في عالم الإنترنت السريع الذي نعيش فيه اليوم، أصبحت الامتدادات المجانية لمتصفحات الويب مثل جوجل كروم رفيقًا يوميًا لملايين المستخدمين، تقدم حلولًا سريعة لمشكلات الخصوصية والأمان دون تكلفة ظاهرة.
تخيل أنك تبحث عن طريقة بسيطة لحماية بياناتك أثناء التصفح، فتقع على امتداد يُدعى FreeVPN.one، الذي يُروج نفسه كشبكة VPN مجانية غير محدودة، قادرة على إخفاء عنوان IP الخاص بك وتشفير اتصالك بالإنترنت. هذا الامتداد، الذي حصد أكثر من 100،000 تنزيل من متجر كروم الرسمي، وحصل على شارة "الموثق" و"المميز" من جوجل نفسها، أصبح خيارًا مفضلًا لدى الكثيرين الذين يريدون الخصوصية دون إنفاق دولار واحد. لكن، كما يقول المثل، إذا كان المنتج مجانيًا، فأنت المنتج! وهذا بالضبط ما كشفته تقارير أمنية حديثة، حيث تحول هذا الامتداد الذي يحبه الجميع إلى أداة تجسس خفية، تُهدد خصوصيتك بطريقة مرعبة.
من المهم العودة إلى الأساسيات من أجل فهم الخطورة. VPN، أو الشبكة الخاصة الافتراضية، هي أداة تعمل كوسيط بين جهازك والإنترنت، ترسل بياناتك عبر سيرفرات آمنة لإخفاء هويتك الرقمية. إذا حاول موقع إلكتروني أو هكر تتبعك، فسيشاهدون فقط عنوان الـ VPN المشترك، مما يجعلك تختفي في حشد من المستخدمين. هذا التعريف البسيط يجعل الـ VPN خيارًا شائعًا للحماية من التجسس، خاصة في عصر البيانات الكبيرة حيث يُباع كل شيء عنك. لكن، كما يحذر الخبراء دائمًا، الـ VPN المجانية غالبًا ما تكون حقلًا من الألغام، مليئة بالمخاطر الخفية مثل بيع بياناتك أو إصابتك ببرمجيات ضارة.
وفي حالة FreeVPN.one، تجاوز الأمر كل التوقعات، حيث كشف تقرير صادر عن شركة Koi Security في 19 أغسطس 2025 أن الامتداد يقوم بأخذ لقطات شاشة سرية لكل صفحة ويب تزورها، بما في ذلك مواقع البنوك، البريد الإلكتروني، وحتى مكالمات الفيديو الخاصة.
الأمر الأكثر رعبًا هو كيف بدأ هذا السلوك الضار. وفقًا للباحثين في Koi Security، كان الامتداد يعمل بشكل طبيعي في البداية، لكنه تلقى تحديثات متعمدة بدءًا من يوليو 2025، أدخلت رموزًا خبيثة تسمح بأخذ لقطات شاشة تلقائية بعد ثوانٍ قليلة من تحميل أي صفحة. هذه اللقطات لا تُحفظ محليًا فحسب، بل تُرسل إلى سيرفرات خارجية غير معروفة، دون أي إذن من المستخدم. تخيل أن شخصًا ما يرى كلمات مرورك، تفاصيل بطاقتك الائتمانية، أو حتى صورك الشخصية من تطبيقات مثل Google Photos أو سجلاتك الطبية! التقرير يصف هذا بأنه "كابوس لكل شخص يهتم بالخصوصية الرقمية"، خاصة أن الامتداد كان مصممًا أصلًا للحماية من مثل هذه الانتهاكات. وما يزيد الطين بلة هو أن المطورين توقفوا عن الرد على استفسارات الباحثين، مما يثير شكوكًا حول نواياهم الحقيقية – هل هو خطأ برمجي أم عملية تجسس مدروسة؟
هذا الاكتشاف لم يأتِ من فراغ؛ فقد أجرى خبراء Koi Security تحليلًا عميقًا لرموز الامتداد، واكتشفوا كيف يعمل في الخلفية لالتقاط الصور دون إثارة أي إنذارات أمنية. الامتداد، الذي كان يُروج كـ "VPN مجاني غير محدود"، تحول إلى برمجية تجسس حقيقية، مما أثار موجة من الذعر في مجتمع الأمن السيبراني. تخيل صوت 100،000 شخص يصرخون في وقت واحد عندما يدركون أنهم تعرضوا للخداع! ومع انتشار الامتداد على نطاق واسع، يعني ذلك أن عشرات الآلاف قد يكونون قد فقدوا خصوصيتهم دون أن يعلموا. هذا الحادث يذكرنا بقصص سابقة عن امتدادات كروم خبيثة، لكنه يبرز مشكلة أكبر: كيف يمكن لجوجل، عملاق التكنولوجيا، أن تمنح شارة الثقة لشيء كهذا؟ هل هناك فجوات في عملية التحقق؟
أمام هذه الكارثة الرقمية، ينصح الخبراء باتخاذ إجراءات فورية: أزل الامتداد من متصفحك على الفور، قم بفحص جهازك ببرامج مكافحة الفيروسات الموثوقة مثل Malwarebytes أو ESET، وغير كلمات مرور جميع حساباتك التي استخدمتها أثناء وجوده. لكن، لا تتوقف عند ذلك؛ فالدرس الأكبر هو عدم الثقة بالمنتجات المجانية دون تحقق. بدلًا من ذلك، يُفضل اللجوء إلى خدمات VPN موثوقة وشفافة مثل Proton VPN، الذي يقدم نسخة مجانية آمنة ومُختبرة، دون مخاطر خفية. Proton VPN، الذي يديره خبراء سويسريون، يركز على الخصوصية الحقيقية، مع سياسة عدم تسجيل السجلات ودعم من مجتمع مفتوح المصدر. إذا كنت تستطيع الدفع، فالنسخة المدفوعة توفر ميزات إضافية مثل سيرفرات أسرع ودعم لأجهزة متعددة. في النهاية، هذا الحادث ليس مجرد فضيحة تقنية، بل تذكير قاسٍ بأن الخصوصية في العالم الرقمي ليست مجانية دائمًا – وأن الثمن قد يكون بياناتك الشخصية.
