أخبار عاجلة

اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص بلا إنتاج منذ 15 عامًا.. هل تنقذها مصر قريبًا؟

اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص بلا إنتاج منذ 15 عامًا.. هل تنقذها مصر قريبًا؟
اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص بلا إنتاج منذ 15 عامًا.. هل تنقذها مصر قريبًا؟

اقرأ في هذا المقال

  • قبرص دولة صغيرة مساحتها أقل من 10 آلاف كلم، وسكانها أقل من 1.4 مليون نسمة
  • اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص بدأت منذ عام 2011، وكان أولها حقل أفروديت
  • احتياطيات الغاز القبرصية القابلة للاستخراج تجاوزت 15 تريليون قدم مكعبة
  • شيفرون وإكسون وشل وإيني وتوتال أبرز الشركات الكبرى العاملة في قبرص
  • قبرص ما زالت حائرة بين إستراتيجيات استغلال الإنتاج الضخم للحقول المكتشفة
  • تسييل الغاز وتصديره مباشرة فكرة تظهر على السطح وتختفي منذ 2012
  • إرسال الغاز القبرصي إلى مصر الفكرة الأقرب المطروحة على الطاولة منذ سنوات
  • جولة محادثات جديدة والقرار النهائي لتصدير الغاز القبرصي إلى مصر نهاية 2025

ما تزال اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص تبحث عن بصيص أمل للتحول إلى الإنتاج الفعلي بعد مرور عقد ونصف على إعلان أوّلها من قبل شركات التنقيب الأجنبية الكبرى.

وبحسب تقرير حديث –اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن- فقد بلغ حجم احتياطيات الغاز الطبيعي المكتشفة في قبرص قرابة 15 تريليون قدم مكعبة حتى الآن.

وكان حقل أفردويت أول اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص عام 2011، وقُدِّرت احتياطياته بنحو 3.5 تريليون قدم مكعبة.

وأعقب ذلك اكتشافات أخرى كبرى من بينها حقل غلاكيوس باحتياطيات تصل إلى 3.2 تريليون قدم مكعبة، وحقل بيغاسوس باحتياطيات تتجاوز 5 تريليونات قدم مكعبة.

كما تضم اكتشافات الغاز في قبرص حقولًا مكتشفة خلال السنوات القليلة الماضية، مثل حقل كرونوس باحتياطيات تصل إلى 3.1 تريليون قدم مكعبة، وحقل زيوس باحتياطيات تتجاوز تريليوني قدم مكعبة، وحقل كاليسبو المُقدَّر باحتياطيات تتجاوز تريليون قدم مكعبة.

ورغم أن مجموع هذه الاحتياطيات يتجاوز 17.8 تريليون قدم مكعبة، فإن تقديرات بعض الحقول ليست كلّها قابلة للاستخراج، ما يُرجّح أن يكون الرقم الأقرب هو 15 تريليون قدم مكعبة، بحسب التقرير.

اكتشافات الغاز في قبرص

رغم صغر حجم قبرص الذي يقل عن 10 آلاف كيلومتر، فإنها تتمتع بموقع جغرافي مميز شرق البحر المتوسط، فضلًا عن عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

كما يعمل في قبرص عدد كبير من شركات الطاقة الأميركية والأوروبية الكبرى، أبرزها شيفرون، وإكسون موبيل، وشل، وتوتال إنرجي، وإيني، إضافة إلى قطر للطاقة، وكلّها تمتلك حصصًا في المياه القبرصية، وحققت اكتشافات غازيّة ضخمة خلال السنوات الـ15 الماضية.

ورغم اكتشافات الغاز في قبرص المعلنة منذ عام 2011، فلم تستطع الدولة الجزيرة إنتاج أيّ غاز حتى الآن، كما لم تستكمل أيّ بنية تحتية متعلقة بالغاز، بحسب تقرير نشره موقع بوليتس المحلي.

ويُعزى ذلك إلى عدّة أسباب أبرزها، تضارب المصالح، والتوترات الجيوسياسية في منطقة شرق البحر المتوسط، وضعف الحكومات المتعاقبة، بحسب التقرير.

