أخبار عاجلة
عمل جديد يجمع بين تامر حسني والشامي -
موعد مباراة بيراميدز أمام بتروجت في الدورى -

تنغير تتحول إلى قبلة سياحية متألقة

تنغير تتحول إلى قبلة سياحية متألقة
تنغير تتحول إلى قبلة سياحية متألقة

كأنها استفاقت من سبات طويل، تنفست الأرض أخيرا بعد سنوات من الجفاف وعادت تنغير لترتدي ثوبها الأخضر، مزهوة بألوانها الطبيعية التي لم تشهدها المنطقة منذ زمن. المطر الذي طال انتظاره لم يسق التربة فقط، بل أحيا روح المكان، فامتلأت الوديان بالمياه العذبة، وتراقصت الأشجار على وقع النسيم، وبدأت الطبيعة ترسم لوحتها الخلابة من جديد.

من واحة إلى أخرى، ومن جبل إلى سفح، يسير الزائر في دهشة بين مشاهد لا تشبه إلا الحلم، الضباب يلف القمم في هدوء كأن السماء تنزل لمداعبة الأرض، والمروج الواسعة تتمايل كأمواج البحر بلونها الأخضر اللامع، فيما تتردد زقزقة الطيور في الأفق وكأنها تحتفل بعودة الحياة إلى حضن الأطلس. كل مسار جبلي، كل منعطف في الوادي، صار لوحة تنتظر من يلتقطها بعدسة أو يخبئها في ذاكرة لا تُنسى.

في غضون أيام قليلة، تحول إقليم تنغير إلى مقصد لعشاق الطبيعة الباحثين عن الصفاء، الهاربين من صخب المدن إلى سكون الجبال. الزوار يتقاطرون من كل حدب وصوب، لا ليكتفوا بالمشاهدة، بل ليعيشوا تجربة حقيقية بين الطبيعة البكر، حيث لا شيء يعلو فوق صوت الماء والريح ورائحة الأرض المبللة.

ويشهد القطاع السياحي بإقليم تنغير دينامية موسمية لافتة تنعكس بوضوح على نسب الإشغال بمؤسسات الإيواء السياحي، حيث تسجل أعلى معدلات الإقبال خلال ثلاث فترات رئيسية من السنة، وفق الإحصائيات الرسمية التي توصلت بها جريدة هسبريس الإلكترونية.

ففي الفترة الممتدة من فاتح مارس إلى نهاية شهر ماي، بلغت نسبة الملء بالمؤسسات السياحية بالإقليم حوالي 60 في المائة، مدفوعة بتحسن الأحوال الجوية وتزايد أنشطة السياحة الجبلية والواحات. وتعد هذه المرحلة من أكثر الفترات انتعاشا بالنظر إلى تزامنها مع العطل الربيعية وتزايد وفود السياح الأجانب.

أما الفترة الثانية من الموسم المرتفع، التي تمتد من فاتح شتنبر إلى متم أكتوبر، فتعرف نسبة إشغال تقدر بحوالي 45 في المائة، حيث تستقطب المنطقة فئة من الزوار الباحثين عن الهدوء والمناظر الطبيعية بعد انتهاء موسم الذروة الصيفي، في حين تستعيد الوجهة السياحية لتنغير زخمها خلال فترة أعياد نهاية السنة، من 20 دجنبر إلى 15 يناير، إذ ترتفع نسبة الإقبال مجددا إلى حوالي 60 في المائة، ما يعكس جاذبية الإقليم في مختلف الفصول، ويؤكد أهمية تطوير البنية التحتية والخدمات السياحية لتلبية الطلب المتزايد وتعزيز تنافسية المنطقة على المستوى الوطني والدولي.

وفي تصريح لهسبريس، قال الحسين باعلي، صاحب دار ضيافة في منطقة تودغى، إن الموسم الحالي يعد من بين الأفضل في السنوات الأخيرة، مضيفا أن “الطبيعة استعادت جمالها، والماء عاد إلى الوديان، وهذا ساهم في جذب السياح بشكل لافت”، وزاد قائلا: “تلقينا حجوزات حتى من مغاربة الخارج، وهذا لم يكن يحدث بهذا الحجم سابقا”، مؤكدا أن العامل البيئي أصبح اليوم محددا رئيسيا في قرار السفر لدى الزوار.

من جهتها، أعربت سارة، سائحة فرنسية قدمت رفقة زوجها في رحلة استكشافية عبر الجنوب الشرقي، عن اندهاشها بسحر تنغير، قائلة: “هذه أول مرة أزور فيها المغرب، لم أكن أتوقع هذا الغنى الطبيعي والثقافي”، مضيفة: “المناظر هنا ساحرة والناس لطفاء، إنها تجربة لا تنسى. سأعود بالتأكيد مرات أخرى”.

