تواصل المخرجة المغربية خولة أسباب بنعمر الترويج لأحدث أعمالها السينمائية “راضية”، من خلال جولة في عدد من المهرجانات السينمائية الوطنية، وذلك بعد أن حظي الفيلم بعرض أول متميز ضمن فقرة “أسبوع النقاد” بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي يعد من أبرز التظاهرات السينمائية بالعالم العربي.
ويستعد فيلم “راضية” للمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان خريبكة للسينما الإفريقية في دورته الجديدة، حيث من المنتظر أن يحظى باهتمام النقاد والمتتبعين، لما يحمله من عمق فني وطرح وجودي لقضايا المرأة المغربية، في ظل التحولات الاجتماعية المتسارعة.
ويحكي هذا العمل الروائي الطويل، الذي تبلغ مدته 79 دقيقة، قصة امرأة تنتمي إلى الطبقة الوسطى، تسعى إلى التحرر من القيود التي تكبلها، سواء النفسية أو الاجتماعية، في رحلة وجودية تأخذ طابعا داخليا عميقا، بلا وجهة واضحة، ولكن بدافع حارق نحو إعادة اكتشاف الذات وإعادة تعريف مفهوم النجاح.
وتطرح بنعمر من خلال هذا العمل الذي أنتجه زوجها المخرج رؤوف الصباحي سؤالا محوريا يتمثل في: “ما هو المعنى الحقيقي للنجاح بالنسبة للمرأة المغربية المعاصرة؟”، وهو سؤال يتردد صداه طيلة أحداث الفيلم، التي تمتزج فيها التجربة الفردية للبطلة بالأسئلة الكبرى التي تهم وضعية المرأة داخل المجتمع المغربي الراهن.
واعتمدت المخرجة في بنائها البصري على جمالية الأبيض والأسود، ما منح الفيلم بعدا تأمليا وزاد من عمقه الرمزي، كما أدرجت بعض اللمسات الفنية للرسوم المتحركة، في خطوة تعكس بحثا إبداعيا في اللغة السينمائية، وتوظيفا واعيا لأدوات التعبير لتقريب المشاهد من عالم البطلة الداخلي.
ويعد “راضية” ثاني عمل روائي طويل لخولة أسباب بنعمر، بعد فيلمها الأول “نور في الظلام” الذي قدمته سنة 2017، وحاز مجموعة من الجوائز بعد مشاركته في عدد من المهرجانات الدولية. كما تواصل المخرجة من خلال هذا العمل الجديد انخراطها في مقاربة قضايا المرأة عبر زوايا فنية مبتكرة، وبلغة سينمائية تراهن على الحساسية الجمالية والعمق الإنساني.
يذكر أن بنعمر تعد من الأصوات السينمائية النسائية الصاعدة في الساحة الوطنية، حيث اختارت أن تسير في خط سينمائي مستقل، يعكس رؤيتها الخاصة للعالم، ويستمد قوته من صمت المرأة وجرأتها في آن، ومن تفاصيل الحياة اليومية التي تتحول في عدستها إلى لحظات وجودية شديدة الرمزية.
وتنتظر المخرجة ذاتها محطات جديدة في جولتها الوطنية بفيلم “راضية”، في وقت يزداد الحضور النسائي خلف الكاميرا في المغرب، مع بروز جيل جديد من المخرجات اللواتي يحملن طموحات فنية متجددة، ورغبة في إعادة مساءلة الواقع من خلال الفن السابع.