وبدأت أولى محاولات تحول قبرص إلى الغاز منذ عقدين أو أكثر، حيث كانت البلاد تفكر في بناء بنية تحتية لاستيراد الغاز المسال منذ عام 2004.

واستمرت المحادثات مع شركات مختلفة حتى عام 2008، عبر تحالف تقوده شركة شل، واستطاع إقناع حكومة البلاد وقتها ببناء محطة برية لاستيراد الغاز المسال، لكن ضغوطًا سياسية من جهات مختلفة دفعت إلى إلغاء صفقة شل التي كانت تنص على تزويد قبرص بالغاز المسال لمدة 20 عامًا.

منصة تنقيب بحرية في قبرص
منصة تنقيب بحرية في قبرص -الصورة من euractiv

وكان السبب الذي أعلنته الحكومة وقتها هو وجود اكتشافات غاز يُحتمل إعلانُها -قريبًا- في كل من إسرائيل وقبرص، ما قد يحوّلها إلى مصدر للغاز، وليس مستوردًا.

وبالفعل، حققت شركة نوبل إنرجي الأميركية المستقلة 3 اكتشافات متتالية شرق البحر المتوسط في أعوام 2009، و2010، و2011، أول اثنين منهما كانا في إسرائيل، وهما حقل تمار الذي يحتوى احتياطيات تصل إلى 14 تريليون قدم مكعبة، وحقل ليفياثان الذي تتجاوز احتياطياته 22 تريليون قدم مكعبة.

بينما الحقل الثالث في قبرص، المعروف باسم (أفروديت)، يضم احتياطيات غاز طبيعي تُقدَّر بنحو 3.5 تريليون قدم مكعبة.

وكانت المشكلة أن السوق الإسرائيلية صغيرة بالنظر إلى حجم السكان الذي لا يتجاوز 10 ملايين نسمة، ما أدى إلى حصول الاكتفاء من حقل تمار إلى حدّ كبير.

بينما ظلّ حقلا ليفياثان وأفروديت دون سوق -تقريبًا-، خاصة أن احتياجات قبرص من الغاز ضئيلة جدًا، ولا تتجاوز مليار متر مكعب سنويًا، بالنظر إلى عدد السكان الذي يقل عن 1.4 مليون نسمة، بحسب التقرير.

وتعادل احتياجات قبرص من الغاز الطبيعي قرابة 1% من احتياطيات حقل أفروديت وحده، الذي يكفي لتلبية الطلب 100 عام على الأقل.

وإذا أضيف إلى ذلك احتياطيات اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص، التي وصلت إلى 15 تريليون قدم مكعبة، تصبح المشكلة أعقد بكثير مما سبق، ما يجعل البحث عن أسواق مسألة مصيرية.

تحديات مشروع تسييل الغاز القبرصي وتصديره

ظلّت اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص تبحث عن أسواق، فعدد السكان ضئيل، ولا يُعوَّل عليه في الاستهلاك، كما أن السوق الإسرائيلية المجاورة صغيرة -أيضًا- ولديها حقول ضخمة تبحث هي الأخرى عن أسواق.

وكانت الفكرتان الأساسيتان في ذلك تصدير الغاز إلى دول الجوار عبر الأنابيب أو تسييله مباشرة وبيعه في صورة غاز مسال إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية.

واقترح تحالف تقوده صناديق استثمار عالمية على الحكومة القبرصية في عام 2012 بناء محطة برية لتصدير الغاز المسال تجمع بين حقلي أفروديت وليفياثان، خاصة بعد امتناع إسرائيل عن تبنّي الفكرة نفسها لمخاوف أمنية، ما جعل قبرص الخيار الأمثل لتنفيذها، بحكم الجوار الجغرافي والعلاقات الودّية، فضلًا عن النفوذ السياسي المكتسب من عضويتها في الاتحاد الأوروبي.

ورغم ترحيب رئيس الحكومة ديميتريس خريستوفياس بهذا المقترح عام 2012، فقد سقطت حكومته في العالم التالي، ليصعد نيكوس أناستاسيادس، وتبدأ جولة محادثات جديدة ذات طابع فني حول المشروع.

ففي يونيو/حزيران من عام 2013، قدّم خبراء الهندسة في شركة تكنيب الإيطالية دراسة هندسية لكيفية بناء محطة تصدير الغاز المسال المقترحة.

