أخبار عاجلة

الاقتصاد الأميركي بين الحماية والانكماش: ماذا تكشف سياسات الرسوم الجمركية؟

الاقتصاد الأميركي بين الحماية والانكماش: ماذا تكشف سياسات الرسوم الجمركية؟
الاقتصاد الأميركي بين الحماية والانكماش: ماذا تكشف سياسات الرسوم الجمركية؟

02:13 م - الخميس 21 أغسطس 2025

تُعَدّ الرسوم الجمركية إحدى الأدوات الأبرز في السياسة الاقتصادية الأميركية خلال السنوات الأخيرة، حيث أعيد إحياؤها بقوة تحت شعار "إعادة التوازن" للتجارة الدولية وحماية الصناعات المحلية. غير أن التجربة العملية أظهرت أن هذه الآلية تحمل وجهين متناقضين: أحدهما يعكس حماية مؤقتة لبعض القطاعات، والآخر يكشف عن أعباء واسعة على الاقتصاد والمجتمع.

abe

من زاوية أولى، مثلت الرسوم الجمركية درعًا واقيًا لعدد من الصناعات التي عانت طويلاً من المنافسة الأجنبية الرخيصة، خاصة قطاعي الصلب والألومنيوم وبعض خطوط إنتاج السيارات. فقد أدت زيادة تكاليف الواردات إلى تراجع حصة السلع الأجنبية وفتح مجال أكبر أمام المنتج المحلي لاستعادة جزء من السوق. كما أن الإيرادات الجمركية التي حققتها وزارة الخزانة الأميركية، والتي بلغت عشرات المليارات من الدولارات، ساعدت الحكومة على تعويض جزء من العجز المالي الناتج عن تخفيضات الضرائب وزيادات الإنفاق العام.

لكن الصورة على المستوى الكلي تبدو أكثر تعقيدًا. فارتفاع تكاليف الاستيراد انعكس سريعًا على الأسعار النهائية للسلع في السوق المحلية، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمستهلك الأميركي. كذلك، وجدت الشركات نفسها أمام ارتفاع ملحوظ في تكاليف الإنتاج نتيجة الاعتماد على مواد أولية أو مكونات مستوردة، الأمر الذي قلل من تنافسيتها العالمية وأبطأ وتيرة نموها. في بعض الحالات، اضطرت شركات صغيرة ومتوسطة إلى تقليص أنشطتها أو خفض العمالة لمواجهة هذه الضغوط.

الأثر الأبرز ظهر في التجارة الدولية، حيث ردت دول كبرى كالصين والاتحاد الأوروبي بفرض رسوم مضادة على المنتجات الأميركية، ما أدى إلى تصاعد حدة التوتر التجاري. وبدلاً من تقليص العجز التجاري الأميركي كما كان متوقعًا، شهدت بعض الفترات زيادة في هذه الفجوة، نتيجة تباطؤ الصادرات وتراجع الطلب العالمي على المنتجات الأميركية.

من منظور مالي، ساهمت الرسوم في تحقيق عوائد آنية للخزانة، غير أن هذا الأثر قصير الأجل لم يكن كافيًا لتغيير مسار الدين العام المتصاعد، والذي يقترب من مستويات قياسية تتجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي. في الوقت نفسه، أدى ارتفاع العائد على السندات الأميركية إلى زيادة كلفة خدمة الدين، ما يحد من المكاسب التي وفرتها الرسوم الجمركية.

المعادلة إذن تتضح: وفرت الرسوم الجمركية مظلة محدودة لبعض الصناعات، لكنها فرضت في المقابل تكلفة اقتصادية واسعة النطاق على المستهلكين، الشركات، والمكانة التجارية الدولية للولايات المتحدة. وإذا كانت هذه السياسات قد نجحت في تسجيل نقاط مرحلية لصالح قطاعات بعينها، فإنها لم تتمكن من صياغة مسار مستدام يعزز النمو أو يحقق توازنًا تجاريًا طويل الأمد.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ودائع البنوك الإسلامية ترتفع إلى 661.40 مليار جنيها بنهاية يونيو 2025
التالى مصرف أبوظبي الإسلامي الأسرع نموًا بودائع البنوك الإسلامية بنهاية يونيو 2025