مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة في عدد من مناطق المملكة يعود إلى الواجهة الحديث عن الارتفاع في حالات الإسهال والقيء، خصوصًا بين الأطفال والرضع. وبين من يُرجع هذه الظواهر إلى التسممات الغذائية أو العدوى الفيروسية، ومن يُحمّل حرارة الصيف وسوء تدبير السلسلة الغذائية المسؤولية، تبرز الحاجة إلى توضيح علمي للظاهرة وأبعادها الصحية والوقائية.
الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، يؤكد في تصريح لهسبريس أن “الحديث عن تسجيل أعداد كبيرة من حالات الإسهال أو أعراض الجهاز الهضمي يبقى مرهونًا بمعطيات رسمية دقيقة من وزارة الصحة، وهو ما لم يتوفر بعد”، كما شدد على أن “تحديد الأسباب بشكل علمي دقيق يستلزم مراقبة ميكروبيولوجية وطنية، تغطي التراب المغربي، وهي بدورها غير متاحة حاليًا”.
ومع ذلك يوضح حمضي أن فصل الصيف يُعد بيئة خصبة لانتشار اضطرابات الجهاز الهضمي، من قيء وإسهال، نتيجة موجات الحرارة المرتفعة التي تؤثر على الجسم بشكل مباشر، وقد تؤدي إلى الجفاف، الذي بدوره يُحدث أعراضًا هضمية حتى في غياب تسمم غذائي أو عدوى فيروسية.
من جهة أخرى يسجل الباحث ذاته ارتفاعًا في نسب التسممات الغذائية خلال هذه الفترة، ويعزو السبب إلى تأثير درجات الحرارة على الأطعمة، إذ تؤدي الحرارة المرتفعة إلى تسريع تكاثر الميكروبات، في مقابل دور البرودة في الحد من انتشارها، ويُضيف أن نمط الحياة الصيفي، وما يرافقه من تناول الأطعمة في أماكن مفتوحة، وعدم احترام شروط النظافة والتبريد، يساهم في انتشار هذه الأمراض، خاصة مع ضعف المراقبة وغياب السلاسل الباردة التي تحفظ سلامة المنتجات الحساسة، مثل الحليب والمايونيز والمثلجات.
ولا يقتصر الأمر على التسممات، إذ يُشير المتحدث إلى وجود فيروسات معوية مثل: فيروس الروتا الذي يصيب الرضّع والأطفال الصغار، ويسبب نوبات من الإسهال والقيء، وفيروس النوروفيروس الذي يصيب الكبار، ويُعرف أحيانًا باسم “الإنفلونزا المعوية”، رغم عدم ارتباطه بالجهاز التنفسي، وزاد: “رغم أن هذه الفيروسات تنتشر عادة في فصل الشتاء، إلا أنها قد تظهر أيضًا خلال الصيف، وتُحدث الأعراض نفسها، من حرارة وغثيان وإسهال، مما يستدعي الحذر”.
من جهته شدد الدكتور مولاي سعيد عفيف، طبيب الأطفال، على أهمية النظافة، خاصة لدى الأطفال الذين يُعدّون الفئة الأكثر عرضة للخطر، وقال ضمن تصريح لهسبريس: “العديد من الدول توصي بغسل اليدين بالماء والصابون قبل تناول الطعام، مع غسل الفواكه، إذ إن عدم غسلها قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي”.
ونبّه عفيف إلى بعض السلوكات اليومية الخطيرة، مثل تناول المثلجات بعد تعرّضها للشمس، أو الاحتفاظ بسندويتشات تحتوي على المايونيز في ظروف غير مناسبة، ما يُحوّلها إلى بؤر حقيقية للبكتيريا؛ كما دعا المستهلكين إلى تفقد تواريخ صلاحية المنتجات، والانتباه إلى المواد التي توضع أسفل الرفوف في المتاجر، إذ غالبًا ما تكون أقل جودة أو قريبة من تاريخ الانتهاء، مشيرًا إلى تجارب بعض الدول مثل السويد التي تُشجع المستهلك على التحقق بنفسه من جودة المواد الغذائية.
ويلخّص المتحدث الأمر بقوله: “المشكلة لا تتعلق بوجود فيروس في حد ذاته، بل في طريقة تعاملنا مع الأغذية وحفظها في ظروف غير مناسبة، ما يؤدي إلى نمو البكتيريا والفيروسات، ويفاقم من انتشار العدوى”.