كما وقّعت الحكومة خلال الشهر نفسه مذكرة تفاهم مع شركاء حقل أفروديت (نوبل الأميركية، وديليك وأفنر الإسرائيليتين) تمهيدًا للوصول إلى اتفاقية ملزِمة حول المشروع بحلول ديسمبر/كانون الأول 2013.

وفي أبريل/نيسان 2014، أعلن دويتشه بنك الألماني استعداده لقيادة تحالف أوروبي لتمويل المشروع، ما وفَّر بيئة مناسبة للشركاء لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي الخاص بالمحطة.

ورغم تحمُّس الحكومة للفكرة خلال هذه السنوات، وترويج شركة نوبل لأهميته، فقد حُوِّلَ مساره بصورة غير متوقعة إلى مجالات اهتمام أخرى، ما أسهم في شيوع أقوال بأن إلغاء المشروع صدرَ من جهات عليا.

وأعقب ذلك سنوات من الركود، تعرضت فيها شركة نوبل لضائقة مالية دفعتها لإعلان عدم قدرتها على التطوير المستقل أو المنفرد لاحتياطيات حقل أفروديت، ما أدى إلى إعادة التفاوض حول شروط تقاسم الإنتاج بالعقد في عام 2019.

ورغم أن الشروط الجديدة كانت مشجعة لتسريع خطط تطوير الحقل، فقد أدى استحواذ شركة شيفرون الأميركية على نوبل بعد عام واحد إلى مزيد من التأخير في الخطط، حيث أرادت الشركة الأميركية إعادة النظر في المشروع واقتراح خطة تطوير جديدة.

وقد أدى التأخير في خطط تطوير الحقل إلى تأجيل موعد بدء الإنتاج المقرر بين عامي 2025 و2026، إلى عام 2031، أي بعد 20 عامًا من اكتشاف الحقل.

تحديات إرسال الغاز القبرصي إلى مصر

طرحت شركة شيفرون خطة جديدة لتطوير حقل أفروديت تشمل بناء وحدة إنتاج عائمة متصلة بخط أنابيب يصل إلى البنية التحتية البرية في مصر.

وتتوافق هذا الخطة مع اتجاه سياسي بارز بين أعضاء الحكومة يرى الحل الأمثل لاستغلال موارد اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص عبر التوجه إلى مصر، ذات السوق الكبرى في المنطقة وصاحبة الموقع الجغرافي المميز والبنية التحتية الجاهزة لتسييل وتصدير الغاز إلى أوروبا.

وبحسب تصريحات وزير الطاقة القبرصي جورج باباناستاسيو، تخطط البلاد لتوجيه إنتاج حقل أفروديت المكتشف عام 2011، وحقل كرونس المكتشف على يد إيني الإيطالية في 2022، إلى مصر.

وحتى أحدث اكتشاف (حقل بيغاسوس) الذي أعلنته إكسون موبيل –يوليو/تموز 2025- باحتياطيات محتملة قابلة للاستخراج تصل إلى 3.2 تريليون قدم مكعبة، قد يتجه إنتاجه إلى مصر -أيضًا-.

وزير الطاقة القبرصي جورج باباناستاسيو
وزير الطاقة القبرصي جورج باباناستاسيو - الصورة من cyprus-mail

ورغم ذلك، فإن إرسال كل الغاز القبرصي إلى مصر ينطوي على مخاطرة، نظرًا للصعوبات المالية التي تواجهها القاهرة، ما قد يحدّ من قدرتها على الدفع إذا قررت تحويل الغاز القادم من نيقوسيا إلى السوق المحلية.

ويفترض مشروع التصدير لمصر أن الغاز القبرصي من حقلي كرونوس وأفروديت على الأقل سيتجه إلى محطتي إسالة مصريتين على ساحل البحر المتوسط، تمهيدًا للتسييل والتعبئة في الناقلات المتجهة إلى السوق الأوروبية غالبًا، وآسيا إلى حدّ ما.

