات.
وكشفت متابعة منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن) تفاصيل المبادرة، عن مشاركة 4 من كبريات شركات الطاقة ومرافقها في عملية الرصد، ما يشير إلى خطوة إيجابية نحو التعاون الأكاديمي والصناعي لضمان "واقعية" التوصيات.
ولسنوات، عانت الصناعة "فجوة" في البيانات والمعلومات الرئيسة التي يمكن البناء عليها لتطوير المشروعات.
وبجانب الباحثين والأكاديميين، تتولى الفرق المعنية قياس مستوى انبعاثات الهيدروجين في مرافق وبنية تحتية تابعة للشركات الأربع، في أميركا الشمالية وأوروبا، مع مرونة التوسع في دول ومناطق أخرى مستقبلًا.
دور شركات الطاقة
تشارك في مبادرة قياس انبعاثات الهيدروجين 4 شركات طاقة رائدة، في خطوة تحمل دلالات مهمة على تعاون مثمر قد ينعكس إيجابًا على الصناعة.
ومن بين الشركات المتعاونة عملاقتا النفط والغاز العالميتان: شل، وتوتال إنرجي، كما تُسهم شركتا الغازات الصناعية: إير برودكتس (Air Products) الأميركية، وإير ليكيد (Air Liquid) الفرنسية.
ويتلّخص دور الشركات الصناعية الأربع في تعزيز التطوير البحثي والعلمي ببيانات موثوقة، عبر فتح المجال أمام الباحثين الأكاديميين في مرافقهم ومحطاتهم ومصانعهم لرصد المعلومات والتطبيق العملي، ما يصب بنهاية الأمر في صالح تفسيرات علمية دقيقة لحجم الانبعاثات.

وأكدت نائبة قسم الغازات الخضراء لدى توتال إنرجي، كارين بويسي روسو، أن التعاون في هذه الدراسة يساعد المطورين على فهم طبيعة الانبعاثات داخل المرافق الصناعية، ما يساعد في رصد المخاطر وتعزيز توسع الصناعة عالميًا.
وأوضح مسؤول الهيدروجين لدى شل، آندي بيرد، أنه يتعيّن على المشغلين الرئيسين في الصناعة العمل على التأسيس لمعايير مستقبلية، خاصة أن الوقود النظيف مهم لتحول الطاقة وإزالة الكربون.
وقال نائب رئيس مشروعات الهيدروجين العالمية في إير ليكيد، إروين بنفورنيس، إن شركته تسعى لتقييم مستوى انبعاثات الوقود النظيف، وستوسع جهدها تعاونًا مع المبادرة، للعمل على خفض الانبعاثات من الصناعات والنقل الثقيل.
وشددت نائبة مسؤول قسم استعمال الهيدروجين في التنقل بشركة إير برودكتس، كارولين ستانسل، على دور المعلومات الموثقة في دعم اتخاذ القرار.
مبادرة قياس انبعاثات الهيدروجين
تُعد مبادرة قياس انبعاثات الهيدروجين عملًا عالميًا فريدًا وغير مسبوق، إذ للمرة الأولى تنتقل الدراسات المعنية من المختبرات والجامعات إلى المرافق الصناعية المعنية.
ويهدف ذلك إلى منح النتيجة النهائية صبغة واقعية تخدم الصناعة بصورة حقيقية، عبر سد فجوة البيانات أولًا، ثم تقديم المقترحات الملائمة.
ويتيح ذلك دعم كل من المنتجين، والهيئات التنظيمية، والمستثمرين، في إطار التوسع العالمي للتجارة.
ويتبنّى المبادرة صندوق الدفاع عن البيئة (EDF) غير الربحي، بمشاركة:
- أكاديميين وعلماء وباحثين من 4 جامعات، هي: أوتريخت الهولندية، ورود آيلاند، وغرب فرجينيا، وكورنيل في أميركا.
- 3 شركات تطبيقات بحثية: إيروداين الأميركية للأبحاث، ومنظمة البحوث العلمية والتطبيقية الهولندية تي إن أو "TNO"، وترانسبورت إنرجي.
- 4 شركات رائدة في مجال الطاقة والغازات.
وتتضمّن خطوات المبادرة قياس معدل انبعاثات الهيدروجين في المرافق وسلسلة القيمة، ويشمل ذلك: وحدات الميثان، وخطوط الأنابيب، والضواغط، ومنشآت الإسالة، ومصافي تكرير النفط، ومحطات الوقود، والسيارات، والبنية التحتية ذات الصلة.
وتقوم الدراسة على استعمال أجهزة تجارية عالية الدقة، وأخرى متنقلة للرصد والاستشعار، بهدف مسح انبعاثات المواقع ومكوناتها بوتيرة سريعة وواضحة.
وتحتوي المبادرة مخاوف المطورين وصُنّاع القرار، بعدما أكدت دراسات وقوف الهيدروجين وراء ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي، ما يهدم أهدافه المناخية من أساسها.
وقد تؤدي البيانات الدقيقة لمستوى الانبعاثات إلى التغلب على هذا التحدي، بنشر تقنيات تمنع تسرب الهيدروجين ووضع السياسات الداعمة لذلك.

منهجية المبادرة
يتزايد حضور الهيدروجين في أجندة حكومات ومنظمات وشركات عالمية عدة، وأقرت 60 دولة -حتى الآن- إستراتيجيات وطنية تتضمّن مستهدفات الوقود النظيف واستثماراته وخطة تطويره، وفق معلومات وكالة الطاقة الدولية.
وتتميّز منهجية المبادرة بالتركيز على البيانات الحقيقية من المنشآت التشغيلية، وآراء وخبرات المشغلين، ما يضمن دلائل علمية دقيقة تزيح الغموض عن طبيعة الانبعاثات ومعدلها في الهيدروجين.
ويبدو أن صندوق الدفاع عن البيئة -ممول المبادرة- استهدف دمج شركات الطاقة في المبادرة، لتوسع استعمالها في التكرير وإنتاج الكيماويات، وتطبيقات إزالة الكربون وتحول الطاقة، بالإضافة إلى قطاع النقل والصناعات الثقيلة؛ بوصفها من الصناعات كثيفة الاستهلاك.
ومن المقرر أن تتواصل جهود الرصد الميداني في المنشآت ومرافق الطاقة حتى مطلع العام المقبل 2026، بعدما بدأ التمهيد والإعداد للدراسة منذ مارس/آذار الماضي.
ووصف أستاذ الفيزياء في جامعة أوتريخت، توماس روكمان، الدراسة بأنها "غير مسبوقة" في نطاقها ومنهجها، مشيرًا إلى أنه لم يسبق العمل على أبحاث مماثلة تغطي سلسلة التوريد بالكامل.
وتُسهم شركة "إيروداين" بأجهزة ومستشعرات أكثر حساسية تلتقط انبعاثات الهيدروجين في المنشآت الصناعية، وفق بيان التدشين المنشور على موقع الصندوق.
وسبق أن استعملت شركات التطبيقات خططًا ماثلة لرصد انبعاثات الميثان من قطاع الغاز الطبيعي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..