أما محمد أمين، شاب مغربي ينحدر من مدينة الدار البيضاء، فقد أوضح أن زيارته لتنغير كانت قرارا عفويا، لكنه يعتبرها من أجمل الرحلات التي قام بها داخل الوطن، وقال: “الهروب من ضجيج المدينة إلى حضن الجبال هو ما نحتاجه لاستعادة التوازن النفسي”، مؤكدا أن “إقليم تنغير يوفر للزوار كل شيء: الهدوء، الجمال، وأصالة الحياة”.

وفي الجانب المهني، دعا أحمد بنطالب، فاعل سياحي أحد المهتمين بالترويج للوجهات الجبلية، إلى الاستثمار في البنية التحتية الطرقية وتحسين جودة الخدمات داخل بعض المؤسسات المحلية، قائلا: “لدينا منتوج طبيعي وسياحي قوي، لكن تنقصنا بعض الآليات للتسويق، كما أن التكوين المهني في المجال السياحي يجب أن يحظى بعناية أكبر لضمان جودة الاستقبال والخدمات”.

وأضاف: “في هذا السياق، يبرز دور الإعلام الوطني، سواء العمومي أو الخاص، كعنصر محوري في دعم الإشعاع السياحي للمناطق الداخلية، وعلى رأسها إقليم تنغير، من خلال تسليط الضوء على ما تزخر به من مؤهلات طبيعية وثقافية وإنسانية.

وأكد المتحدث نفسه أن الإعلام لا يعد فقط وسيلة لنقل الخبر، بل “أصبح شريكا في التنمية، تقع على عاتقه مسؤولية التعريف بالوجهات السياحية البديلة، وتشجيع السياحة الداخلية، عبر إنتاج محتوى مهني وهادف يعكس غنى وتنوع التراث المغربي، ويسهم في تعزيز جاذبية المناطق التي ظلت لعقود خارج دائرة الاهتمام الإعلامي”، مشيرا إلى أن إبراز جمال تنغير وتنوعها الثقافي والبيئي، عبر مختلف الوسائط الإعلامية، من شأنه أن يمنحها المكانة التي تستحقها ضمن خارطة السياحة الوطنية والدولية.

وفي سياق متصل، عبرت ليلى بنعمر، مرشدة سياحية تنحدر من المنطقة، عن ارتياحها للانتعاش الذي يشهده القطاع، مشيرة إلى أن “الطلب المرتفع على الجولات الجبلية والواحاتية يعكس شغف السياح بالتجارب الأصيلة، وهذا يتطلب منا كمهنيين تعزيز قدراتنا وتطوير عروضنا السياحية بما يحترم البيئة ويثمن التراث المحلي”.

مصدر مسؤول تابع لوزارة السياحة بالجهة قال من جانبه إنه في ظل الانتعاش السياحي الذي يشهده إقليم تنغير على غرار باقي أقاليم الجهة، “تبذل مختلف الأطراف المتدخلة، من سلطات إقليمية ومجالس منتخبة ومندوبيات قطاعية، مجهودات حثيثة من أجل تطوير العرض السياحي المحلي، من خلال تنويع الأنماط السياحية المتاحة، بما في ذلك السياحة الإيكولوجية، والسياحة الجبلية، والسياحة الثقافية”.

وأضاف أن هذه الجهات “تعمل على تحسين جودة الخدمات المقدمة، وتوفير فضاءات استقبال جديدة تستجيب لمتطلبات السياح المغاربة والأجانب على حد سواء، وتسجل في هذا الإطار مبادرات لتأهيل المسارات الجبلية، وتثمين الواحات، وإحداث نقط جذب سياحي جديدة، إلى جانب تشجيع الاستثمار المحلي في قطاع الإيواء والمرافق الترفيهية بما ينسجم مع الخصوصيات البيئية والثقافية للمنطقة”.

وذكر المسؤول ذاته أن هذه الدينامية التنموية، التي يشرف عليها عامل إقليم تنغير بتنسيق مع الشركاء المؤسساتيين، “تعكس وعيا جماعيا بأهمية جعل السياحة رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة”، داعيا في الوقت نفسه جميع أصحاب المؤسسات السياحية ودور الضيافة إلى الانخراط في تنصيف مؤسساتهم السياحية، والتصريح بالعدد الحقيقي للسياح للجهات المختصة من أجل تفادي تقديم معطيات وأرقام مغلوطة حول القطاع السياحي من شأنها جعل الشركات السياحية العالمية تخشى من الاستثمار بسبب الأرقام المنخفضة غير الصحيحة.

ويأمل العديد من سكان الإقليم أن تساهم هذه الدينامية في خلق فرص شغل إضافية وتثبيت الشباب في مناطقهم، بدل الهجرة نحو المدن الكبرى؛ فقد أشار عبد الصمد، فلاح صغير من منطقة آيت سدرات، إلى أن “السياحة أصبحت مصدر دخل مهم للعديد من الأسر، وعودة الحياة إلى الطبيعة تعني عودة الأمل في مستقبل أفضل”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق القبض على المسؤول التنفيذي بالشركة المتسببة في انفجار خط الغاز بمدينة 6 أكتوبر
التالى البنك يضرب بيراميدز برباعية ويقرب الأهلي من لقب الدوري