وإذا واجهت مصر نقصًا في إمدادات الغاز المحلي، واضطرت لتوجيه جزء من الغاز القبرصي للسوق المحلية، فقد تحدث مشكلات في التسعير وشروط الدفع ومواعيده، ما قد يربك حسابات قبرص وشركائها الأجانب، بحسب محلل شؤون شرق المتوسط في موقع ميس المتخصص بيتر ستيفنسون.

ويعتقد المحلل أن اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص وما تحويه من احتياطيات كبيرة، أصبحت كافية لإحياء مشروع بناء محطة برية خاصة لتصدير الغاز المسال أو حتى منشأة عائمة، إذ كانت الحجة السابقة التي يتداولها المسؤولون القبارصة أن حقل أفروديت وحده ليس مجديًا لإنشاء محطة تسييل خاصة تتجاوز تكلفتها 10 مليارات الدولارات.

ومع وصول حجم الاحتياطيات إلى 15 تريليون قدم مكعبة بفضل اتّساع الاكتشافات، أصبح الاستثمار في تشييد بنية تحتية لتسييل الغاز وتصديره ذا جدوى اقتصادية أكثر من قبل.

وكان وزير الطاقة الحالي جورج باباناستاسيو قد طرح منذ عامين -بعد تولّيه المنصب- فكرة بوابة قبرص التي تستند إلى ربط الغاز الإقليمي بقبرص وتصديره إلى أوروبا في صورة غاز مسال، لكن الفكرة تبخّرت لصالح خطط إرسال الغاز إلى مصر التي لا تروق للمحلل بيتر ستيفنسون.

ويُعزى سيتفنسون تردُّد الحكومة القبرصية في تبنّي مشروع تصدير الغاز المسال الخاص إلى الخوف من إغضاب تركيا، إلى جانب عوامل أخرى، ما يجعل قبرص أشبه بقطعة شطرنج تُحرِّكها القوى الإقليمية والعالمية، على حدّ تعبيره.

أحدث تطورات المفاوضات بين مصر وقبرص

أعلن وزراء قبارصة ومصريون -يوم الجمعة 5 سبتمبر/أيلول 2025- أن القرار النهائي بشأن تصدير الغاز القبرصي إلى مصر من حقل كرونوس قد يُتخذ هذا العام، مع توقُّع بدء التصدير في عام 2027، بحسب تفاصيل نقلها موقع بوليتس المحلي.

جاء ذلك في لقاء جمع وزيري الخارجية والطاقة المصريين بدر عبدالعاطي وكريم بدوي، مع نظيريهما القبرصيين في العاصمة نيقوسيا لاستكمال المحادثات بشأن عدد من القضايا، أبرزها ملف الغاز.

جانب من لقاء وزيري الخارجية والطاقة المصريين مع نظرائهم في قبرص 5 سبتمبر/أيلول 2025
جانب من لقاء وزيري الخارجية والطاقة المصريين مع نظيريهما في قبرص 5 سبتمبر/أيلول 2025 - الصورة من cyprus-mail

وقال وزير الطاقة القبرصي جورج بابانستاسيو، إن قرار الاستثمار النهائي في تطوير حقل كرونوس المكتشف عام 2022، الذي تشارك فيه مصر وتحالف إيني وتوتال، قد يُتخذ بحلول نهاية عام 2025، بينما يستهدف الإنتاج في 2027.

من جانبه، قال وزير البترول المصري كريم بدوي، إن القاهرة مستعدة لتسريع عملية نقل الغاز الطبيعي من هذا الحقل إلى منشآت التسييل المصرية، ومنها إلى أوروبا، بحلول عام 2027.

ورغم أن المحادثات ركّزت على حقل كرونوس، فقد جرت مفاوضات بشأن تطوير حقل أفروديت وربطه بالبنية التحتية لمنشآت التسييل في مصر، بحسب بدوي الذي أشار إلى حدوث تقدُّم كبير في هذا الشأن.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. تحليل تسويق اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص، من موقع بوليتس المحلي
  2. تفاصيل المحادثات الجديدة بين مصر وقبرص، من موقع محلي
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق اكتشافات الغاز الضخمة في قبرص بلا إنتاج منذ 15 عامًا.. هل تنقذها مصر قريبًا؟
التالى طاقة الرياح البحرية في أميركا تواجه "مقصلة" ترمب.. التراخيص مقابل "البيئة" (مقال)